مادة العروض
الأبحر ثلاثية التفاعيل المزدوجة: «بحرا المديد والخفيف»
مدخل:
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول اللّه وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد أخي الطَّالب، سلامُ الله عليكَ ورحمته وبركاته، ومرحبًا بك في الدرس الخامس عشر من سلسلة الدُّروس المقرَّرة عليك في إطار مادَّة العروض، لهذا الفصل الدِّراسيّ، آملينَ أن تجدَ فيها كلّ المُتعة والفائدة، وكنا قد تناولنا معًا في الدرس السابق الكلام عن (الأبحر الثلاثية التفاعيل المزدوجة: «بحرا السريع والمنسرح»)، وإليك هذا الدرس الذي تتعرف فيه على (تابع الأبحر ثلاثية التفاعيل المزدوجة: «بحرا المديد والخفيف»)، فأهلًا وسهلًا بك.
ثمرات الدّرس:
عند نهاية هذا الدرس تستطيع بإذن الله أن:
أولًا: تتعرف على بحر المديد من جهة دلالته، وأجزائه، واستعمالاته، وصوره، وما يعتري تفعيلاته من زحاف وعلة.
ثانيًا: تلم ببحر الخفيف من جهة دلالته، وأجزائه، واستعمالاته، وصوره، وما يعتري تفعيلاته من زحاف وعلة.
عناصر الدّرس:
15.1 بحر المديد: دلالته، وأجزاؤه، واستعمالاته، وصوره، وما يعتري تفعيلاته من زحاف وعلة.
15.2 بحر الخفيف: دلالته، وأجزاؤه، واستعمالاته، وصوره، وما يعتري تفعيلاته من زحاف وعلة.
التّعريفات:
1    غشومًا:   الغَشْمُ: الغَصْبُ, والغَشَمْشَمُ: الجَرِيءُ الماضي، وإنه لذُو غَشَمْشَمَةٍ وغَشَمْشَمِيَّةٍ. والغَشْمُ: الاعْتِساف في السَّيْرِ على غيرِ هُدًى, وغَشَمْتُ الأمْرَ على عَواهِنِه، غُشُومًا: رَكِبْته على عَمْياء, والحاطِبُ يَغْشِمُ ليْلًا في الاحْتِطاب.
2    الأحداج:  الفوادج في لغتهم؛ والواحد: حدج، وفودج, والأحداج: مراكب النساء.
15.1 بحر المديد: دلالته، وأجزاؤه، واستعمالاته، وصوره، وما يعتري تفعيلاته من زحاف وعلة:
بحر المديد:
- تسميته:
تعددت الآراء في تسميته، فقيل: لامتداد سببين خفيفين في كل تفعيلة من تفعيلاته السباعية، وقيل: لامتداد الوتد المجموع في وسط أجزائه السباعية، وقيل: لامتداد سباعيِّيه حول خماسيِّيه، وخماسيِّيه حول سباعيِّيه.
بحر المديد:
     العروض       الضرب
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن    صحيحة   فاعلاتن فاعلن فاعلاتن    صحيح
فاعلاتن فاعلن فاعلا = فاعلن  محذوفة   فاعلاتن فاعلن فاعلا = فاعلن  محذوف
فاعلاتن فاعلن فاعلا = فاعلن  محذوفة   فاعلاتن فاعلن فاعلاتْ = فاعلانْ     مقصور
فاعلاتن فاعلن فاعلا = فاعلن  محذوفة   فاعلاتن فاعلن فاعِلْ = فعْلن    أبتر
فاعلاتن فاعلن فعِلا = فعِلن     محذوفة مخبونة فاعلاتن فاعلن  فعِلا = فعِلُن     محذوف مخبون
فاعلاتن فاعلن فعِلا = فعِلن     محذوفة مخبونة فاعلاتن فاعلن فاعِل = فَعْلن    أبتر
- بناؤه وأجزاؤه:
وبناء أبياته على (فاعلاتن) مرتين تتوسطهما (فاعلن)، فيكون الشطر: (فاعلاتن، فاعلن، فاعلاتن).
فإذا تكرر هذا الشطر مرتين حصلت على بيت من بحر المديد؛ وهو لذلك من الأبحر ثلاثية التفاعيل المزدوجة.
1- قال تأبط شرًّا:
بزَّني الدهر وكان غشوما ... بأبيّ جارُهُ ما يذل
ظاعن بالحزم حتى إذا ما ... حل حل الحزم حيث يحل
بزني الدهر (فاعلاتن) ـر وكا (فعلن) ن غشوما (فعلاتن) وهي العروض الصحيحة وإن عراها الخبن، إذ هو غير لازم.
بأبي (فعلاتن) جاره (فاعلن) ما يذلّ (فاعلاتن) وهو الضرب وصحيح أيضًا، وعلى هذا جاء قول المهلهل:
يا لبكرٍ أَنشِروا لي كليبا ... بالبكر أين أين القرار؟
يا لبكر ارحلوا أو أقيموا ... وضح الأمر وبان السرار
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
إن تكن حاولت غيظي بهجري ... فلقد أدْركْت ما قد كفاكا
غير أني -فاعلمَنْ ذاك حقا-: ... لا أرى النعمة حتى أراكا
وأمثالها قليل، كقول أبي العتاهية:
إنَّ دارًا نحنُ فيها لدارٌ ... ليس فيها لمقيمٍ قرارُ
كم وكم حلَّها من أُناسٍ ... ذهب الليلُ بهمْ والنهارُ
فهمُ الركبُ أصابوا مناخًا ... فاستراحوا ساعةً ثم ساروا
وهم الأحباب كانوا ولكن ... قدم العهد وشط المزار
2- (أ) وقال أحد الشعراء (ابن عبد ربه):
يا وميضَ البَرق بين الغَمامْ ... لا عليها بل عليك السلامْ
إنّ في الأحداج مَقْصورةً ... وجهُها يَهْتك سِتْر الظَّلامْ
يا وميض الـ (فاعلاتن) برق بيـ (فاعلن) ـن الغمامْ (فاعلاتْ) وهي العروض، حذف منها ساكن السبب الخفيف وسُكِّن ما قبله، فهي مقصورة -عَرَضًا- للتصريع وأصلها (الحذف)، ومن ثم عادت أعاريض أبيات القصيدة -بعد بيتها الأول- إلى أصلها المحذوف.
لا عليها (فاعلاتن) بل عليـ (فاعلن) ـك السلامْ (فاعلاتْ = فاعلانْ) وهو الضرب، حذف منه ساكن السبب الخفيف وسُكِّن ما قبله، فهو مقصور.
ومنه قول الشاعر:
لا يغرّن امرأً عيشُه ... كل عيش صائر للزوالْ
ولا تكاد تعثر لهذا الوزن على أمثلة من صحيح الشعر العربي.
(ب) مستهام دمعه سائح ... بين جنبيه هوى قادح
حل فيما بين أعدائه ... وهو عن أحبابه نازح
مستهام (فاعلاتن) دمعه (فاعلن) سائح (فاعلا) وتلك العروض، حذف منها السبب الخفيف، فهي محذوفة.
بين جنبيـ (فاعلاتن) ـه هوى (فعِلن) قادح (فاعلا = فاعلن)، وذاك الضرب محذوف كالعروض.
ومنه قول الشاعر:
اعلموا أني لكم حافظٌ ... شاهدًا ما كنت أو غائبا
ولا تكاد تعثر بمثل هذا الوزن.
(ج) أيها الحادي بنا صاديا ... يبتغي بعد الصدى رِيا
منعما عرج على طيئ ... بفتى يهوى لها طيا
أيها الحا (فاعلاتن) دي بنا (فاعلن) صاديا (فاعلا) وهي عروض أصابها الحذف، يبتغي بعـ (فاعلاتن) ـد الصدى (فاعلن) ريا (فاعلْ) ضرب، أصله: (فاعلاتن)، عُرض له الحذف فصار (فاعلا) ثم حذف ساكن الوتد وسكن ما قبله ويسمى هذا قطعًا، فصار (فاعلْ)، واجتماع الحذف والقطع يسمى بترًا، فالضرب أبتر، وهذا النوع نادر جدًّا.
ومنه:
إنما الذلْفَاء ياقوتةٌ ... أخرجتْ من كيس دِهْقانِ
3- (أ) إنما الدنيا أبو دلفٍ ... بين باديه ومحتضرهْ
فإذا ولّى أبو دلفٍ ... ولت الدنيا على أثرهْ
إنما الدنـ (فاعلاتن) ـيا أبو (فاعلن) دُلَف (فعلا)، وهي عروض أصابها الحذف بحذف السبب، والخبن بحذف الثاني الساكن، فهي محذوفة مخبونة، بين باديـ (فاعلاتن) ـه ومحـ (فاعلن) ـتضره (فعلا) وهو ضرب أصابه ما أصاب العروض من حذف وخبن.
ومنه قول طرفة:
للفتى عقلٌ يعيش به ... حيث تهدي ساقَه قدمُهْ
وقد نظم من هذا الوزن جملة مقطوعات، منها قول حافظ إبراهيم:
ما لهذا النجم في السَّحَر ... قَدْ سَهَا من شدة السهرِ
خلته يا قوم يؤنسني ... إن جفاني مؤنس السحرِ
يا لقومي، إنني رجل ... أفنت الأيام مصطبري
أسهرتني الحادثات وقد ... نام حتى هاتف الشجرِ
(ب) قال الأبيوردي:
وظباء من بني أسدٍ ... بهواها القلب مأهولُ
زرن والظلماء عاكفة ... وقناع الليل مسدولُ
وظباء (فعلاتن) من بنى (فاعلن) أسد (فعلا)، وهي العروض أصابها حذف وخبن، بهواها الـ (فعلاتن) ـقلب مأ (فاعلن) هول (فاعلْ) وهو الضرب أصله: (فاعلاتن) حذف منه السبب الخفيف فهو محذوف، ثم اعترى ما بقي منه القطع، فهو مقطوع، أي: إنه أبتر.
ومنه قول عدي بن زيد:
رُبّ نارٍ بت أَرْمقها ... تقضم الهندي والغارَا
ومثل هذا قليل جدًّا في الشعر العربي.
والنتيجة: أن عروض المديد:
1- تكون صحيحة، وضربها صحيحًا.
2- تكون محذوفة، وضربها محذوفًا، أو مقصورًا، أو أبتر.
3- تكون محذوفة مخبونة، وضربها محذوفًا مخبونًا، أو أبتر.
- شواذه:
من شذوذ هذا البحر أن يأتي الضرب صحيحًا (فاعلاتن) للعروض المحذوفة (فاعلن)، نُقل ذلك عن الأخفش، ولم أقع على شاهد له.
ومن شواذه مجيئه مشطورًا، كما في قول الحماسي:
راح يبغي نجوةً ... من هلاكٍ فهلكْ
ليت شعري ضلةً .. أيّ شيء قتلكْ
ليت شعري  ضللتن ... أيي شيئن  قتلكْ
/ه//ه/ه     /ه//ه  ... /ه//ه/ه   ///ه
فاعلاتن      فاعلن ... فاعلاتن    فَعِلُنْ
ومثل هذه الأبيات عند معظم العروضيين من المديد التام، إلا أنها مصرّعة الأبيات، وهي عند الزجاج من مجزوء الرمل، المحذوف الضرب والعروض
- زحافاته وعلله:
يجوز في حشو المديد:
أ- الخَبْن، فتصبح به (فاعلاتن): (فَعِلاتن)، وتصبح (فاعلن): (فَعِلُنْ).
ب- الكفّ، وبه تصبح (فاعلاتُن): (فاعلاتُ).
ج- الشكْل، وبه تصبح (فاعلاتن): (فَعِلاتُ).
وتجري هذه الزحافات وفق قاعدة المعاقبة، فإذا دخل الخبن تفعيلة منه، سلمت التفعيلة التي قبلها من الكف؛ وإذا دخلها الكف، سلمت التفعيلة التي بعدها من الخبن؛ وإذا دخلها الشكل، سلمت التفعيلة التي بعدها من الكف، وما بعدها من الخبن.
وأما بالنسبة إلى علله، فقد ذكرنا ما يجوز منها، وما لا يجوز في تفصيل أضربه وأعاريضه، كـ (الحذف والقصر والبتر...).
- شيوعه واستخدامه، وموقف الباحثين منه:
هذا البحر ثقيل على السمع؛ لذلك تجنبه الشعراء قديمًا وحديثًا، فهو لا يوجد في أكثر دواوين الفحول كامرئ القيس، وزهير، والنابغة، والأعشى، والمتنبي؛ ولذلك قال المعري في لزومياته:
إذا ابْنَا أبٍ واحدٍ أُلفيا ... جوادا وعيرا فلا تعجبِ
فإن الطويل نجيب القريض ... أخوه المديد ولم ينجبِ
واستعمال بحر المديد قليل؛ لثقل فيه «وصورته ظلت في كل العصور مهملة، لم يُعْنَ بها شاعر إلا حين كان يتفكه بمحاولتها في أبيات قليلة في عصر العباسيين ومن بعدهم، ويمكن أن يقال: إن مثل هذا الوزن بقية من بقايا الأوزان القديمة التي اندثرت، وفقدت مكانتها بين أوزان الشعر العربي، والنتيجة واحدة في كلا العرضين هي أنه لا يصح اعتبار هذا الوزن وزنًا قوميًّا للشعر العربي». وهو بالفرض الأول يوافق ضياء الدين الحسني فيما ذهب إليه من اعتباره نوعًا من أنواع الرمل.
- وهو بحر نادر ونمط صعب، هكذا يعلق عليه الدكتور عبد الله الطيب، فيقول عنه في المرشد: «فبحر المديد فيه صلابة ووحشية وعنف، ولا يستبعد أن تكون تفعيلاته قد اقتُبست في الأصل من قرع الطبول التي كانت تدق في الحرب».
ويقول عند الدكتور عبد الله الطيب أيضًا: «وبحر المديد على بساطة نغمه يعسر على الناظم؛ لأن تفعيلاته تتطلب كلمات متقطعة نحو: «يا» «لبكر» «أنشروا» «لي» «كليبا»... وأحسب أن هذا العسر هو الذي جعل الشعراء  يتحامونه. ثم إن مثل هذا التقطع في ذاته شيء لا يقبله الذوق إلا في الحالات النادرة، كموقف الغضب الشديد الذي يسبب التمتمة والعيّ».
- وقد أعجب به نيكلسون جدًّا في أثناء حديثه عن تأبط شرًّا في كتابه الكبير بالإنجليزية عن تاريخ الأدب العربي، وحاول تقليده في اللغة الإنجليزية، ولكنه لم يوفق.
ولطرفة قصيدة منه، مطلعها:
أشجاكَ الربع أَمْ قِدَمُهْ ... أَمْ رمادٌ دارسٌ حِمَمُهْ
ومن أمثلته حائيةٌ لأبي نواس، مطلعها:
من معانيكِ الملاحِ وشاحي ... وصباحي، والمنى، وانشراحي
يقظة البال انطلاق شهيّ ... في أعاليكِ الذرا والبطاحِ
ونونية حافظ إبراهيم، التي مطلعها:
حال بين الجَفْن والوَسَن
حائلٌ، لو شئتَ، لم يكنِ
أنا والأيام تقذف بي
بين مشتاق ومفتتنِ
لي فؤاد فيكَ تنكره
أضلعي من شدة الوهنِ
خاتمة:
- المديد لا يستعمل إلا تامًّا ثلاثي التفاعيل في كل شطر، وإن رأى العروضيون أن هذه صورة مجتزأة وجوبًا من أصله الرباعي، باعتبار دائرته، كما قدمت.
- عروضه تكون صحيحة وضربها صحيح، وتكون محذوفة وضربها محذوف أو مقصور أو أبتر، وتكون محذوفة مخبونة وضربها مثلها أو أبتر، وأكثر صوره استعمالًا الأخيرتان.
- يدخل هذا البحر من الزحاف (الخبن)، وهو حسن، وقد يدخله الكفّ (حذف السابع الساكن من (فاعلاتن))، وهو قليل؛ كقول ابن أبي ربيعة:
رخصةٌ حمراءُ ناعمةٌ ... طفلةٌ كأنها قمرُ
لو سقى الأمواتُ ريقَتَها ... بعد كأس الموت لانتشروا
فالتفعيلة (طفلتن كَ) مكفوفة، ووزنها (فاعلاتُ)، وقد يدخله الشكل على قبح.
- تحليل عروضي لبعض النماذج السابقة:
1- يا لبكر انشروا لي كليبًا ... يا لبكرٍ أين أين الفرار؟
يا لبكرن  انشرو  لي كليبن ... يا لبكرن  أين أين لفرارو؟
/ه//ه/ه   /ه//ه /ه//ه/ه  ... /ه//ه/ه        /ه//ه  /ه//ه/ه
يا لبكرن انشرو  لي كليبن ... يا لبكرن  أين أي  ن لفرارو
فاعلاتن  فاعلن   فاعلاتن ... فاعلاتن   فاعلن    فاعلاتن
والبيت من بحر المديد، والعروض والضرب صحيحان (فاعلاتن).
2- لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المر من ثمره
لا أذود ططير عن شجرن ... قد بلوت لمرر من ثمره
/ه//ه/ه   /ه//ه     ///ه ... /ه//ه/ه     /ه//ه  ///ه
لا أذود ط  طير عن  شجرن ... قد بلوت ل مرر من  ثمره
فاعلاتن  فاعلن     فعلا (فعلن) ... فاعلاتن فعلن    فعلا (فعلن)
والبيت من بحر المديد، وكلٌّ من العروض والضرب محذوف مخبون.
3- غير مأسوف على زمن ... ينقضي بالهم والحزن
غير مأسوفن على زمنن ... ينقضي بلهمم ولحزني
/ه//ه/ه   /ه//ه    ///ه ... /ه//ه/ه  /ه//ه     ///ه
غير مأسو  فن على  زمنن ... ينقضي بل  همم ول  حزني
فاعلاتن   فاعلن   فعلا (فعلن) ... فاعلاتن  فاعلن  فعلا (فعلن)
والبيت من بحر المديد، وعروضه وضربه محذوفان مخبونان كالسابق.
نشاط 15.1:
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
ضع علامة () أمام العبارة الصحيحة وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- البحر المديد لم يرد إلا مجزوءًا: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن *** فاعلاتن فاعلن فاعلاتن.
2- البحر المديد كثير الاستعمال؛ لخفة فيه.
3- البحر المديد له أربع أعاريض، وثمانية أضرب.
4- مفتاح البحر المديد: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن *** فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن.
الإجابات النموذجية:
1- ()، 2- (×)، 3- (×)، 4- ().
15.2 بحر الخفيف: دلالته وأجزاؤه واستعمالاته وصوره وما يعتري تفعيلاته من زحاف وعلة:
بحر الخفيف:
سُمِّي بهذا الاسم؛ لخفته التي واتته من كثرة أسبابه الخفيفة، فهو أخفّ السباعيات لتوالي ثلاثة أسباب خفيفة؛ لأن أول وثاني المفروق فيه لفظ خفيف عقب خفيفين، والأسباب أخف من الأوتاد.
     العروض       الضرب
فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن     تامة صحيحة   فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن     تام صحيح
فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن     تامة صحيحة   فاعلاتن مستفع لن فاعلن  تام محذوف
فاعلاتن مستفع لن فاعلن  تامة محذوفة    فاعلاتن مستفع لن فاعلن  تام محذوف
فاعلاتن مستفع لن   مجزوءة صحيحة     فاعلاتن مستفع لن   مجزوء صحيح
فاعلاتن مستفع لن   مجزوءة صحيحة     فاعلاتن فعولن  مجزوء مقصور مخبون
- أبنيته وأجزاؤه:
تبنى أبيات هذا البحر على تفعيلتين (فاعلاتن، مستفع لن)، ويجيء الشطر الواحد على وزن (فاعلاتن، مستفع لن، فاعلاتن)، ولا يجوز فيه طي (مستفع لن) ذات الوتد المفروق «تَفْعِ». فالخفيف إذن من الأبحر الممتزجة ثلاثية التفاعيل، حيث تمتزج فيه «فاعلاتن، مستفع لن، فاعلاتن».
فإذا تكرر هذا الشطر مرتين؛ حصلت من ذلك على بيت من الخفيف التام، وإذا نقصت من كل شطر التفعيلة الأخيرة؛ حصلت على بيت من الخفيف المجزوء. فبحر الخفيف يستعمل تامًّا على ست تفعيلات، ومجزوءًا على أربع تفعيلات.
أولًا: (الخفيف التام):
تدور عروضه بين الصحة والحذف، ويأتي الضرب مع العروض الصحيحة صحيحًا مثلها أو محذوفًا، ويأتي مع العروض المحذوفة محذوفًا مثلها؛ وإليك شواهد النوع الأول (الصحيح العروض والضرب):
1- قال عمر بن أبي ربيعة:
قال لي صاحبي ليعلم ما بي ... أتحب القتول أخت الرباب؟
قلت: وجدي بها كوجدك بالعذ ... ب إذا ما مُنعتَ طعم الشراب
قال لي صا (فاعلاتن) حبي ليعـ (متفع لن) ـلم ما بي (فعلاتن) وهي العروض أصابها الخبن بحذف الثاني الساكن، ولكنه غير لازم؛ ولذا تسمى صحيحة.
أتحب الـ (فعلاتن) ـقتول أخـ (متفع لن) ـت الرباب (فاعلاتن) الضرب صحيح كما ترى. والخبن جائز حسن فيه، وهو يعد ظاهرة شائعة في تفعيلات بحر الخفيف.
ومن تام الخفيف الصحيح العروض والضرب قول شوقي:
يابنة اليم ما أبوك بخيل ... ما له مولعٌ بمنع وحبس؟!
أحرام على بلابله الدو ... حُ حلال للطير من كل جنس؟!
وعلى هذا الأصل جاء قول أبي ماضي:
أنا إن أغـمض الحـمام جفــوني ... ودَوَى صوت مصــرعي في المــدينهْ
وتمشي في الأرض دارًا فدارًا ... فسمعت دويَّه ورنينه
لا تصيحي وا حســــرتاه لئلا ... يدرك الســامعون ما تضمرينـــه
غالبي اليأس، واجلسي عند نعشي ... بسكون، إنِّي أحب السكينهْ
إن للصمت في المــــآتم معنى ... تتعــزى به النفـوس الحــــزينهْ
ولقول العذال عنـــك بخيـل ... هو خيــرٌ من قولهم: "مسكينـــهْ"!
ومنه قول الشيباني:
يا هلالًا يُدعَى أبوه هلالًا ... جَلّ باريك في الورى وتعالَى
أنت بدرٌ حسنًا وشمسٌ علوًّا ... وحسامٌ عزمًا وبحرٌ نَوالا
2- النوع الثاني (الصحيح العروض، المحذوف الضرب):
وينسب لجميل بثينة:
قـد أصون الحديث دون خليل ... لا أخـاف الأذاة مـن قـبلـه
وخـليـل صـانعت مـرتقبًا ... وخـليل فـارقـت مـن ملله
قد أصون الـ (فاعلاتن) حديث دو (متفع لن) ن خليل (فعلاتن) وهي العروض مخبونة، ولكن خبنها غير لازم، فهي إذن صحيحة.
لا أخاف الـ (فاعلاتن) أذاة من (متفع لن) قبله (فعلا = فعلن) وهو الضرب حُذف منه السبب الخفيف فهو محذوف.
وغالبًا ما ترد تفعيلة الضرب هنا محذوفة مخبونة، ومنه:
إنْ أمتْ ميتة المحبين وجدًا ... وفؤادي من الهوى حرقُ
فالمنايا من بين سارٍ وغادٍ ... كل حي برهنها علق.
وهذا النوع من الأوزان لم يعرف له الباحثون إلا بيتًا واحدًا، ذكره العروضيون معزوًّا إلى الكميت، هو:
لـيت شعري/ هل ثم هل/ آتيـنْـهُم ... أم يـحولَنْ/ من دون ذا/ ك الردى؟
فاعلاتن/ مستفع لن/ فاعلاتن ... فاعلاتن/ مستفع لن/ فاعلا = فاعلن
وهذا البيت غير مذكور في هاشميات الكميت، على أن العروضيين أنفسهم يروُون البيت رواية أخرى:
ليت شعري هل ثم هل آتِيَنْهم ... أم يحـولن مـن دون ذاك الحمام؟
وهذه الصورة نادرة.
3- الثالث: المحذوف العروض والضرب، بيد أن الغالب في استعمال صورته لدى المحدثين خبن العروض والضرب، كقول ابن عبد ربه:
يا غليـلا كالنـار في كبـدي ... واغتـراب الفـؤاد عـن جسـدي
لـيت مـن شـفَّـني هـواه رأى ... زفـرات الـهوى علـى كبـدي
يا غليلا (فاعلاتن) كالنار في (مستفع لن) كبدي (فعلا)، وهي العروض محذوفة أيضًا.
واغتراب الـ (فاعلاتن) ـفؤاد عن (متفع لن) جسدي (فعلا) وهو الضرب محذوفًا أيضًا.
على أن الخبن غزا تفعيلتي العروض والضرب المحذوفتين، وصورة هذا النوع نادرة في الخفيف، في استعمال الأقدمين.
وقد ذكر العروضيون له شاهدًا مسلوخًا يتيمًا، هو قولهم:
إن قدرنا/ يومًا على/ عامر (فاعلا) ... ننتصف منْ/ ـه أو ندعْ/ ـهُ لكمْ (فاعلا = فاعلن)
وهو بيت مختلّ المعنى، وليس في دواوين القدماء ومجموعات شعرهم شيء منه كما يقول الباحثون.
بيد أن للأستاذ العقاد أبياتًا عشرة، يمكن أن تنسب إلى هذا الوزن، وإن كان كل شطر منها بوزن (فعلن)، أي: إنه التزم الخبن في العروض والضرب. ومنها:
وردتـي، فيـم أنت ضاحـكة؟ ... يلـمح البشـر منك من لمحـا
فيم هذا الجمال يـحزنني؟ ... رونق فيـه كان لي فرحــا
كان للحب زينة فغدا ... أثرًا فوق لحده طرحا
الذبول الذبول أرفقُ به ... من رُواء يزيدني ترحا
هل عمد العقاد إلى النظم على هذا الوزن عمدًا؛ مجاراةً لأهل العروض، أو تأسيًا بقطعة قديمة ظفر بها، أو أنه ساقته إليه الشاعرية؛ لما فيه من الحزن المناسب لموضوعه وذلك هو ما نرجحه، وآية ذلك أنك تجد (في الملاح التائه) قطعة بعنوان (الشتاء)، عدتها سبعة عشر بيتًا، وأولها:
ذكريــني؛ فقــد نسيت ويا ... رُبَّ ذكرى تعيد لـــي طـربي
وارفعي وجهك الجمـيل أرى ... كيف هـذا الحيـاء لم يَذُبِ
والنتيجـة: أن الخفيف التام:
1- تكون عروضه صحيحة، وضربها إما صحيح -وهو الأعم الأشيع- أو محذوف -وهو من الندرة بمكان.
2- وتكون عروضه محذوفة، وضربها محذوف لا غير، وهذا الوزن قليل جدًّا.
ثانيًا: الخفيف المجزوء:
وله عروض واحدة صحيحة، وضربان: صحيح، ومخبون.
(أ) قال البهاء زهير:
إن شـكا القـلب هجركـم ... مهـد الـحبّ عـذركم
شـــرفـوني بـــزورة ... شــرف الله قـدركم
إن شكا القلـ (فاعلاتن) ـب هجركم (متفع لن) وهي العروض، لحقها الخبن وهو غير لازم، فهي صحيحة.
مهد الحـ (فاعلاتن) ـب عذركم (متفع لن) وهو الضرب، لحقه الخبن وهو كذلك غير لازم، فهو صحيح.
ومنه:
نام صحبي ولم أنم ... من خيالٍ بنا أَلَمْ
ومنه قول ابن أبي ربيعة:
منع النوم ذكره ... من حبيبٍ مجانب
وقوله:
طيبُ النشر واضح ... أحورُ العين أكحلُ
وقد جاء على هذا الوزن قول شوقي على لسان كليوباترا، بعد انتحار مارك أنطونيو:
نـام "مــاركو" ولم أنم ... وتـفـردتُ بـالألم
ليـت جـرحي كجرحه ... لـقي الـموت فالـتأم
قـاتل الـله مـاضيًا ... قـتل الـمفرد العــلم
أيهـا الـعين أبصري ... إنـما كنت في حلـم
والملاحظ: أن الخبن دخل «مستفع لن» في العروض والضرب، وأن هذه الصورة المخبونة هي الأشيع استعمالًا، وأن الباحث لا يكاد يلمح ظِلًّا لمجزوء الخفيف الصحيح العروض والضرب إلا فيما تناقله العروضيون من قول القائل:
ليت شعري ماذا ترى ... أمّ عمرو في أمرنا؟
(ب) وربما عثرت بالخفيف المجزوء في صورة:
فاعلاتن مستفع لن ... فاعلاتن متفع لْ
أي: إن عروضه صحيحة، وضربه محذوف ساكن السبب وسُكن ما قبله، وهذا هو المسمى قصرًا، وقد مثّل له العروضيون بالبيت:
كـل شيء إن لم تكو ... نـوا غـضبتم يســيرُ
وتقطيعه:
كل شيء (فاعلاتن) إن لم تكو (مستفع لن) وهي العروض صحيحة، نوا غضبتم (فاعلاتن) يسيرُ (متفع ل) وهو الضرب، دخله القصر الذي عرفت آنفًا، ومن الندرة بمكان أن تجد شاعرًا سار في هذا الدرب الموحش، اللهم إلا رفاق الصوفية، كالشيخ ابن الطاهر المجذوب الذي قال:
مـا القـوافي الـمباني ... مـا اختيـار الـمعاني
بعـد سبـع الـمثاني ... مـا عسـى أن يقـالا
ويلاحظ أن العروض والضرب، كلاهما مقصور.
- شيوع الخفيف واستخدامه:
«هذا البحر أخف البحور على الطبع، وأطلاها على السمع، يشبه البحر الوافر في اللين والسهولة، حتى إن النظم فيه يقرب من النثر. وهو يصلح لموضوعات الجد كالحماسة والفخر، ولموضوعات الرقة واللين كالرثاء، والغزل، والوجدانيات، وهو إن لم يكن كالبحر الطويل في الفخامة والوقار، ولا كالبحر المنسرح في اللين والتكسر، فإنه آخذ من كلٍّ منهما بنصيب». وهو واضح النغم والتفعيلات، وذو دندنة لا تمكن من الحوار الطبَعي. وقد أكثر الشعراء من النظم عليه، ومنه معلقة الحارث بن حلزة، ومطلعها:
آذنتنا ببينها أسماء ... رب ثاوٍ يملّ منه الثواء
وسينية البحتري في وصف إيوان كسرى، ومطلعها:
صنت نفسي عما يدنس نفسي ... وترفعت عن جدا كل جبس
وللمتنبي فيه أكثر من قصيدة، ولإيليا أبي ماضي -حديثًا- احتفال به في شعره...
- شواذه:
من شواذ هذا البحر أن يأتي لعروضه الصحيحة (فاعلاتن) ضرب محذوف مقطوع، أي: مبتور (فعْلُن)، وشاهده:
قد سمعنا ما قاله وهو إفك ... من كذوبٍ كُذُّبْذُبٍٍ باغي
قد سمعنا ما قالهو   وهو إفكن ... من كذوبن كُذْذُبْذُبن باغي
/ه//ه/ه   /ه/ه//ه   /ه//ه/ه ... /ه//ه/ه  /ه/ه//ه   /ه/ه
فاعلاتن   مستفع لن فاعلاتن ... فاعلاتن مستفع لن فَعْلُن
ومن شواذه أيضًا أن يأتي لعروضه الصحيحة أيضًا ضرب مقصور (فاعلانْ)، وضرب آخر محذوف مخبون (فعلن)، ومن شواهد الضرب الأول قول الشاعر:
لست أدري ماذا يقولون فينا ... غير أني ممن يقول اليقينْ
لست أدري ماذا يقو  لون فينا ... غير أنني مممن يقو لل يقين
/ه//ه/ه   /ه/ه//ه   /ه//ه/ه ... /ه//ه/ه  /ه/ه//ه   /ه//ه ه
فاعلاتن مستفع لن   فاعلاتن ...   فاعلاتن    مستفع لن    فاعلان
ومن شواهد الضرب الثاني قول الشاعر:
قد أتت من أوطانها واستمرت ... إذ رأت ما تهواه من طللِ
قد أتت من  أوطانها  وستمررت ... إذا رأت ما  تهواه من  طللي
/ه//ه/ه   /ه/ه//ه   /ه//ه/ه ...  /ه//ه/ه      /ه/ه//ه    ///ه
فاعلاتن   مستفع لن فاعلاتن ...  فاعلاتن   مستفع لن    فعلن
ومن شواذه أيضًا، أن يأتي مجزوء الخفيف بعروض وضرب مقصورين (مفعُولُنْ) فإذا دخلهما الخبن صارا (فعُولُنْ)، ولابن المعتزّ قصيدة من هذا النمط، يقول فيها:
طال وجدي وداما ... وفَنِيتُ سقاما
أكل اللحمَ مني ... وأذاب العظاما
- زحافاته وعلله:
يجوز في حشو الخفيف الخبن، والكفّ، والشكل، فتصبح «فاعلاتن» بالخبن (فَعِلاتن)، وبالكف «فاعلاتُ»، وبالشكل «فَعِلاتُ»، وتصبح «مستفع لن» بالخبن «متفع لن» فتُنقَل إلى «مفاعلن»، وبالكف «مستفع لُ»، وبالشكل «مُتَفْعِلُ»، فتُنقل إلى «مفاعلُ». وتجري هذه الزحافات وفق قاعدة المعاقبة، فإذا دخل الخبن تفعيلة منه سلمت التفعيلة التي قبلها من الكف، وإذا دخلها الكف سلم ما بعدها من الخبن، وإذا دخلها الشكل سلم ما قبلها من الكف وما بعدها من الخبن، والخبن في الخفيف حسن، والكف فيه صالح، والشكل فيه قبيح.
وأما بالنسبة إلى أعاريضه وأضربه، فيمتنع الكف والشكل في «فاعلاتن»، و«مستفع لن» الواقعتين ضربًا؛ وذلك تحاشيًا للوقوف على حركة قصيرة.
ويجوز الخبن في «فاعلاتن» و«مستفع لن» و«فاعلن»، سواء أَوقعت عروضًا أم ضربًا، فتصبح على التوالي: «فعلاتن» و«مفاعِ لُن»، « وفَعِلُنْ».
ويجوز التشعيث في «فاعلاتن» الواقعة ضربًا، فتصبح «فالاتُنْ»، أو «فاعاتُن»، وتنقل إلى «مفعولن» نحو قول المتنبي:
من أطاق التماس شيء غِلابا ... واغتصابًا، لم يلتمسه سؤالا
كل غادٍ لحاجة يتمنى ... أن يكون الغضنفر الرئبالا
حيث جاء ضرب البيت الثاني «رئبالا» مُشَعَّثًا على وزن «مفعولن»، في حين جاء ضرب البيت الأول (هـ سؤالا) على وزن (فعلاتن) دون تشعيث.
ومنه:
أيها الرائح المجدّ ابتكارًا ... قد قضى من تهامة الأوطارا
فالضرب هنا «أوطارا» مشعَّث على «فالاتن».
ويجوز التشعيث أيضًا في «فاعلاتن» إذا كانت عروضًا في حالة التصريع، كقول أبي دهبل الجمحي (أو عبد الرحمن بن حسان بن ثابت):
طال ليلِي وبِتُّ كالمحزون ... واعترتْني الهموم في جيحونِ
طال ليلي  وبتْتُ كلْ  محزوني ... وعترتنل هموم في  جيحوني
/ه//ه/ه   //ه//ه    /ه/ه/ه ... /ه//ه/ه   //ه//ه    /ه/ه/ه
فاعلاتن   مفاعلن    مفعولن ... فاعلاتن   مفاعلن  مفعولن
والتشعيث أكثر ما يكون سائغًا إذا كان الضرب مردفًا، فإذا كان غير مردف لم يُشَعَّث في الغالب.
خاتمة:
- البحر الخفيف يستعمل تامًّا، ومجزوءًا، والتام تكون عروضه صحيحة مع ضرب صحيح، أو محذوف، أو محذوف مخبون، وتكون محذوفة مع ضرب محذوف، والأكثر خبن العروض والضرب عند الحذف، والمجزوء تكون عروضه صحيحة مع ضرب صحيح، أو مخبون مقصور.
- يدخل هذا البحر من الزحاف (الخبن) دخولًا حسنًا في تفعيلتيه: (فاعلاتن، ومستفع لن)، ومن العلل (التشعيث) في (فاعلاتن) في الضرب، وهو علة غير لازمة تجري مجرى الزحاف -كما ستعرف.
- ومن نماذج الخفيف:
قول الشاعر:
يا بديع الـْ/ جمال والـْ/ حسن والدلْ ... لِ حياتي/ ومنْيتي/ في يديك
فاعلاتن/ متفع لن/ فاعلاتن ... فعلاتن/ متفع لن/ فاعلاتن
وقول الآخر:
فالمنايا/ من بين سا/ رٍ وغاد ... كل حي/ في حبلها/ علقُ
فاعلاتن/ مستفع لن/ فاعلاتن ... فاعلاتن/ مستفع لن/ فَعِلا (فعلن)
وقول غيره:
ليت من شفْـ/ فَني هوا/ ها رأت ... زفرات/ قد أحرقت/ كبدي
فاعلاتن/ متفع لن/ فاعلا (فاعلن) ... فعلاتن/ مستفع لن/ فعلا (فعلن)
وقول الشاعر:
جفنه علْ/ لمَ الغزل ... ومن العلـ/ ـم ما قتلْ
فاعلاتن/ متفع لن ... فعلاتن/ متفع لن
- تحليل عروضي لبعض النماذج:
1- لا تصيحي وا حسرتاه لئلا ... يدرك السامعون ما تضمرينه
لا تصيحي وا حسرتاه لئللا ... يدرك سسامعون ما تضمرينه
/ه//ه/ه   /ه/ه//ه   ///ه/ه ... /ه//ه/ه   //ه//ه  /ه//ه/ه
لا تصيحي  واحسرتا  ه لئللا ... يدرك سسا  معون ما  تضمرينه
فاعلاتن   مستفع لن  فعلاتن ... فاعلاتن     متفع لن   فاعلاتن
والبيت من الخفيف التام، من الصورة الأولى المشهورة، مع وقوع الخبن في تفعيلة العروض.
2- إن شكا القلب هجركم ... مهد الحب عذركم
إن شك لقلب هجركم ... مهْهَد لحبب عذركم
/ه//ه/ه   //ه//ه    ... /ه//ه/ه       //ه//ه
إن شك لقلْ ب هجركم ... مههد لحبْ  بُ عذركم
فاعلاتن   متفع لن ... فاعلاتن  متفع لن
والبيت من مجزوء الخفيف، مخبون العروض والضرب.
3- من أطاق التماس شيء غلابا ... واغتصابا لم يلتمسه سؤالا
من أطاق لتماس شيئن غلابا ... وغتصابن لم يلتمسه سؤالا
/ه//ه/ه   //ه//ه    /ه//ه/ه ... /ه//ه/ه  /ه/ه//ه   ///ه/ه
من أطاق ل  تما شي ئن  غلابا ... وغتصابن لم يلتمس  ه سؤالا
فاعلاتن  متفع لن  فاعلاتن ... فاعلاتن  مستفع لن  فعلاتن
والبيت من الخفيف التام صحيح العروض، مخبون الضرب.
نشاط 15.2:
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
أكمل ما يأتي:
1-  في بحر الخفيف يجوز أن يحذف....... من (فاعلن) فتصبح (فَعِلُنْ)، ومن (........) فتصبح (فَعِلاتن)، ويجوز حذف..... من (فاعلاتن) فتصبح (فاعلاتُ)، لكنه........
2-  يدخل بحر الخفيف من الزحاف (........) دخولًا حسنًا في تفعيلتيه: (........ ومستفع لن).
3-  التشعيث أكثر ما يكون....... إذا كان الضرب مردفًا، فإذا كان الضرب غير مردف، لم.... في الغالب.
4-  التشعيث علة غير....... تجري مجرى الزحاف في (.........)، في الضرب.
الإجابات النموذجية:
1-  الثاني، فاعلاتن، الأخير، قليل.
2-  الخبن، فاعلاتن.
3-  سائغًا، يشعث.
4-  لازمة، فاعلاتن.
ملخّص الدّرس:
بحر المديد:
تعددت الآراء في تسميته، فقيل: لامتداد سببين خفيفين في كل تفعيلة من تفعيلاته السباعية، وقيل: لامتداد الوتد المجموع في وسط أجزائه السباعية، وقيل: لامتداد سباعيِّيه حول خماسيِّيه، وخماسيِّيه حول سباعيِّيه.
- بناؤه وأجزاؤه:
وبناء أبياته على (فاعلاتن) مرتين تتوسطهما (فاعلن)، فيكون الشطر: (فاعلاتن، فاعلن، فاعلاتن). فإذا تكرر هذا الشطر مرتين حصلت على بيت من بحر المديد.
- والمديد لا يستعمل إلا تامًّا ثلاثي التفاعيل في كل شطر، وإن رأى العروضيون أن هذه صورة مجتزأة وجوبًا من أصله الرباعي، باعتبار دائرته، وعروضه تكون صحيحة وضربها صحيح، وتكون محذوفة وضربها محذوف أو مقصور أو أبتر، وتكون محذوفة مخبونة وضربها مثلها أو أبتر، وأكثر صوره استعمالًا الأخيرتان.
يدخل هذا البحر من الزحاف (الخبن)، وهو حسن، وقد يدخله الكف (حذف السابع الساكن من (فاعلاتن))، وهو قليل.
- من شذوذ هذا البحر أن يأتي الضرب صحيحًا (فاعلاتن) للعروض المحذوفة (فاعلن)، نُقل ذلك عن الأخفش، ومن شواذه مجيئه مشطورًا.
بحر الخفيف:
- سمي بهذا الاسم؛ لخفته التي واتته من كثرة أسبابه الخفيفة، فهو أخفّ السباعيات لتوالي ثلاثة أسباب خفيفة؛ لأن أول وثاني المفروق فيه لفظ خفيف عقب خفيفين، والأسباب أخف من الأوتاد. وهو يصلح لموضوعات الجد كالحماسة والفخر، ولموضوعات الرقة واللين كالرثاء، والغزل، والوجدانيات. ومفتاحه: فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن *** فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن.
- الخفيف يستعمل تامًّا على ست تفعيلات، ومجزوءًا على أربع تفعيلات.
أولًا: الخفيف التام:
1- تكون عروضه صحيحة، وضربها إما صحيح -وهو الأعم الأشيع- أو محذوف -وهو من الندرة بمكان.
2- وتكون عروضه محذوفة، وضربها محذوف لا غير، وهذا الوزن قليل جدًّا.
ثانيًا: الخفيف المجزوء:
وله عروض واحدة صحيحة، وضربان: صحيح، ومخبون.
وبحر الخفيف أخف البحور على الطبع، وأطلاها على السمع.
تمارين الدّرس:
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
ضع علامة () أمام العبارة الصحيحة وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- في بحر الخفيف لا يقع كفّ العروض بحذف السابع الساكن مطلقًا.
2- نُقل عن الأخفش أن من شواذّ بحر المديد، أن يأتي الضرب صحيحًا (فاعلاتن) للعروض المحذوفة (فاعلن).
3- يجوز التشعيث في «فاعلاتن» الواقعة ضربًا، فتصبح «فالاتن»، أو «فاعاتن»، وتُنقَل إلى «مفعولن».
4- بحر الخفيف أخف البحور على الطبع، ويشبه البحر الوافر في اللين والسهولة.
5- بحرُ المديد ثقيلٌ على السمع، ولا يوجد في أكثر دواوين الفحول كامرئ القيس، وزهير، والنابغة.
6- بحر الخفيف لا يصلح لموضوعات الجد كالحماس والفخر، ولا لموضوعات الرقة واللين كالرثاء.
الإجابات النموذجية:
1-(×)، 2- ()، 3- ()، 4- ()، 5- ()، 6- (×).
مراجع الدّرس:
1- الكافي في العروض والقوافي، الخطيب التبريزي، دار الكتب العلمية - بيروت 2002م.
2- الشافي في العروض والقوافي، هاشم صالح مناع، دار الفكر العربي - بيروت 1993م.
3- ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، السيد أحمد الهاشمي، دار الكتب العربية - بيروت 1990م.
4- الرِّياض الوافية في علمي العروض والقافية، يوسف الضبع، دار الحديث - القاهرة 1998م.
5- ضرائر الشعر، ابن عصفور، تحقيق: السيد إبراهيم محمد، دار الأندلس - بيروت 1980م.
6- ضرورة الشعر، السيرافي، تحقيق: رمضان عبد التواب، دار النهضة 1985م.
7- عروض الشعر العربي بين التقليد والتجديد، أمين عبد الله سالم 1985م.
8- القوافي، المبرد، تحقيق: رمضان عبد التواب، مطبعة جامعة عين شمس - القاهرة 1972م.
9- العروض الواضح وعلم القافية، محمد علي الهاشمي، دار القلم، 1991م.
10- العروض وإيقاع الشعر العربي، عبد الرحمن تبر ماسين، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2002م.
11- أهدى سبيل إلى علمي الخليل (العروض والقافية)، محمود مصطفى، المكتبة التجارية، 1997م.
12- معالم العروض والقافية، عمر الأسعد، الوكالة العربية للتوزيع، 1984م.
خاتمة:
بهذا نكون قد وصلنا أخي الدارس إلى ختام الدرس الخامس عشر، فإلى لقاءٍ يتجدّد مع الدَّرس السادس عشر، والّذي ينعقدُ بإذن الله حول: (قافية الشعر بين الذوق النقدي والتسمية والأهمية والتعريف).
هذا، والله وليُّ التَّوفيق. وصلى الله على سيِّدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Post a Comment

Previous Post Next Post