الموضوعات الفنية في الشعر الأندلسي
(شعر الطبيعة – موضوعاته وسماته الفنية)
مدخل:
الحمد لله والصّلاة والسّلام على
رسول اللّه وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد أخي الطَّالب، سلام الله عليكَ ورحمته
وبركاته، ومرحبًا بك في الدرس الخامس عشر من سلسلة الدُّروس المقرَّرة عليك في إطار
مادة أدب ونصوص العصر العباسي والأندلسي، لهذا الفصل الدِّراسيّ، آملينَ أن تجدَ فيها
كلّ المُتعة والفائدة، وكنا قد تناولنا معًا في الدرس السابق الكلام عن (الشعر الأندلسي
بين التقليد والتجديد)، وإليك هذا الدرس الذي تتعرف فيه على (الموضوعات الفنية في الشعر
الأندلسي (شعر الطبيعة – موضوعاته وسماته الفنية)، فأهلا وسهلا بك.
ثمرات الدّرس:
عند نهاية هذا الدرس تستطيع بإذن
الله أن:
أولًا: تتعرف على مفهوم شعر الطبيعة,
وتتعرف على موضوعات هذا الشعر عند الأندلسيين.
ثانيًا: تتعرف على السمات التي اتسم
بها هذا الشعر.
عناصر الدّرس:
15.1 مفهوم شعر الطبيعة وموضوعاته في الشعر الأندلسي.
15.2 سمات شعر الطبيعة عند شعراء الأندلس.
التّعريفات:
1 عطف
الأرض جانبها.
2 المُزن السُّحب.
15.1 مفهوم شعر الطبيعة وموضوعاته في الشعر الأندلسي
كان جمال الطبيعة في بلاد الأندلس
ملهمًا قويًّا للشعراء أن يصفُوا هذا الجمال ومظاهره، وأن يتأملوا فيما خلق الله في
بيئتهم من جبال وأنهار وزروع وثمار.
والطبيعة قسمان: الطبيعة الصائتة؛
وهي ما اشتملت عليه الحياة من الكائنات المتحركة ذات الصوت سوى الإنسان. والطبيعة الصامتة؛
وهي ما اشتمل عليه الكون من الطبيعة التي لا صوت لها؛ كالجمادات التي تشمل الأرض, والجبال
والبحار والأنهار، وكالنبات على اختلاف أنواعه،
ويدخل في هذا القسم أيضًا الظواهر الكونية؛
كالشمس والقمر والمطر والريح, وغيرها.
وشعر الطبيعة هو الشعر الذي يصور
الطبيعة بنوعيها الصائت والصامت, كما نقشت في صفحة نفس الشاعر، وتمثلها وجدانه, وتصورها
خياله, بعد أن أضفى عليها من لمساته ولفتاته، وأفاض عليها من أضوائه وقبساته.
وقد قال شعراء الأندلس الشعرَ واصفين
به طبيعة بلادهم الجميلة، معبرين عن إعجابهم وفتنتهم بها، وقد تنوعت موضوعات هذا الشعر؛
فكان منها الروضيات، والمقصود بها: القصائد والمقطوعات الشعرية التي تصف الرياض والبساتين،
ومن ذلك -مثلًا- قول عبد الله بن سماك:
الروض مخضر الرّبى متجمل
للناظرين بأجمل الألوان
وكأنما بسطت هناك شوادها
خود زهت بقلائد العقيان
وكأنما فتقت هناك فوافج
بعديسكة عجنت بصرف البان
والطير تسجع في الغصون كأنما
نقر القيان حنت على العيدان
ومن هذه الموضوعات -أيضًا- الزهريات؛
وهي القصائد المقطوعات التي قيلت في وصف الأزهار والورود. والأندلسيون بارعون في وصف
الأنواع المختلفة منها، فلهم شعر رقيق في الورد والياسمين، والنرجس وغيرها مما كان
ينبت في أرضهم الخصبة وحدائقها البديعة، وهم إذ يجيدون الوصف الظاهري لها يمتزجون شعوريًّا
بها ويخلعون عليها مشاعرهم, ومن الزهريات –مثلًا- هذه الأبيات في الياسمين:
يا حبذا الياسمين إذ يزهر
فوق غصون رطيبة نضَّر
قد امتطى للجمال ذروتها
فوق بساط من سندس أخضر
كأنه والعيون ترمقه
زمرد في خلاله جوهر
ولهم شعر كثير في وصف الأقاح واللوز
والشقائق والقرنفل وغيره, وهذا يدل على أن كل هذه الأنواع من الزهور والورود كانت تتزين
بها طبيعة الأندلس الساحرة.
ومن موضوعات شعر الطبيعة -كذلك-
الثمريات والخضر؛ وهي القصائد التي اتخذت من الثمار والأوراق التي تحيط بها موضوعًا
لها. فقد وصفوا السفرجل والتفاح، والنارنج، والرمان وصفًا بديعًا، من ذلك -مثلًا- قول
أبي عثمان المصحفي في وصف ثمرة السفرجل:
ومصفرة تختال في ثوب نرجس
وتعبق من مسك زكي التنفسِ
لها ريح محبوب وقسوة قلبه
ولون محب حُلة السقم مكتسي
فصفرتها من صفرتي مستعارة
وأنفاسها في الطيب أنفاس مؤنسي
ومن موضوعات شعر الطبيعة -أيضًا-
المائيات؛ ويقصد بها: القصائد والمقطوعات والأبيات التي قالها الشعراء في وصف المجاري
المائية؛ كالأنهار والجداول والبحار والعيون والنوافير والبرك، والغدران والخلجان والأمطار
والسيول.
ومن موضوعات هذا الشعر –أيضًا- الثلجيات؛
وهي القصائد والمقطوعات التي قيلت في وصف البرَد والثلج الذي كان يتساقط في هذه البيئة،
فيغطي قمم جبالها –أحيانًا- وينتثر على الأرض -أحيانًا- على شكل كرات بيضاء ناصعة,
إذا طلعت عليها الشمس ذابت وسالت على الأرض.
وهناك موضوعات أخرى غير ذلك.
نشاط: 15.1
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا
النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
ضع علامة (√)
أمام العبارة الصحيحة وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- وصف الإنسان لا يعد من شعر الطبيعة.
2- في الشعر الأندلسي اهتمام كبير بوصف الورد
والزهر.
3- لم يصف الشعر الأندلسي الأنهار لخلو البيئة
الأندلسية منها.
4- الجبال من الطبيعة الصامتة.
الإجابات النموذجية:
1- (),
2- (), 3- (×), 4- ().
15.2 سمات شعر الطبيعة عند شعراء الأندلس
اتسم شعر الطبيعة الأندلسي بسمات
عديدة؛ منها:
- الكثرة، فشعر الأندلسيين في وصف الطبيعة يأخذ
حيزًا كبيرًا من ديوان الشعر الأندلسي.
- التنوع، إذ إننا نجد شعر الأندلسيين في وصف
الطبيعة تتنوع موضوعاته لتشمل مفردات الطبيعة كلها.
- العموم، بمعنى أننا نجد عامة الشعراء الأندلسيين
يقولون شعرًا في وصف الطبيعة، ولا يقتصر هذا الغرض على شاعر واحد أو عدد قليل من الشعراء.
- يستقل وصف الطبيعة بالقصيدة –أحيانًا- فلا يكون
معه غرض آخر وأحيانًا تتسع القصيدة لأغراض أخرى مع وصف الطبيعة.
- المزج بين وصف الطبيعة وحديث النسيب والغزل
والحنين إلى المرأة -أحيانًا.
- التصوير الفني الذي يتخذ من اللغة الحقيقية
والمجازية أدوات له في رسم لوحات جميلة مستمدة من الطبيعة وظواهرها.
- التشخيص، حيث تبدو الطبيعة كأنها إنسان يسمع
ويعتل ويحسن, فيخاطبها الشاعر ويناجيها، ويبثها آلامه وأحزانه.
- تحسين الأسلوب وتوشيته بالمحسنات البديعية؛
كالجناس والطباق, وغيرهما؛ ليضفي الشاعر على صورته الطبيعية مزيدًا من الجمال والحسن.
- الامتزاج النفسي مع الطبيعة، حيث يخلع الشاعر
على الطبيعة مشاعره، ويسقط عليها أحاسيسه.
نشاط: 15.2
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا
النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
ضع علامة (√)
أمام العبارة الصحيحة وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- الكثرة والتنوع من سمات شعر الطبيعة الأندلسي.
2- لم ترد للأندلسيين قصائد مقصورة على وصف الطبيعة
دون سواه.
3- شعر الطبيعة الأندلسي وصف سطحي لا صلة له بنفس
الشاعر.
4- التشخيص من سمات شعر الطبيعة عند الأندلسيين.
الإجابات النموذجية:
1- (),
2- (×), 3- (×), 4- ().
ملخّص الدّرس:
- تأثر شعراء الأندلس بطبيعة بلادهم الساحرة،
وانعكس هذا التأثر في شعرهم، وكان من مظاهره كثرة شعرهم في وصف الطبيعة وتنوعه، وكثرة
الشعراء الذين أفردوا قصائد لهذا الغرض –أحيانًا- وأشركوه مع غيره من الأغراض أحيانًا
أخرى.
- والطبيعة بقسميها الصائت والصامت تأخذ حيزًا
كبيرًا في ديوان الشعر الأندلسي، وقد تنوعت موضوعات هذا الشعر لتشمل: الرياض، والأزهار
والورود، والثمار، والمياه والثلج والبرد، والبرك والبحار، والجبال وغير ذلك من مظاهر
الطبيعة وظواهرها ومشاهدها وصورها.
- وقد اتسم هذا الشعر بالإضافة إلى تنوعه وكثرته
ببراعة الصورة الفنية التي تعتمد على الحقيقة أحيانًا، وعلى المجاز أحيانًا أخرى، لتبرز
المشهد الطبيعي في أحسن صورة وأبدعها. كما اتسم هذا الشعر بالتشخيص حيث تبدو مظاهر
الطبيعة ومشاهدها في هيئة إنسان يعقل ويحس.
- ومن سمات هذا الشعر كذلك أنه يدل على الامتزاج
النفسي والاندماج الشعوري بين الشاعر والطبيعة، فلا يقتصر هذا الشعر على الوصف السطحي،
وإنما يعتمد على عاطفة واضحة وانفعال نفسي صادق بين الشاعر وما يصفه، فيخلع الشاعر
على الطبيعة أحاسيسه ومشاعره، ويناجيها، ويبثها آلامه وأشجانه، وبهذه السمات اكتسب
شعر الطبيعة الأندلسي أهميته ومنزلته.
تمارين الدّرس:
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا
النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
ضع علامة (√)
أمام العبارة الصحيحة وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- الروضيات هي القصائد التي قيلت في وصف الروضة
النبوية.
2- وصف شعراء الأندلس الورود والأزهار والثمار.
3- المائيات هي القصائد التي قيلت في وصف الأنهار
والجداول والبحار وما شابهها.
4- لا يوجد في الشعر الأندلسي وصف للثلج والبرَد.
5- يمتزج شعر الطبيعة الأندلسي –أحيانًا- بالغزل
والحنين إلى المرأة.
6- لا يأخذ الشعر الأندلسي في وصف الطبيعة حيزًا
كبيرًا وليست له قيمة فنية.
الإجابات النموذجية:
1- (×), 2- (),
3- (), 4- (), 5- (×), 6- (×).
مراجع الدّرس:
1- الأدب الأندلسي –موضوعاته وفنونه- د/ مصطفى
الشكعة.
2- دراسات ونصوص أندلسية. د/ جلال حجازي.
خاتمة:
بهذا نكون قد وصلنا أخي الدارس،
إلى ختام الدرس الخامس عشر، فإلى لقاءٍ يتجدّد مع الدَّرس السادس عشر، والّذي ينعقدُ
بإذن الله، حول: الموضوعات الفنية في الشعر الأندلسي (رثاء المدن والممالك – الحنين
والغربة).
هذا، والله وليُّ التَّوفيق. وصلى
الله على سيِّدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Post a Comment