تعريف التوعية لغة واصطلاحا 
مفهوم التوعية
أ/ التوعية في اللغة:
ورد في لسان العرب وعى بمعنى حفظ، والْوَعْيُ: الحفظ والادراك، وأوْعَاهُ حَفِظَهُ وَفَهِمَهُ وَقَبِلَهُ، فَهُوَ واعٍ، وفلان أوْعَى من فلان: أي أحْفَظُ وَأَفْهَمُ، والْوَعيُّ: الحافظ الْكَيِّسُ الفقيه، واسْتَوْعاهُ: إذا اسْتَّوْعَبَهُ.(ابن منظور، د.ت، 145/2)  والْوَعْيُ: الحفظ والتقدير والْفِهْم وسلامة الإدراك، ووَعَيْتُ العِلْمَ أعِيهِ وَعْياً، ووعَى الشيء والحديث يَعِيه وَعْياً (ويكيبيديا)، وفي الحديث النبوي الشريف: " نَضَّر الله امرأً سمع مَقالَتي فوَعاها، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوعى من سامِع".(أخرجه ابن حنبل، 4157).
والوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس، والوعي هو ما يُكون لدى الإنسان من أفكار ووجهات نظر ومفاهيم عن الحياة والطبيعة من حوله، والوعي بأمر ما يتضمن معرفته والعمل بهذه المعرفة، وعليه لا وعي دون علم فكلما ازداد المرء علماً وفهماً ازداد وعياً. والوعي هو اتجاه عقلي انعكاسي يمكن للفرد من خلاله ادراك ذاته والبيئة المحيطة به، ويتطلب ذلك وعي الفرد بالوظائف العقلية والجسمية ووعيه وبالعالم الخارجي، وإدراكه لذاته إما بصفة فردية، أو كعضو في جماعة.(محمد،1985، 88)
غير أن كانط يميز بين الوعي بالذات والمعرفة، فهو يرى أن وعي الذات لنفسها كوجود أخلاقي لا يعني بالضرورة وعينا المطلق للأشياء؛ لأننا نجهل النومينات (الأشياء في ذاتها)، ومن ثمة يظل وعينا بالأشياء وعياً نسبياً، أما هوسرل (E. Husserl) فيرى على خلاف كانط أن الوعي دائماً قصدي بمعنى ارتباطه بشيء ما. فقد يكون الوعي تخيلاً أو تذكراً أو تفكيراً منطقياً إلا أنه يتجه دائما صوب الشيء المفكر فيه. ومن ثم فإن الوعي بالذات هو انفتاح على الذات من خلال قصدية معينة، والوعي بالعالم هو وعي قصدي للعالم. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الجزئية ما دور الآخر في تشكيل وعي الذات؟ ويرى سارتر (J.P. Sartre) أن الآخر هو الذي يجعلنا نعي ذواتنا، فالفرد حين يرفع بصره فيرى الآخر ينظر إليه معاتباً مثلاً فيخجل من نفسه، لأننا أصبحنا ننظر إلى أنفسنا بنظرتنا للآخر، فنظرة الآخر هي التي تجعل الفرد يعي ذاته كشيء خارج عنه، والآخر هو الوسيط الذي يجعلنا نموضع ذواتنا، هكذا يكون الآخر الوجود الأساسي الذي يجعل الذات موضوعا للوعي.(ويكيبيديا).
عليه بعد التعرف على العلاقة الواعية التي يمكن أن تكون بين الذات ونفسها، وبين الذات والعالم والآخرين؛ نستطيع الآن أن نتساءل: عن ماهية الوعي و التوعية الأمنية؟
ب/ التوعية الأمنية اصطلاحا:
يتضح مفهوم الوعي الأمني من خلال مركب المعاني والمفاهيم والقيم والمعايير التي تحقق الأمن للفرد والمجتمع، والتي تعنى مؤسسات المجتمع بترجمتها تترجم واقعاً عملياً من خلال تطبيق تربوي متكامل للفرد والجماعة على حد سواء.(المالكي،2011،9). كما أنه يعرف باعتباره إدراك الفرد لذاته وإدراكه للظروف الأمنية المحيطة به، وتكوين اتجاه عقلي إيجابي نحو الموضوعات الأمنية العامة للمجتمع.(الحوشان،1425ﻫ،119). وعلى ذلك فإن الأساليب والتدابير التي يتم من خلالها تشكيل هذا الوعي الأمني في عقول الأفراد أو الجماعات على حد سواء هو ما يمكن تسميته بالتوعية الأمنية. وهي ما عرفها عبدالله فالح حين أشار إلى أنها: "  مجموعة الأساليب والنشاطات والخبرات والإجراءات الوقائية التي تؤدي إلى الحماية من الوقوع في الجريمة بأنواعها " (السكران،1432ﻫ، 384). من أجل ذلك اعتبر مبارك القحطاني أن " التوعية هي عملية إنشاء للوعي من حفظ وفهم وقبول وتقدير وسلامة إدراك له بحيث تمر هذه العملية بمراحل اتصالية متتالية هي: التذكير، ثم التأثير الوجداني، ثم الإقناع به، ثم سلامة الإدراك للفكرة المطروحة، أي: استيعابها والتشبع بها" ( القحطاني، 1432ﻫ، 570) وخلاصتها أنها توعية الناس بالأنظمة والقوانين لخلق وعي جديد، لأن الجهل بالأنظمة مدعاة لوقوع المحظور، وتصاعد الجرائم.( الصالحي، د.ت، 21) وانسجاماً مع التعريفات السابقة فقد عرف سعد الشهراني التوعية الأمنية بأنها " الجهود المبذولة من الجهات الأمنية المتخصصة، والجهات الأخرى ذات العلاقة ضمن خطة عامة لرفع مستويات الفهم والإدراك للأبعاد والمفاهيم والمخاطر والسلوكيات المشروعة، وغير المشروعة المتاحة والممنوعة في مجالات الأمن والسلامة العامة والخاصة، بهدف تقليل المخاطر والمهددات الداخلية والخارجية التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد والمجتمع والدولة، ودعم جهود مؤسسات الأمن الوطني الأمنية والدفاعية في أداء مهامها ووظائفها، والتعاون معها، والتكامل مع جهودها" ( الشهراني، 2009،9). وحين يتعلق الأمر بالناشئة ودور الأسرة فإن الوعي الأمني يقصد به تكوين حصانة لدى الأبناء ضد الانحرافات والمخاطر باتخاذ جميع التدابير المادية والمعنوية التي تتخذها الأسرة، أو المدرسة لعلاج أو وقاية أفرادها وحمايتهم بالأساليب التربوية الإسلامية التي تضمن لهم حياة طيبة مطمئنة ومستقرة عقدياً ونفسياً واجتماعياً واقتصادياً وصحياً، والتي تمكنهم من أداء دورهم في خلافة الأرض، والفوز بخير الدنيا والآخرة.(الخياط، 1929ﻫ،19) والتوعية الأمنية تصبح بحسب تعريف (الدويش،1432ﻫ) :      " الدور التوعوي الذي تسهم به (الأسرة) في إبراز وسائل تحقيق الأمن بما يحقق السلامة والأمان، ليشمل كذلك جهود الحفاظ على مقدرات الوطن ومكتسباته" ص609.
ولكي يتضح على نحو أفضل مفهوم التوعية الأمنية فإن أبراز أهدافها وتوضيح مستوى أهميتها لحياة الفرد والمجتمع يلقي مزيداً من الضوء.

Post a Comment

Previous Post Next Post