البنك المركزي والسياسة النقدية
طبيعة البنك المركزي
يمثل البنك المركزي لأي دولة في مؤسسة وحيدة ٬ فلكل اقتصاد قومي مؤسسة مركزية مصرفية واحدة تقوم
بالإش ا رف على الائتمان وإصدار النقود ٬ ويقوم البنك المركزي بتحويل الأصول الحقيقية إلى أصول نقدية ٬
فيتولى عملية إصدار النقود القانونية ٬ التي تتمتع بالقدرة النهائية والإجبارية على الوفاء بالالت ا زمات .
ولخطورة الوظائف التي يقوم بها البنك المركزي ٬ فهو مؤسسة عامة أي مملوكه للدولة وخاضعة لإش ا رفها
وتختلف أهداف البنك المركزي عن أهداف بقية أنواع البنوك الأخرى ٬ من حيث أنه لا يعتبر هدفه
الرئيسي هو تحقيق أقصى ربح ٬ وذلك لأن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق أهداف يغلب عليها الطابع
القومي والمصلحة العامة .
الوظائف الأساسية للبنك المركزي :
يهدف البنك المركزي في المقام الأول إلى تدعيم النظام النقدي للدولة والإش ا رف على الأوجه المختلفة
للنشاط المصرفي ٬ وفي سبيل ذلك فهو يقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية سنتناولها بشيء من
التفصيل على النحو التالي :
أولاً : إصدار أو ا رق البنكنوت :
يعتبر البنك المركزي محتك ا رً لعملية إصدار أو ا رق البنكنوت ٬ وتمثل هذه العملية الوظيفة الرئيسية للبنك
المركزي ٬ ولذا سمي ببنك الإصدار ٬ وتقوم عملية الإصدار عن طريق تحويل البنك المركزي لأصول ( أو
حقوق له لدى الغير ) إلى أو ا رق بنكنوت ٬ وهذه الأو ا رق المصدرة تمثل الت ا زمات على البنك المركزي قبل
الأف ا رد والمؤسسات الحائزة لهذه الوحدات النقدية المصدرة .
وكان إنف ا رد البنك المركزي بهذا الامتياز من العوامل الرئيسية التي ميزته عن البنوك التجارية العادية ٬
و ا زدت من مكانته عندما أصبحت أو ا رق البنكنوت المصدرة عملة قانونية لها قوة إب ا رء غير محدودة ٬
وعندما استخدمتها البنوك كاحتياطي مقابل الودائع ٬ ومن أهم الم ا زيا المترتبة على تركيز وظيفة الإصدار
في بنك مركزي واحد ما يلي :
-1 زيادة ثقة الجمهور المتعاملين في أو ا رق النقد المصدرة .
-2 تمكين البنك المركزي من التأثير في حجم الائتمان عن طريق التأثير في حجم الاحتياطيات
النقدية التي تحتفظ بها البنوك التجارية مقابل الودائع .
-3 تقديم ضمان أكبر ضد الإنف ا رد في إصدار أو ا رق النقد الذي قد ينتج عن تعدد بنوك الإصدار.
علم اً أنه إذا كان إصدار أو ا رق البنكنوت هو من اختصاص البنك المركزي وحده ٬ فإن الدولة عادة ما
تضع عدة قيود على نشاطه في هذا الخصوص ٬ بحيث تضمن عدم الإس ا رف في الكميات المصدرة بما
يهدد باختلال التوازن الداخلي والخارجي .
وتختلف هذه القيود باختلاف نظم الإصدار ٬ ومن أهم نظم إصدار النقود ما يلي :
-1 نظام الغطاء الذهبي الكامل :
وطبقاً له يتم إصدار قدر معين من النقود وتغطى بالكامل بالذهب ٬ وهذا النظام عديم المرونة حيث لا
يمكن زيادة كمية النقود المصدرة إلا بزيادة الغطاء الذهبي .
-2 نظام الإصدار الجزئي الوثيق :
وطبقاً له يتم تغطية قدر معين من الإصدار بسندات حكومية وكل ما تجاوز ذلك القدر يغطى بالذهب .
-3 نظام الغطاء الذهبي النسبي :
وطبقاً له يتم تغطية أو ا رق النقد المصد رة بذهب يمثل نسبة من قيمتها ويغطى الباقي بعناصر أخرى مثل
السندات والأذون الحكومية والكمبيالات التجارية .
ويكمن جمود هذا النظام في حدود نسبة الذهب المقررة ٬ حيث قد يعجز البنك المركزي عن تلبية احتياجات
سوق النقد من أو ا رق البنكنوت إذا عجز عن توفير النسبة المطلوبة من الذهب .
-4 نظام الحد الأقصى للإصدار :
وفقاً له يتم وضع حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أو ا رق البنكنوت دون أي الت ا زم
بالاحتفاظ برصيد من الذهب ٬ وبطبيعة الحال فإن الحد الأقصى يكون قابلاً للتغير حسب الظروف .
-5 نظام الإصدار الحر:
وفقاً له يتم خضوع حجم الإصدار إلى تقدير السلطات النقدية ٬ واضطرت بعض الدول تحت ضغط
الظروف إلى عدم النص في قانون الإصدار على حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أو ا رق
بنكنوت ٬ وترك أمر تغيير حجم الإصدار كلية إلى تقدير السلطات النقدية .
وأخي ا رً إن الغطاء في معظم التشريعات الحديثة أصبح متنوع العناصر ٬ فقد يوجد إلى جانب الذهب
العملات الأجنبية ٬ وأذون الخ ا زنة وصكوك الحكومة وما شابه ذلك ٬ في حين تشكل كمية أو ا رق البنكنوت
المصدرة خصوم البنك المركزي ٬ فإن عناصر الغطاء تشكل أصوله ٬ ومن الضروري تعادل مجموع
الأصول مع مجموع الخصوم .
ثانياً : القيام بدور بنك الحكومة ومستشارها المالي ووكيلها :
يقوم البنك المركزي بالاحتفاظ بالأرصدة النقدية للحكومة ٬ بتحصيل إي ا رداتها وصرف نفقاتها . كما ويحتفظ
بحسابات المصالح والمؤسسات الحكومية ٬ فالحكومة تضع أموالها فيه ٬ ولهذا أهمية كبيرة في النظام
بصفة عامة لأن ذلك يؤدي إلى نتائج تختلف تماماً عن تلك التي تترتب على احتفاظ الحكومة بحساباتها
في البنوك التجارية .
ويقوم ب وصفه وكيل بإصدار القروض العامة وبيع السندات الحكومية وأذون الخ ا زنة نيابة عنها ٬ والإشراف
على عملية الاكتتاب ٬ ويتعدى ذلك إلى تنظيم استهلاك وسداد الكوبونات ٬ وعموماً يتولى البنك كل ما
يتعلق بإصدار ودفع فوائد وسداد قيمة القروض نيابة عن الحكومة .
هذا ويمثل مستشا ا رً للحكومة في الشئون المالية والنقدية فيمد الحكومة بالمعلومات والنصائح اللازمة لاتخاذ
الق ا ر ا رت والسياسات الاقتصادية .
ثالثاً : توفير السيولة اللازمة للبنوك التجارية عند الضرورة :
يقوم البنك المركزي بدور البنك بالنسبة للبنوك الأخرى ٬ فيحتفظ بالأرصدة النقدية للبنوك التجارية ٬ وذلك
بالإضافة إلى أنه يقوم بدور المقرض الأخير بالنسبة لهذه البنوك عن طريق تقديم القروض ( بضمانات
معينة ) أو عن طريق إعادة خصم بض الأو ا رق التجارية والمالية .
وبطبيعة الحال يستطيع البنك المركزي أن يفرض- عند الإق ا رض أو إعادة الخصم- أسعار الفائدة التي
تت ا رءى له حتى يحول دون التجاء البنوك التجارية لهذا الأسلوب بصفة متكررة بما لا يتفق مع الصالح
العام .
ا ربعاً : القيام بعمليات المقاصة بين البنوك التجارية :
تحتفظ البنوك التجارية بجزء من احتياطياتها النقدية على هيئة ودائع لدى البنك المركزي ٬ وهذه الودائع
نتيجة إيداع العملاء في بنوكهم تمكن البنك المركزي من تسوية المديونيات المتبادلة بين البنوك التجارية
شيكات مسحوبة على بنوك أخرى- ولذا يقوم البنك المركزي بدور الوسيط بين البنوك التجارية عن طريق
ما يسمى بعملية المقاصة ٬ والمقاصة هي عملية تصفية للشيكات التي تتلقاها البنوك من عملائها بقصد
تحصيلها لحسابهم من البنوك الأخرى .
خامساً : تنظيم الرقابة على الصرف الأجنبي :
إن فرض الرقابة على الصرف إنما يتضمن ضرورة موافقة السلطات النقدية على كل عملية من عمليات
تحويل العملة الوطنية إلى عملة أجنبية أو العكس ٬ والواقع أن البنك المركزي يقوم بدور هام في تنظيم هذه
العملية ٬ فهو الذي يحتفظ باحتياطيات الدولة من العملات الأجنبية ٬ ويحدد أسعار وشروط تعامل البنوك
الأخرى في النقد الأجنبي بيعاً وش ا رءً .
سادساً : الرقابة على الائتمان :
يقوم البنك المركزي بم ا رقبة حجم الائتمان المصرفي عن طريق التحكم في كمية النقود المصرفية التي
تستطيع البنوك إنشائها بهدف تجنب زيادة كمية النقود المتداولة عن حجم السلع والخدمات مما يجنب
ارتفاع المست وى العام للأسعار الذي يسبب التضخم ٬ كما ويهدف إلى تجنب نقص كمية النقود عن حجم
السلع والخدمات مما يجنب انخفاض المستوي العام للأسعار الذي يسبب ظاهرة الانكماش الاقتصادي .
ويقصد بالرقابة على الائتمان : تحكم البنك المركزي في حجم كمية النقود التي تستطيع البنوك التجارية أن
تخلقها بما يتمشى مع مست وى النشاط الاقتصادي المرغوب فيه منعاً للتضخم أو تجنباً الانكماش .
ومن أهم الوسائل التي يستخدمها البنك المركزي في م ا رقبة وتوجيه الائتمان ما يلي :
-1 تغيير سعر إعادة الخصم :
يقصد بسعر إعادة الخصم ( سعر الفائدة التي يتقاضاها البنك المركزي من البنوك التجارية نظير إعادة
خصم ما لديها من كمبيالات وأذون أو ما يقدم لها من قروض وسلفيات مضمونة بمثل هذه الأو ا رق أو
بغيرها ) .
إن سعر الخصم المحدد من قبل البنك المركزي والذي تقترض به البنوك التجارية يمثل المؤشر الذي تعتمد
عليه البنوك التجارية في تحديد سعر الفائدة التي تمنح به قروضاً ٬ فإذا ما قام البنك المركزي برفع سعر
الخصم ٬ فإن البنوك التجارية تقوم بنقل هذا العبء على عملائها عن طريق رفع سعر الفائدة على القروض
٬ مما يترتب عليه الحد من رغبة الأف ا رد في الحصول على الائتمان ٬ وبالتالي ينكمش حجم الائتمان ٬
والعكس تماماً في حالة قيام البنك المركزي بتخفيض سعر الخصم .
-2 عمليات السوق المفتوحة :
ويقصد بها قيام البنك المركزي تلقائياً ببيع وش ا رء الأو ا رق المالية في سوق أ رس المال بهدف التأثير على
كمية النق ود المتداولة في المجتمع .
وتعتبر هذه الوسيلة من الوسائل الفعالة في مقدرة البنوك على منح الائتمان ٬ فعندما يرغب البنك المركزي
بتنشيط الحالة الاقتصادية للدولة فإنه يقوم بش ا رء الأو ا رق المالية ودفع قيمتها بشيكات مسحوبة عليه ٬
ويترتب على ذلك ما يلي :
أ - عند تسليم البائعين لهذه الشيكات فإنهم يقومون بإيداعها لدي بنوكهم التجارية ٬ الأمر الذي
يترتب عليه زيادة الاحتياطيات النقدية لهذه البنوك ٬ ومن زيادة حجم الودائع بأضعاف مقدار
الزيادة في هذه الاحتياطيات .
ب - زيادة النقد المتاح لدى الأف ا رد مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وهو ما يحفز
الإنتاج وزيادة العمالة ومن ثم ينتهي الأمر إلى حالة من الرواج العام ٬ وعلى عكس ذلك فإن ما
ساد الدولة من الرواج تخشي معها السلطات المسئولة أن تؤدي إلى حالة من التضخم ٬ عندئذ
يتدخل البنك المركزي بائعاً للأو ا رق المالية في سوق أ رس المال ويقوم المشتري لهذه الأو ا رق بدفع
قيمتها إما نقداً أو بشيكات .
-3 تغيير النسبة القانونية للاحتياطي النقدي :
وتتمثل النسبة القانونية للاحتياطي النقدي في نسبة من الأرصدة النقدية التي تلتزم البنوك التجارية قانونياً
بالاحتفاظ بها من قيمة الودائع لديها لدى البنك المركزي .
ويتناسب مقدرة البنك التجاري على خلق الودائع مع بقاء العوامل الأخرى على حالها عكسياً مع النسبة
القانونية للاحتياطي النقدي ٬ ولما كان البنك المركزي هو الذي يقوم بتحديد هذه النسبة فإنه يستطيع
استخدامها لتقييد أو تسهيل خلق الائتمان حسب الظروف الاقتصادية السائدة ٬ فإذا رغب البنك المركزي
في مكافحة البوادر التضخمية في النشاط الاقتصادي فإنه يلجأ إلى رفع النسبة القانونية للاحتياطي النقدي
٬ أما إذا رغب في إتباع سياسة توسعية فيمكنه تخفيض هذه النسبة ٬ وفي هذه الحالة تسرع البنوك التجارية
في زيادة أصولها وخصومها ٬ وبذلك يزيد الائتمان وتتضاعف الودائع وينتهي الأمر في النهاية إلى انتقال
الاقتصاد القومي من حالة الكساد إلى حالة الانتعاش .
وجدير بالذكر أن سياسة تغيير النسب القانونية للاحتياطي النقدي تعتبر من أق وى الأسلحة النقدية التي
يمكن للبنك المركزي استخدامها في الدول الآخذة بأسباب النمو حيث أن استخدام عمليات السوق المفتوحة
يكاد يكون مستحيلاً بسبب ضيق سوق أ رس المال ٬ هذا بالإضافة إلى أن سياسة تغيير سعر إعادة الخصم
تكون محدودة الأثر بسبب ضيق سوق الخصم في هذه الدول .
-4 تحديد هامش الاقت ا رض :
المقصود بذلك هو اشت ا رط البنك المركزي بضرورة قيام الأف ا رد بتمويل جانب من مشترياتهم من الأو ا رق
المالية على أن يتم الجزء الباقي عن طريق الاقت ا رض من البنوك التجارية إذا ما رغبوا في ذلك . وفي حالة
الرواج يمكن أن ترتفع هذه النسبة تجنباً للتضخم ٬ أما في حالة الكساد فيمكن أن تنخفض تجنباً للانكماش.
-5 وضع حد أعلى لسعر الفائدة الممنوح للودائع الجارية :
قد تتنافس البنوك التجارية بغرض زيادة ودائع زيادة ودائع العملاء ٬ فتمنح فوائد على الودائع الجارية أو
تتنازل عن شروط مرور فترة زمنية لسحب الودائع الآجلة ٬ وقد يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار الفائدة ارتفاعاً
كبي ا رً ٬ ولذا فإن البنك المركزي قد يضع حداً أعلى للفوائد التي تمنح على الودائع الجارية لا يجب على
البنوك التجارية أن تتخطاه ٬ وبالطبع فإن الحد يكون قابلاً للتغيير حسب الظروف الاقتصادية ٬ فينخفض
في حالة الزواج ويرتفع في حالة الكساد .
-6 الرقابة على شروط البيع بالتقسيط :
يؤدي نظام البيع بالتقسيط إلى زيادة الاستهلاك بصفة عامة ٬ ويمكن للبنك المركزي أن ييسر شروط هذا
البيع في حالة الكساد عن طريق انخفاض الحد الأدنى لما يدفع مقدماً من ثمن السلعة ٬ أو إطالة مدة
التقسيط ٬ أو غير ذلك ٬ كما يمكن أن يقيد من الشروط في حالة الرواج عن طريق رفع الحد الأدنى لمقدم
الثمن أو تقصير مدة التقسيط أو خلافه .
-7 الرقابة على الائتمان العقاري :
من المعلوم أن مشكلة الإسكان تعتبر من المشكلات الرئيسية في معظم الدول إن لم يكن في جميع دول
العالم ٬ وقد يتمكن البنك المركزي المساهمة في التخفيف من حدتها عن طريق تسهيل الحصول على
القروض لبناء المساكن وذلك عن طريق تخفيض المقدم وإطالة مدة القرض وغير ذلك .
-8 التأثير الأدبي :
يمكن للبنك المركزي إذ ما رغب في إتباع سياسة انكماشية ( أو توسعية ) أن يدعو المسئولين عن إدارة
البنوك التجارية ويصدر إليهم توجيهات بشأن تخفيض (أو زيادة) القروض التي يمنحوها للعملاء وتقليل (
أو زيادة ) استثما ا رتهم بصفة عامة ٬ وإذا كان التأثير الأدبي يعني في الظاهر مجرد التوجيه فإن فاعليته
علمياً أبعد من ذلك بكثير .
السياسة النقدية :
تتمثل السياسة النقدية في ذلك الفرع من السياسة الاقتصادية الذي يسعى إلى تحقيق الأهداف النهائية
للاقتصاد الكلي ٬ من رفع مستوى العمالة إلى مست وى التوظيف الكامل ٬ والعمل على استق ا رر الأسعار ٬
والسعي إلى تحقيق النمو أو التنمية الاقتصادية ٬ والعمل على تحقيق التوازن في مي ا زن المدفوعات ٬ هذه
السياسة يقوم أو يشارك في وضعها ممثل السلطة النقدية في الاقتصاد وهو البنك المركزي وذلك من خلال
الأدوات والوسائل التي يستخدمها البنك المركزي والمذكورة آنفاً من خلال وظائفه .
مفهوم السياسة النقدية :
تتمثل أدوات السياسة النقدية في تغيير العرض النقدي في المجتمع والائتمان المصرفي ٬ ويؤثر هذا في
مستويات أسعار الفائدة ٬ وبدوره في مست وى الاستثمار ٬ ومن ثم في الطلب الكلي ٬ وبالتالي يؤثر في
مست وى النشاط الاقتصادي .
ويتولى إدارة السياسة النقدية البنك المركزي ٬ حيث يتحكم في العرض النقدي في المجتمع من خلال التأثير
في عديد من المتغي ا رت التي تحكم قدرة البنوك على منح الائتمان ٬ فضلاً عن التحكم في الإصدار النقدي
الجديد ٬ ويؤثر هذا في أسعار الفائدة ٬ ومن ثم في حجم الاستثمار الذي يمثل مكوناً من مكونات الطلب
الكلي .
ففي ظل ظروف الركود أو الكساد الاقتصادي يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية ويزيد من العرض
النقدي في المجتمع ٬ ويترتب على ذلك الأمر انخفاض في أسعار الفائدة ومن ثم يزداد الاستثمار وبالتالي
يزداد مستوى الطلب الكلي ٬ مما يؤدي في النهاية إلى زيادة مستوى الناتج القومي ومست وى التوظيف ٬
فضلاً عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ٬ بينما في ظل ظروف التضخم فإن البنك المركزي يتبع سياسة
نقدية انكماشية ترمي إلى تخفيض العرض النقدي بالمجتمع ٬ ومن ثم ا رتفاع أسعار الفائدة ٬ وبالتالي
ينخفض مستوى الاستثمار وبدوره مست وى الطلب الكلي ٬ وهذا يحد في النهاية من الارتفاع في المست وى
العام للأسعار .
النموذج الكينزي لتحديد التوازن
IS/LM : نموذج
يمثل النموذج الكينزي أحد أشهر مداخل د ا رسة الاقتصاد الكلي بشكل عام والاقتصاد النقدي بشكل خاص .
في ( Keynesian theory ) النظرية الكينزية (John Hicks, فمنذ أن وضع جون هيكس ( 1937
٬ أصبح استخدامه شيئاً اعتيادياً . IS/LM نموذج أطلق عليه نموذج
٬ الذي يقوم على تحديد التوازن بين في الحقيقة ٬ يستمد هذا من النموذج الكينزي الذي يعرف بنموذج 45
الطلب الكلي الذي يتكون من الاستهلاك والاستثمار والإنفاق الحكومي ٬ والعرض الكلي الذي يمثله الناتج
القومي أو الدخل القومي ٬ ويعاني نموذج 45 لتحديد التوازن في ذاته من نقاط قصور عدة من بينها :
-1 أنه لا يتناول سوق النقود إذ يغيب عنه الطلب على النقود وعرض النقود ٬ وبذلك يفسر التغي ا رت
في سعر الفائدة .
-2 يبتعد عن الواقع الاقتصادي الذي يملي وضعاً يتفاعل فيه سوق النقود وسوق السلع مؤث ا رً
الوضع فيهما في الإنتاج وحالة الاقتصاد .
فإنه يشمل سوق السلع وسوق النقود مما يوفر IS/LM أما الامتداد للنموذج الكينزي الأساسي ٬ وهو نموذج
أداة لتوضيح أثر السياسة النقدية والمالية في الاقتصاد.
LM - معادلة
هو حاصل توليفات التوازن بين الطلب على النقود وعرض النقود فهذا يتطلب معادلة LM بما أن منحنى
للطلب على النقود ومعادلة لعرض النقود .
-1 الطلب على النقود :
. R وعلى Y باستخدام المعادلة نجد أن الطلب على النقود يعتمد علي
= f ( Y , R)
عند وضعها على شكل معادلة محددة تصبح :
Md/P = LO + Ly Y 1r R
حيث أن :
سعر الفائدة الحقيقي . = R الدخل الحقيقي ٬ = Y
86 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
. Y و R الطلب على النقود المستقل على = LO
. Y بتغي ا رت في Md/P ويقيس مدى تأثير Y معامل = Ly
. R بتغي ا رت في Md/P ويقيس مدى تأثير R 1 = معامل r
-2 عرض النقود :
ويحدد طبقاً لاختيا ا رت البنك Y و R افترض أن عرض النقود دالة محددة يكون فيها العرض مستقلاً عن
المركزي ٬ أي أن عرض النقود تمثله دالة مستقلة وليست سلوكية وتصبح :
=
-3 معادلة التوازن في سوق النقود
٬ فإنه في حالة توازن . هذا يعني أنه على أي نقطة على LM عندما يمثل سوق النقود بنقطة على منحنى
حيث يتحقق التوازن في سوق النقد ٬ فإن الكمية المطلوبة تساوي الكمية المعروضة ٬ جبرياً LM منحنى
هذا يعني :
Md/P = LO + Ly Y 1r R =
تصبح : R حل المعادلة لقيمة
R=
: LM معادلة
R = + L + Ly Y M
P
فقط ) هي تمثل ميل منحنى Y الناتج عن تغير في R أي التغير في ) Y بالنسبة لمستوى الدخل R مشتقة
ويساوي : LM
=
L إذ أن تغي ا رت في R بافت ا رض ثبات باقي العوامل المؤثرة في Y نتيجة تغير في R وهو التغير الناتج في
ثابتة ٬ فإن زيادة في L تؤدي إلى تغير في ميل المنحنى . على سبيل المثال ٬ مع الحفاظ على L أو
مع الحفاظ L أما زيادة في . LM تؤدي إلى زيادة في ميل منحنى L مرونة الطلب على النقود في الدخل
87 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
٬ أي أنه يتجه ليصبح أقرب إلى الخط الأفقي . ولاحظ LM فإنها تؤدي إلى زيادة في ميل L على ثبات
أيضاً . Y من خلال حلها لقيمة LM أنه يمكن تحديد معادلة
: IS - معادلة
يمكن اشتقاق معادلة تمثل التوازن في سوق السلع من خلال المعادلات التالية .
-1 الإنفاق الخاص :
افترض أن الإنفاق الخاص ( الاستهلاك ) تمثله المعادلة التالية :
C = + c * Yd
حيث أن :
. Y الاستهلاك التلقائي المستقل عن صافي الدخل = Co
نظير تغير في صافي الدخل ٬ وهو الميل الحدي للاستهلاك . C معامل يقيس التغير في = c
صافي الدخل بعد خصم الدخل . = Yd
-2 الاستثمار الخاص :
افترض أن الاستثمار يعتمد على الدخل وسعر الفائدة ٬ إذن :
I = Io - Ir R + Iy Y
حيث أن :
الاستثمار المستقل . = Io
مرونة الاستثمار في سعر الفائدة عند التحويل اللوغريثمي ) . ) R حساسية الاستثمار لتغي ا رت في = Ir
مرونة الاستثمار في الدخل عند التحويل اللوغريثمي ) . ) Y حساسية الاستثمار لتغي ا رت في = Iy
-3 الإنفاق الحكومي :
وتعبر عنه المعادلة التالية : Y وعن R افترض أن الإنفاق الحكومي مستقلاً عن
G = Go
88 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
-4 معادلة التوازن في سوق السلع :
يمثل حالات التوازن بين الطلب على السلع وعرض السلع ٬ فإنه هناك حاجة لمعادلة توازن IS بما أن
: AD يساوي العرض الكلي Y تبين أن الطلب الكلي
Y = C + I + G = AD
حل المعادلات السابقة للتوازن في سوق السلع من خلال التعويض عن قيمتها في :
Y = Co + c Yd + Io Ir R + Iy Y + Go
فإذا لم . T والض ا رئب المفروضة عليه وأطلق عليها Y هو حاصل الفرق بين الدخل الكلي Y أن صافي
٬ Y افترض أنه ليس هناك ض ا رئب ٬ عندئذ حل المعادلة لقيمة . Y = Yd تكن هناك ض ا رئب ٬ فإن
لتصبح :
Y = Co + c Y + Io Ir R + Iy + Go
: IS معادلة
Y =
( )
يلاحظ أن الدخل يعتمد على سعر الفائدة ضمن عوامل أخرى ٬ ويمكن من خلال تقدير التغير في هذه
وهو التغير في سعر الفائدة نتيجة تغير في الدخل ٬ أو بأخذ المشتقة IS المعادلة اشتقاق ميل منحنى
٬ وعلى النحو الآتي : Y نتيجة تغير R الجزئية للمتغير
Ir R = Co + Io + Go Y (1 C Iy )
R = ( )
: IS بأخذ المشتقة الجزئية يصبح ميل منحنى
= ( )
بافت ا رض الحفاظ على باقي العوامل المؤثرة Y ويعبر الميل عن التغير في سعر الفائدة الناتج عن تغير في
ثابتة . R في
) Iy على سبيل المثال ٬ ارتفاع قيمة . Ir و Iy و C يعتمد على قيم IS يتضح من هذا أن ميل منحنى
تناقص في بسط معادل الميل ) يؤدي إلى تناقص في ميل المنحني ٬ أي أنه يصبح أقرب إلى الخط
أما إذا كان المستثمرين . C وكذلك الحال بالنسبة للمعامل . Iy الأفقي المستقيم من وضعه قبل التغير في
تكون كبيرة . Ir يتصفون بدرجة حساسية عالية ( مرونة عالية ) تجاه تغي ا رت في سعر الفائدة ٬ فإن
ثابتة ٬ يؤدي إلى تناقص IS وارتفاع قيمة هذا المعامل مع الحفاظ على باقي مكونات معادلة ميل منحنى
في ميل المنحنى .
التوازن وفاعلية السياستين المالية والنقدية
تجعل سوق السلع في R وسعر الفائدة Y تمثل توليفة من الدخل IS أولاً : إن أي نقطة على منحنى
توازن.
تجعل سوق النقود في R وسعر الفائدة Y تمثل توليفة من الدخل LM ثانياً : إن أي نقطة على المنحنى
توازن .
والمقصود بالتوازن في الوضع الأول هو أن تتساوي الكمية المطلوبة من السلع التي يحددها الطلب الكلي ٬
بالكمية المعروضة من السلع التي تعكسها الناتج أو الدخل القومي . أما في الحالة الثانية ٬ فإن التوازن
يتحقق إذا تساوت الكمية المطلوبة من النقود مع الكمية المعروضة منه . ويما أن الواقع يتسم بوجود
السوقين معاً ٬ وأن سعر الفائدة ومستوى الدخل اللذان يتحقق التوازن في السوقين عندهما هما نتاج للعوامل
التي تحرك قوى العرض والطلب في هذين السوقين ٬ فإننا نبحث في التوازن في السوقين ومدى فاعلية
السياستين المالية والنقدية وأثرهما في النشاط الاقتصادي .
تقع على المنحنين في نفس المكان A ٬ وبما أن النقطة LM ومنحنى IS لنبدأ بالشكل ( 1) إذا رسم منحنى
تحقق التوازن في السوقين معاً . Y و 1 R ٬ فإنها تعكس توليفة من 1
( الشكل ( 1
التوازن في سوق النقود وسوق السلع
بالرغم من أن التوازن هو هدف النموذج الاقتصادي ٬ فإن هذا لا يعني أن التوازن ظاهرة مستمرة في كل
الأوقات . فالتوازن المطلوب هو ذاك الذي لو تعرض سوق السلع وسوق النقود أو أي منهما عنده
لصدمات أبعدت أي منهما أو كليهما عنه ٬ فإنه توجد قوى ذاتية في السوقين تدفعهما تجاهه ٬ ويمكن
حصر حالات عدم التوازن التي يمكن أن يتعرض لها أي من السوقين أو كليهما
إرسال تعليق