- المدرسة
الجغرافية الإمكانية أو الاحتمالية (Possibilism school):
اعترض بعض الجغرافيين على المدرسة الحتمية ونادوا باحترام
قدرات الإنسان وإمكانياته، وأدت هذه الأفكار إلى ولادة مدرسة جديدة في الجغرافية
هي المدرسة الإمكانية أو الاحتمالية، ومن أشهر روادها فيدال دو لابلاش (1845- 1918
م) مؤسس هذه المدرسة، وكان يرى أن العلاقة بين الإنسان والبيئة هي علاقة متبادلة،
وذات تأثير متبادل، وأنه لا يوجد حتم بيئي وإنما توجيه بيئي، ومن رواد المدرسة
الإمكانية لوسيان فيفر، وبوفون، وديمانجون، وغيرهم من العلماء الذين لم يسلموا بحتمية
البيئة وطغيانها على الإنسان والمجتمع، ووجهوا انتقادات مهمة إلى مدرسة الحتم
البيئي، وامتازت دراساتهم بالدقة العلمية والمثابرة في التحليل والابتعاد عن
التعميم.
ورأى دولا بلاش أن كل ما يتعلق بالإنسان لا يمكن أن تسيره
أية حتمية، جغرافية كانت أو غير جغرافية، كما رأى لوسيان فيفر أن البيئة الطبيعية
تحوي إمكانيات، الإنسان سيدها، والإنسان هو الحكم فيما يختار منها([1]).
وقد
أسهم التقدم العلمي والتكنولوجي لاحقاً في تغيير الكثير من الآراء والأفكار
المتعلقة باستغلال الطبيعة، مثل انتشار الزراعة، أو السكن في مناطق لم تكن متاحة
سابقاً، كما أن المعتقدات والتقاليد الاجتماعية والثقافية تسهم في تحديد علاقة
الناس بالطبيعة ورسم توجهاتهم، مثل تحريم أكل لحوم الخنزير لدى المسلمين، أدى إلى عدم تربيتها في الدول
الإسلامية، وقس على ذلك تقديس البقر في الهند أثر على إمكانية الاستفادة منها.
والمدرسة
الإمكانية ترى أنه إذا كانت البيئة تؤثر في الإنسان، فإن الإنسان بدوره يؤثر في
البيئة، ولكن هذه المدرسة أكدت على أهمية احترام الإنسان لقوانين الطبيعة وعدم
التدخل السافر فيها، وكان دولابلاش يرى أن الجغرافية هي علم المكان وليس علم
الإنسان، وقد وجه الاهتمام إلى دراسة البيئة الجغرافية بكل عناصرها، وبين كيف أن
الظاهرات الطبيعية والإنسانية التي تدرسها العلوم الأخرى بشكل منفصل بعضها عن بعض
فإنها تتحد في المكان وتؤثر في الإنسان وتتأثر به([2]).
بارك الله لفيكم
ReplyDeletePost a Comment