قصائد عروة بن الورد

عروة بن الورد

شعر الصعاليك عروة بن الورد

عروة بن الورد اقلي علي اللوم

شعر عروة بن الورد في الغزل

قصيدة عروة بن الورد في خطاب زوجته

ديوان عروة بن الورد

مسلسل عروة بن الورد

عروة بن الورد ( 596 ؟ )

 

هو أبو نجدة عروة بن الورد العبسي ،مثال الشاعر الفارس الصعلوك جمع صفات الصعلكة إلى درجة عالية من الشجاعة والجود وكرم الأخلاق وكبر النفس وبعد الهمة والتصون عن الفحش وهو يعرف بعروة الصعاليك لأنه كان يلم شعثهم ويقوم بأمرهم .

 

وكان لاينفك في الغارات والغزوات في بلاد نجد وأطرافها مما يلي الحجاز والعراق ، حيث منازل قومه العباسيين حتى قتل في بعض غزواته .

 

وكان عروة يدون أحداث حياته من غارات وتأملات في الحياة وقصائده من أدل الشعر الجاهلي على الحياة البدوية الساذجة المحفوفة بالآراء الصريحة في مقاييس المجتمع بين الغنى والفقر والواكل والأتكال على النفس ، يقول في قصيدته التي يتحدث فيها عن الصعلوك :

     

ظهر في سماء الجزيرة فرسان عظام ظل ذكرهم العطر عالقًا في أذهان العرب بارزًا كبروز سهيل في سمائهم، منهم ذلك الفارس السمح الكريم عروة بن الورد العبسي.

عاش في كنف والده الذي يعد من أشراف عبس وفرسانها المعدودين له دور بارز في حرب داحس والغبراء.

 

رأى عروة بأم عينيه أهوال الحرب وما جنته من ويلات على الضعفاء والفقراء وبرؤيته الثاقبة التقط الخيط الذي سار عليه هرم بن سنان والحارث بن عوف في بذلهم وعطائهم، تخرج في مدرسة عنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمى مسلحًا بالمروة والكرم والشجاعة وحصافة الرأي.

 

اختط لنفسه خطاً واضح المعالم يتمثل في الثورة على الأغنياء الأشحاء يجود بأموالهم على الفقراء والضعفاء وعابري السبيل في أسلوب عجيب يرقى إلى مستوى التكافل الاجتماعي.

عاش عروة في قبيلته معززًا مكرمًا مهيوب الجانب بعكس غيره من الصعاليك. يُعد من أسرع عدائي العرب حتى قيل: إنه يسابق الريح ويتجاوز فرسه "قرمل" عدوًا، يحمل نفسًا كريمة جعلته مهذبًا في ثورته لا يغزو للنهب والسلب وسفك الدماء، بل يعمد في غارته على من عرف بالشح والبخل، يمد يد العون للضعفاء والفقراء ولا يؤثر نفسه بشيء فهو مثال للبذل والعطاء، قبيلته تأتم به في سيرته العطرة، وأصبح مضرب المثل في أحياء العرب، جعل من (الصعلكة) منحى مثاليًا

 

      اما وقد قال عبد الملك بن مروان يقول: من زعم أن حاتمًا أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد.

له ديوان شعر مطبوع فيه قصائد تعبر بصدق عن مثالية تعامله مع الضعفاء والفقراء، فهو يعمد في كثير من الأحيان إلى إيثارهم بكل طعامه على الرغم مما به من جوع، ويكتفي بشرب الماء البارد القراح. عابه بعض أصحابه على ضعفه وهزله فأجابهم بأن له نفسًا تسمو به إلى المجد وأنه يؤثر

الآخر على نفسه

 

الصُعلوك في اللغة هو الفقــــير، وأطلقت كلمة الصعاليك في الجاهلية على مجمـــوعـــــة من (الفـــــتّاك) يغيـــرون فرادى أو جــــماعات، اشـــتهر منهم تأبـــط شــراً، والشـــنفرى، والسُــليك بن السلكة...

ولقب عروة بن الورد بعروة الصعاليك، لأنه كان يجمعهم ويقوم بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم.

قال أبو الفرج الأصفهاني:

كان عروة بن الورد إذا أصابت الناس سنة شديدة تركوا في دارهم المريض والكبير والضعيف، وكان عروة بن الورد يجمع أشباه هؤلاء من عشيرته في الشدة ثم يحفر لهم الأسراب (الأنفاق) ويكنف عليهم الكنف (أي يقوم بتغطيتها لحمايتهم). ومن قوي منهم إما مريض فيبرأ، أو ضعيف تثوب قوته، خرج به معه فأغار وجعل لأصحابه الباقين في ذلك نصيباً حتى إذا أخصب الناسُ وألينوا وذهبت السنةُ (الشدة والقحط) ألحق كل إنسان بأهله وقسم له نصيبه من غنيمة إن كانوا غنموها فربما أتى الإنسان منهم أهله وقد استغنى فلذلك سُمي: عروة الصعاليك.

 

ذكر أبو عمرو الشيباني أن عروة بن الورد في إحدى غاراته أخذ امرأة من كنانة، بكراً يقال لها سلمى وتكنى أم وهب فأعتقها واتخذها لنفسه زوجة، فمكثت عنده بضع عشرة سنة وولدت له أولاداً وهو لا يشك في أنها أرغب الناس اليه

 

 

 

عروة بن الورد

 

زعيم الصعاليك

 

"من زعم أن حاتما أسمح العرب فقد ظلم عروة بن الورد "

عبد الملك بن مروان

 

هو عروة بن الوَرْد العبسي ، كان أبوه من شجعان قبيلته وأشرافهم وكان له دور بارز في حرب داحس والغبراء .أما أمه فكانت من ( نَهْد) من قضاعة ، وهي عشيرة وضيعة لم تعرف بشرف ، فآذى ذلك نفسه ، وأحس في أعماقه بعارٍ لا يمحى ، يقول :

 

ومابيَ مـن عـارٍ إخـالُ علمتُـه سوى أن أخوالي _ إذا نُسبوا _ نَهْدُ

 

وربما هذا هو السبب في ثورته على الأغنياء ، وإن كانت هذه الثورة مهذبة ، فلم يتحول إلى سافك دماء ولا إلى متشرد يرود مجاهل الصحراء ، وقبيلته لم تخلعه ، بل ظل ينزل فيها مرموق الجانب ، إذ أتخذ صعلكته بابا من أبواب المروءة والتعاون الإجتماعي بينه وبين فقراء قبيلته وضعفائها ، ومن أجل ذلك لقب (عروة الصعاليك ) لجمعه أياهم وقيامه بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم وضاقت بهم الدنيا .

وكانت عبس إذا أجدبت أتى ناس منها ممن أصابهم جوع شديد وبؤس فجلسوا أمام بيت عروة ، حتى إذا أبصروا به صرخوا وقالوا " يا أبا الصعاليك أغثنا" فكان يرق لهم ويخرج بهم فيصيب معاشهم .

وعروة بذلك كله يعبر عن نفس كبيرة ، فهو لا يغزو للسلب ولا للنهب كالشنفرى وتأبط شرا، أنما كان يغزو ليعين الهُلاّك والفقراء والمرضى والمستضعفين من قبيلته ، ولم يكن يُغير على كريم يبذل ماله للناس ، بل كان يتخيرلغارته من عُرفوا بالشح والبخل ومن لا يمدون يد العون للمحتاج في قبائلهم .

 

 

ولعروة بن الورد ديوان برواية ابن السكيت ، تترد في أشعاره معانٍ كثيرة رائعة ، جعلت معاصريه ومن جاء بعدهم يعجبون به إعجابا شديدا .

 

 

 

 

 

 

 

 

عروة بن الورد العبسي أبو الصعاليك،شاعر من شعراء الجاهلية وفارس من فرسانها وصعلوك من صعاليكها وأبطالها الميامين، اجتمعت فيه صفات النخوة والكرم والشجاعة والنبل والعفة، وإغاثة الملهوف، وحفظ الذمام، ورعاية حق الجار. ولا تكاد تذكر صفة من صفات الفضيلة إلا وجدتها عنده.

 

نشأ في قبيلة "عبس" ولم يكن ذا يسار، لأن ماله ينفقه كله في ما يراه حقاً عليه، من إطعام الجائع والسعي على الضعفاء والمساكين.

 

          

كان يكره الفقر كراهية تملؤها المرارة لأن نظرة الناس إلى الفقير فيها ازدراء واحتقار واستهانة، فيسعى إلى الغنى لأن الناس تقدر الغني وتوقره.

 

يقول في ذلك:

 

دعـيني للغنى أسعـى فـإني

رأيت الناس شرهـم الفقيـر

وأبعـدهم وأهـونهم عليهم

وإن أمسى له حسبٌ وخيـرُ

ويُلفى ذو الغنى وله جلالً

يكــاد فـؤاد صـاحبه يـطيــر

قـليـلٌ ذنبُـه والـذنبُ جــــمٌ

ولـكـن للغِـنى ربٌّ غـفـــــور

 

لذلك كان يلقي بنفسه في مهاوي الردى مغيراً على أعدائه، ليرجع إلى قومه وأهله غنياً فيغنيهم، يقول مخاطباً زوجته التي تحثه على حفظ ماله والبقاء بين أهله:

 

ذريني أطــوف فـي البلاد لعـلني

أخليك أو أغنيك عن سوء محضري

فـإن فــاز سهم للمنيـة لـم أكــــن

جزوعـاً وهل عن ذاك مـن متـأخـــر

وإن فاز سهمي كفّكم عن مقاعد

لكــم خلـف أدبـار البيـوت ومـنظـــر

 

 

كانت نفسه الأبيّة ترفض أن تتضاءل أمام غني يداريه الناس ويتقربون إليه، بل ربما كان موقف الناس من الغني أحد الدوافع القوية التي تهيب به إلى سلوك سبل المخاطر لأن في المال دعماً لقوة النفس كما يقول:

 

ومن يكُ مثلي ذا عيالٍ ومقتراً

من المالِ يطرح نفسه كل مطرح

ليبلغ عذراً، أو يصيب رَغيبة

ومبلـغُ نفسٍ عـذرهـا مثـل منجح

ويقول:

فلَلموتُ خيرٌ للفتى من حياته

فقيراً، ومن مولى تـدِبُّ عقـاربـه

وسائلـةٍ أيـنَ الرحيـلُ وسائلٍ

ومن يسألُ الصعلوك أين مذاهبُه

مذاهبُـه أن الفجـاج عريضـة

إذا ضـنّ عـنــه بـالفَعــال أقـاربُــه

 

وفي المال كذلك إغناء للأهل والجيران:

فــإذا غَـنيتُ فــإن جــاري نيلـه

من نائلي وميسّري معهـودُ

وإذا افتقرتُ فلن أرى متخشعاً

لأخي غِنىً، معروفُه مكدود

 

ولا يكتفي بهذا بل يحث الفقراء الصعاليك أن ينهجوا نهجه ويركبوا المخاطر والأهوال ليصيبوا غنى من غزوة أو غارة يشنونها على الأعداء. فيثني على أولئك الصعاليك الممتلئة نفوسهم بالشجاعة والنخوة والعزة، وينحي باللائمة على أولئك الصعاليك التعساء ذوي النفوس الخوارة الضعيفة التي تعيش بين بيوت الحي لا هم لهم إلا ملء بطونهم يعينون نساء الحي من غير طلب منهن ينامون على الأرض كالإبل المرهقة المتعبة:

 

لحى الله صُعلوكـاً إذا جَنّ ليلُه

مصافي المشاشِ آلفاً كل مَجزر

يَعُـدُّ الغِنـى من نفسـه كل ليلـة

أصاب قراها من صديق ميسّـــــر

يعين نساء الحي ما يستعِنـَّـــه

ويمسي طليحـاً كالبعيـر المحسّـر

ولكـنّ صُعلوكاً صفيحة وجهه

كضَـوءِ شهـاب القـابس المتنـور

مطـلاً علـى أعدائـه يزجرونـه

بساحتهـم زجَـر المنيـح المشهــر

فـذلك إن يلــق الـمنيـة يلقهــا

حميـداً وإن يستغـنِ يومـاً فـأجـدر

 

جوده وسخاؤه

 

اشــــتهر عروة بن الورد العبسي بالكرم، واستفاضت أخبار سخائه وجــــوده بين القــبائل العربيـة، يقول في ذلك:

 

وإني امرؤٌ عافي إنائي شِركة

وأنت امرؤٌ عافي إنائك واحِدٌ

أتهزأ مني أن سمنتَ وأن ترى

بوجهي شُحوبَ الحق والحق جاهِدُ

أُقسّم جسمي في جسوم كثيرة

وأحسـو قراحَ المـاءِ والمـاءُ بـارد

 

ويقــــول:

هـــــــــلا سـألـــتَ بني عـيلانَ كلهم

عند السنينَ إذا ما هبت الريحُ

قدحانِ: قدحُ عيال الحي إذ شبعـوا

وآخر لذوي الجيـران ممنـوحُ

 

ومن علامات الكرم وأماراته أن يلقى ضيفه بأسارير منبسطة ووجه مسفر، ويؤنسه بالحديث:

 

سَلي الطارق المعترّ يا أم مالك

إذا ما أتاني بين قدري ومجزري

أيسفر وجهي أنه أول القِــرى

وأبـذلُ معروفي لــه دون منكـري

 

ويقـــول:

فراشي فراشُ الضيف والبيتُ بيته

ولم يُلْهني عنــه غزالٌ مُقَنع

أحدّثُــه إن الحديـث مـــن القـــــرى

وتعلم نفسي أنه سوف يهجع

 

وقال فيه عبد الملك بن مروان:

 

 من زعم أن حاتماً أسخى الناس فقد ظلم عروة بن الورد.

 

عروة والصعاليك

 

الصُعلوك في اللغة هو الفقــــير، وأطلقت كلمة الصعاليك في الجاهلية على مجمـــوعـــــة من الفـــــتّاك يغيـــرون فرادى أو جــــماعات، اشـــتهر منهم تأبـــط شــراً، والشـــنفرى، والسُــليك بن السلكة...

 

ولقب عروة بن الورد بعروة الصعاليك، لأنه كان يجمعهم ويقوم بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم.

 

قال أبو الفرج الأصفهاني:

 

كان عروة بن الورد إذا أصابت الناس سنة شديدة تركوا في دارهم المريض والكبير والضعيف، وكان عروة بن الورد يجمع أشباه هؤلاء من عشيرته في الشدة ثم يحفر لهم الأسراب (الأنفاق) ويكنف عليهم الكنف (أي يقوم بتغطيتها لحمايتهم). ومن قوي منهم إما مريض فيبرأ، أو ضعيف تثوب قوته، خرج به معه فأغار وجعل لأصحابه الباقين في ذلك نصيباً حتى إذا أخصب الناسُ وألبنوا وذهبت السنةُ (الشدة والقحط) ألحق كل إنسان بأهله وقسم له نصيبه من غنيمة إن كانوا غنموها فربما أتى الإنسان منهم أهله وقد استغنى فلذلك سُمي: عروة الصعاليك.

 

وقال ابن الأعرابي: أجدب ناسٌ من بني عبس في سنة (يعني سنة قحط) أصابتهم فأهلكت أموالهم وأصابهم جوع شديد وبؤس، فأتوا عروة بن الورد فجلسوا أمام بيته، فلما بصروا به صرخوا وقالوا: ياأبا الصعاليك أغثنا فرقّ لهم وخرج ليغزو بهم ويصيب معاشاً، فنهته امرأته لما تخوفت عليه من الهلاك، فعصاها وخرج غازياً، فمر بمالك الفزاري فسأله أين يريد فأخبره، فأمر له بجزور (بعير) فنحرها فأكلوا منها، وأشار عليه مالك أن يرجع فعصاه ومضى حتى انتهى إلى بلاد بني القين فأغار عليهم، فأصاب هجمة (الهجمة من الإبل قريب من المائة) عاد بها على نفسه وأصحابه، وقال في ذلك:

 

أرى أم حسان الغداة تلومني

تخوفني الأعداء والنفس أخوف

تقول سليمى لو أقمتَ لسرنا

ولم تدر أني للمقام أطوف

لعل الذي خوفتنا من أمامنا

يصادفه في أهله المتخوف

 

وقـــــال:

أقيموا بني لُبنى صدور ركابكم

فكل منايا النفس خيرٌ من الهزل

فإنكم لن تبلغوا كل همتي

ولا أربي حتى تروا منبت الأثل

لعل ارتيادي في البلاد وحيلتي

وشدي حيازيم المطية بالرحل

سيدفعني يوماً إلى رب هجمة

يدافع عنها بالعقوق والبخل

 

عروة وسلمى

 

ذكر أبو عمرو الشيباني أن عروة بن الورد في إحدى غاراته أخذ امرأة من كنانة، بكراً يقال لها سلمى وتكنى أم وهب فأعتقها واتخذها لنفسه زوجة، فمكثت عنده بضع عشرة سنة وولدت له أولاداً وهو لا يشك في أنها أرغب الناس فيه.

 

وكانت تقول له: لو حججت بي فأمرّ على أهلي وأراهم فحج بها، فأتى مكة ثم أتى المدينة، وكان قومها يخالطون بني النضير فأتوهم وعروة عندهم مع سلمى.

 

فقالت سلمى لقومها إنه خارج بي قبل أن يخرج الشهر الحرام فتعالوا إليه وأخبروه أنكم تستحيون أن تكون امرأة منكم معروفة النسب صحيحته سبيةً، وافتدوني منه، فإنه لا يرى أني أفارقه ولا أختار عليه أحداً.

 

فأتوه فسقوه الشراب، فلما ثمل قالوا له: فادِنا بصاحبتنا فإنها وسيطة النسب فينا معروفة، وإن علينا سبةً (عاراً) أن تكون سبيّة، فإذا صارت إلينا وأردت معاودتها فاخطبها إلينا فإننا ننكحك. فقال لهم: ذاك لكم، ولكن لي الشرط فيها أن تخيروها، فإن اختارتني انطلقت معي إلى ولدها، وإن اختارتكم انطلقتم بها. قالوا: ذاك لك.

 

فلما فادوه بها وخيروها اختارت أهلها. ثم أقبلت عليه فقالت: يا عروة أما إني أقول فيك الحقَّ وإن فارقتك: والله ما أعلم امرأة من العرب ألقت سترها على بعل خير منك، وأغض طرفاً، وأقل فحشــــاً وأجــــود يداً وأحمى لحقيقته (ما يلزمه الحفاظ عليه والدفاع عنه) وما مر عليّ يوم إلا والموت أحب إليّ من الحياة بين قومك، لأني لم أكن أشاء أن أسمع امرأةً مــــن قومك تقـــول: قالت أمة عروة كذا وفعلت أمة عروة كذا.. فارجع راشداً إلى ولدك وأحسن إليهم

 

 

 

من التراث/عروة بن الورد الشاعر المهذب

 

من التراث العربي

عروة بن الورد

538-30 ق.ه

الشاعر المهذب عرف بنبله وروحه الإنسانية العالية

 عروة بن الورد بن زيد العبسي,من بني عبس

والده من أشراف عبس وفرسانها المعدودين, الذين كان لهم دور في حرب داحس والغبراء .أما أمه فكانت من (نهد)من قضاعة, وهي عشيرة وضيعة لم تعرف بشرف ,فآذي ذلك نفسه وأحس في أعماقه بعار لا يمحى فقال:

 

ومآبي مـن عـارٍ أخال علمتُـه سوى أن أخوالي _ إذا نُسبوا _ نَهْدُ

 

ويقال أن هذا هو سبب ثورته على الأغنياء ,وان كانت ثورة مهذبة لم تحوله إلى سفاك ولا متشرد يرود مجاهل الصحراء,لا بل جعلت منه شاعرا مهذبا نبيلا, من أصحاب المناقب التي جمعت فروسية الفرسان وشيم الرجال الشجعان الذين اكتسبوا محبة الناس, فكانوا المقصد والمشورة في أوقات الشدة.

فارسنا من مشاهير شعراء الجاهلية واحد فرسانها وكرماءها وصعاليكها الشجعان .

لقبه:عروة الصعاليك ,قيل لأنه حامي الفقراء ويهتم لأمرهم ويغزي بهم ,ويقال انه أطلق عليه لأنه قال:

لحي الله صعلوكا إذا جن ليله    مصافي المشاش الفاً كل مجزر

ليسعد الغنى من دهره كل ليلة      أصاب قراها من الصديق ميسر

ولله صعلوك صفيحة وجهه      كضوء شهاب القلبس المتنور

 

عاش في كنف والده واشتد عوده ليرى بعينيه أهوال الحرب وما تفعله بالضعفاء والفقراء ,ليشتد عزمه في البذل والعطاء وليعرف شدة الفرق بين الذين يملكون والذين لا يملكون فتتشكل في أعماقه بطولات يستعان بها لرفع الحاجة ولتخفيف ضنك الفقر واشتداد العوز.لتظهر معالي الكرم والعطاء الحاتمي إلى جانب المروءة والشجاعة عند عنترة العبسي وزهير بن أبي سلمى. ثائرا متمردا على الأغنياء اللئام والبخلاء, يجود على الفقراء والضعفاء وعابري السبيل بأسلوب يماثل ما نعرفه بالتكافل الاجتماعي.

عروة صاحب المنحى المثالي للصعلكة

لم يترك عروة قبيلته,بل بقي فيها معززا مكرما مهيب الجانب بعكس غيره من الصعاليك الذين تعددت أسباب تصعلكهم والذين انتشروا على رقعة الصحراء الواسعة يحملون آراءهم وقضاياهم بعيدا عن ظلال القبيلة, متمردين على القيم وحدود القبيلة ,لينفرد الكثير بأنفسهم ولتنبذهم قبائلهم  مبتعدين فوق ظهور جيادهم يحملون ثورتهم ومواقفهم لتسابق الريح العاصف في أيام عصفت ريحها ولم تثنيهم عن أفكارهم التي انطلقت غاضبة في أفاق استحالة التغيير.

شعراء في غاية الرقة والغضب اجتمعت فيه نقائض البشر فأزدان بإشعارهم سجل العرب.ليسجلوا أخبار المجتمعات والبطولات والعيش المتفرد في أجواء كانت للقبيلة فيها المناعة والرأي الأخير,ومظلة الحماية في صحراء مترامية الأطراف قليلة الموارد شحيحة المياه,ليكونوا شهداء على حراك اجتماعي مستتر تحت ثقل القبيلة ووجودها كأكبر كيان اجتماعي لا تزال آثاره باقية لغاية ألان,

ولعل اختلاف اتجاهات السلوك عند الصعاليك ألبسهم لباس الوحشة في استلاب أرزاق الناس وسفك دماءهم في وحشة الصحراء وقفارها.

إلا أن إبداعاتهم الشعرية رفعتهم إلى أرقى مستويات العطاء الإنساني الأقرب ما يكون إلى النفس البشرية التي نأت بنفسها بعيدا عن مظاهر التملق الاجتماعي والسلوك المضبوط برضا الآخرين ليقترب الشعر أكثر ما يكون من النفس البشرية ونوازع الحرية والانطلاق والاحتفاظ بكرامة الإنسان  والبحث عن دروب العدالة في أوقات انعدمت فيها رسالات الإصلاح فكانت سيطرة القوة والمال وتغييب القيم الإنسانية في حق أشخاص حاكمتهم  مجتمعاتهم لأسباب وجودهم التي هم لها من غير رأي.

فوق صهوة الخيل كانت أوطانهم تتحرك فوق الأرض الجافة بعيدا عن القبيلة والأهل في مدارات من الإبداع الفكري والإنساني اختبر الفروق الاجتماعية والاقتصادية التي جعلت من القبيلة الملاذ الأمن والستر الأعظم.

في ظل هذه الظروف استطاع شاعرنا أن يوازن بين صعلكةة السلوك وبين تهذيب النفس وكرم الأخلاق بمنحى مثالي  بقي أمثولة في عقول العظماء ممن فهموا معنى الحياة واحترموا الوجود الإنساني بكل مناحيه, خيره و شره.

 

 عروة في ذاكرة عظماء الأمة .

" من زعم أن حاتماً أسمح الناسِ فقد ظلمَ عروة بن الورد"""

 

للرجال, رجال يقيسونهم, يثقلونهم ويضعوهم في مواقعهم التي هم لها, بدون زيادة أو نقصان. يفهمون مقاصدهم ويحترمون شمائلهم ليكونوا حكاما على أثارهم ووجودهم مهما اختلف الزمان ومضت السنين.

قال  معاوية بن أبي سفيان يمدح عروة:"لو كان لعروة بن الورد ولدٌ لأحببت أن أتزوج إليهم"

 أما عبد الملك بن مروان فقال منصفاً"من زعم أن حاتماً اسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد"

 

وقال أيضا:"ما سرني أن احد من العرب ولدني ممن لم يلدني إلا عروة بن الورد"

 

لقوله:

إنـي امرؤٌ عافِي إنائـي شـركةٌ****وأنت امـرؤٌ عافـي إناءك واحـدُ

 

أتـهزأ مني أن سمـنت وأن ترى****بـجسمي شحوب الحقّ والحقُ جاهدُ

 

أُفرّق جسمي في جسومٍ كثـيـرةٍ****وأحسـوا قَـراحَ الماءِ والماءُ بـاردُ

 

فلقد أثر عروة الفقراء على نفسه بطعامه على الرغم مما به من جوع واكتفى بشرب الماء القراح,ويعيبه أصحابه على ضعفه وهزله فأجابهم :بان له نفسا تسمو به إلى المجد وانه يوثر الآخرين على نفسه.

وفي حرص الأب على استقرار الأبناء وقربهم من الأهل فقد طلب عبد الله بن جعفر الطيار من معلم ولده قائلا:"" لا تُروّهم قصيدة عروة بن الورد التي يقول فيها (دعيني للغنى)، لأن هذا يدعوهم إلى الاغتراب عن أوطانهم.""

 

 

دعيـني للغنـى أسعى فإني****رأيـتُ الناسَ شرُّهُمُ الفقيرُ

 

وأبعدهم وأهونـهم عليهِم****وإن أمسى لهُ حسبٌ وخيرُ

 

ويُقصيـهِ النّديُّ وتزدريـهِ****حَليلتـُهُ وينهـرُهُ الصغيـرُ

 

ويلقـى ذا الغِنـى ولهُ جَلالٌ****يكـادُ فـؤادُ صَاحبِهِ يَطيرُ

 

قليلٌ ذنبـُهُ والذنـبُ جـمٌّ****ولكِـن للغنـى ربٌّ غفُورُ

 

لله درك يا ابن الورد!! لقد استبصرت  في شعرك حال واحوال الناس في زماننا هذا ؟؟ فجاء شعرك في مقتل الحقيقة وصوابها, ليكتمل حديث العظماء بسؤال الخليفة الفاروق للحطيئة :كيف كنتم في حربكم؟قال:كنا ألف حازم, قال:كيف؟قال:كان فينا قيس بن زهير وكان حازما,وكنا نقدم إقدام عنترة,ونأتم بشعر عروة بن الورد  وننقاد لأمر الربيع بن زياد.

 

سلوك عروة بين التناقض وسمو الرؤيا

لا مناص للصعلوك إلا أن يكون جريئا غازيا

 

امتلاء ديوان العرب وسجلها بأشعار ابن الورد الذي جمع في ديوان  برواية السكيت ,ليردد في أشعاره معان كثيرة ورائعة جعلت معاصريه ومن جاء بعدهم يعجبون به إعجابا شديداً,كإعجابنا الذي قادنا إلى البحث عنه وعن أشعاره ليسطع نجمه من جديد على صفحات التاريخ .

عروة الإنسان المتمرد والقائد على طريقته يخبرنا أن للصعلوك وجهان:

أولهما الصعلوك الذي لا يهتم إلا بنفسه ولا يقوم بحقوق من يلزمه فهو عالة على قبيلته ومجتمعة وجديرا بان ينبذ.

لحا الله صعلوكًا إذا جن ليله       مضى في المشاش آلفًا كل مجزرٍ

يعد الفتى من دهره كل ليلة       أصاب قراها من صديق ميسرٍ

ينام عشاء ثم يصبح قاعدًا        يحت الحصى عن جنبه المتعفرٍ

يعين نساء الحي ما يستعنه      فيضحى طليحًا كالبعير المحسر

 

أما الصورة الثانية للصعلوك فهو ذو الوجه المضيء كالشهاب وان يمت تبقى ذكراه عطره خالدة.

فلله صعلوكاً صحيفة وجهه       كضوء شهاب القابس المتنورٍ

مطلا على أعدائه يزجرونه      بساحتهم زجر المنيح المشهرٍ

وإن يعدو لا يأمنون اقترابه       تشوف أهل الغائب المتنظرٍ

فذلك إن يلق المنية يلقها         حميدًا وإن يستغن يومًا فاجدر

ومن  شعره قصيدة رواها الأصمعي في اصمعياته بعنوان(اقلي علي اللوم) وفيها يوجه الخطاب لزوجته سلمى بنت منذر التي تلومه على كثرة مخاطرته ومغامراته في الغزوات والغارات. فرد عليها قولها بأنه  يريد أن يصل إلى المجد وجمع المال حتى لا يتركها فقيرة بعد مماته مؤكدا أن لا مناص للصعلوك إلا أن يكون جريئا غازيا يخشاه الناس ويتأهبون دائما لغزواته وغاراته ليكفي بذلك أهل عشيرته ويسد حاجتهم بالبذل المتواصل وليبقى جوده بين أهله قائم ومستمر.

 

 

وقال عروة بن الورد:

 

أقلي علي اللوم يابنة منذرونامي***** فإن لم تشتهي النوم فاسهري

ذيني ونفسي أم حسان إني بها******قبل أن لا أملك البيع مشتري

أحاديث تبقى والفتى غير خالد******إذا هو أمسى هامة تحت صبر

تجاوب أحجار الكناس وتشتكي*****إلى كل معروف تراه ومنكر

ذريني أطوف في البلاد لعلني*****أخليك أو أغنيك عن سوء محضر

فإن فاز سهم للمنية لم أكن********جزوعا وهل عن ذاك من متأخر

وإن فاز سهمي كفكم عن مقاعد******* لكم خلف أدبار البيوت ومنظر

تقول لك الويلات هل أنت تارك ******* ضبوءا برجل تارة وبمنسر

 

اتسعت سيرة عروة بن الورد في قصص العرب وتراثهم لتخبرنا عن رجل أبدع في تهذيبه وأخلاقه ليكرم أهله وليكون العون لهم في البذل والعطاء,رسائل نستطلع من أخبارها عظم الواجب تجاه الذين نحبهم في أوقات الشدة والأزمات  وتسترجع في ذاكرة العرب قيم العروبة والنخوة التي تذيبها في وقتنا الحاضر مصالح تفرقت في البحث عن المال لتنعزل بنفسها عن قيم ومبادئ التلاحم والإثارة,لتزداد  الفجوة بين الذين يملكون والذين لا يملكون.

لقد توفي شاعرنا الصعلوك المهذب سنة 30 قبل الهجرة ليؤكد بسيرته حقيقة التعامل الإنساني الاجتماعي الذي نادى به الإسلام من بعده من حيث التكافل الاجتماعي وحق الفقير في مال الغني بصورة اختلفت كثيرا من حيث المبداء والأسلوب لكنها التقت عند النتائج.

Post a Comment

Previous Post Next Post