دور
الأمم المتحدة في تسوية المنازعات الدولية:
تساهم
الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين,
حيث أعطى الميثاق في المادة (10) منه للجمعية العامة صلاحيات وقد نصت
المادة المذكورة بالقول " للجمعية العامة ان تناقش أي مسألة أو أمر يدخل في
هذا الميثاق "(1). ويفهم
من نص المادة (10) انه يحق للجمعية العامة في مناقشة النزاعات الدولية التي من
شأنها تهديد السلم والأمن الدوليين, فالجمعية العامة في هذه الحالة عليها أن تتخذ
كافة التدابير التي من شأنها تطويق هذا النزاع ريثما تعرضه الأطراف المتنازعة على
محكمة العدل الدولية.
وقد
تبنى ايضا ميثاق الأمم المتحدة في المادة (33) التي نصت على أنه " يجب على
أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلام الدولي للخطر ان يلتمسوا حله
بادئ ذي بدء بطريقة التحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية او ان
يلجؤا الى الوكالات الدولية والتنظيمات الاقليمية اوغيرها من الوسائل السلمية التي
تقع عليها اختيارها "(2).
وقد نستنتج من نص المادة أعلاه بأن ميثاق الأمم المتحدة خول الاطراف
المتنازعة بوجوب اللجوء في تسوية نزاعاتها
باتباع احدى وسائل الطرق السلمية, كما ترك الخيار لهم في حرية اختيار أي وسيلة
مناسبة في حل النزاع.
(1) المادة (10) من ميثاق الأمم المتحدة
(2) العطية, د. عصام, مصدر سابق, ص 595
وتاكيدا
للدور الكبير الذي تبنته الأمم المتحدة في حل المنازعات الدولية أكد الميثاق في
الفقرة(2) من المادة(11) على ان " للجمعية العامة أن تناقش أي مسألة تكون لها
صلة بحفظ السلم والأمن الدولي اليها
يرفعها أي عضو من أعضاء الأمم
المتحدة أو مجلس الأمن أو دولة ليست من أعضائها "(1). وفي ظل ميثاق الأمم
المتحدة أيضا وبموجب المادة (34) لمجلس الأمن الحق في التدخل المباشر في حالة وجود
نزاع أو موقف يهدد السلام وذلك أما(2):
1-
بناء على قرار يصدره مجلس الأمن ( مادة 34).
2-
او بناء على طلب يتقدم به أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة (مادة 53).
3-
أو بناء على طلب سكرتير العام للأمم المتحدة (مادة 99).
4-
أو يتم عرض النزاع على المنظمات الأقليمية ( المادة 2 الفقرة 52).
ويقضي
ميثاق الأمم المتحدة بأن تفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالطرق السلمية
على وجه لا يجعل السلم والأمن الدولي عرضة للخطر(3).
أن
المبدأ الاساسي للأمم المتحدة هو حفظ السلم والأمن الدوليين, فأن تحقيق هذا الهدف
لا يكون الا بألتزام الدول بعلاقات دولية متوازىة يشيع من خلالها اجواء الثقة
المتابدلة ونبذ اللجوء الى استخدام القوة في حل المنازعات فيما بينها, فما من شئ
يخل بالسلم ويشيع الاضطراب ويسلب الطمأنينة ويعطل حكم القانون مثل الاحتكام الى
القوة في فض المنازعات الدولية(4).
(1) أنظر المادة (11) الفقرة(2)
(2) حقي, د. سعد توفيق, مصدر سابق, ص380
(3) أنظر الفقرة (3) من المادة (2).
(4) السيد, د. عارف رشاد, مصدر سابق, ص60
لذلك
كان مبدأ حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية من أهم المبادئ التي أوردها الميثاق
لكونه يحفظ حقوق الدول ويصونها من الاعتداء, كما يوفر أجواء أكثر ايجابية لحل
المنازعات دونما أضرار بحقوق الدول الأخرى.
ومبدأ
تحريم القوة في فض المنازعات الدولية
كان من أهم المبادئ التي نص عليها الميثاق, وقد تقرر هذا المبدأ في نص المادة (2) من الفقرة
(4) منه والتي تنصت على أنه " يمتنع
أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها
ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه اخر لا يتفق
ومقاصد الأمم المتحدة "(1)
أن
تأكيد الأمم المتحدة على مبدأ تحريم القوة في فض المنازعات الدولية اعتبر انجازا
مهما في تحسن العلاقات الدولية والتي ساهمت الى حد كبير الى التقليل من التوتر
الذي كان سائدا في الفترات التي سبقت نشوء هيئة الأمم. كما أنه يلاحظ في نص المادة
السابقة التي وردت في الميثاق هو تعبير" القوة ", ولم يستخدم تعبير "
الحرب " كما فعل عهد عصبة الأمم.
ويرى
الدكتور رشاد عارف السيد على أنه قد " ترتب على هذا الاختلاف في الصياغة
نتائج مهمة. فطبقا للنص الوارد في عهد عصبة الامم لا يدخل في دائرة تحريم أعمال
الحرب الا ما كان مكونا لحالة الحرب وواقعا في وقت الحرب, أما ما يقع من هذه
الاعمال في وقت السلم فلا يشمله التحريم المشار اليه لأنه جعل هذا التحريم ملازما
للحرب. أما النص الوارد في ميثاق الامم المتحدة فيحظر اللجوء الى القوة بصرف النظر
عما اذا كان ذلك مكونا لحالة حرب أم لا , ولا يقتصر تعبير القوة على القوة المسلحة
فقط بل يجب أن يفسر تفسيرا عاما بحيث يشمل الاجراءات الاقتصادية والسياسية على
أساس عموم اللفظ واطلاقه كما استخدمه الميثاق, والمعروف أن المطلق يجري على اطلاقه
" (2).
(1) Blay Sam, Ryszard
Piotrowicz,B.Martin Tsamenyi, Public International Law, Oxford University
press,1stpublished , 1997, p. 239
(2) السيد , د.عارف رشاد , مصدر سابق, ص61
وتجدر
الاشارة الى أن اعلان مانيلا للأمم المتحدة الصادر 1982 والخاص بالتسوية السلمية
للمنازعات الدولية, أوجب على الدول أن تفي بكل التزاماتها الواردة في الميثاق ,
وان تضع التوصيات الصارة عن الجمعية العامة موضع التطبيق(1).
وعلى
الرغم من أن الميثاق قد أجاز للجمعية العامة للأمم المتحدة النظر في المنازعات
وتقديم التوصيات اللازمة, وتجنبا للازدواجية وتعارض القرارات بين الجمعية العامة
ومجلس الأمن, أستثنى من ذلك النزاعات التي تكون معروضة أمام المجلس , فلا يحق
للجمعية العامة النظر فيها ما لم يطلب منها المجلس ذلك, وقد أوكل الى الأمين العام
أخطار الجمعية العامة حول المسألة التي تكون محل نظر من مجلس الأمن أو فراغه منها(2).
لكنه مع ذلك قامت الجمعية العامة في النظر في
بعض المسائل حتى بعد عرضها على مجلس الأمن اذا ما تبين عجز مجلس الأمن في حلها,
كما في الأزمة الكورية عام 1950, عند اجتياز كوريا الشمالية حدود كوريا الجنوبية,
فأصدر مجلس الأمن قرارا يتضمن الدعوة الى وقف القتال وقيام كوريا الشمالية بسحب
قواتها, الا أن مجلس الأمن فشل في تنفيذ قراراته بسبب موقف الاتحاد السوفيتي
السابق, فقدمت بعض الدول مشروعا الى الجمعية العامة في اللجوء الى تفسير نص
الميثاق يخول الجمعية العامة بالقيام في حفظ الأمن والسلم الدوليين اذا فشل مجلس
الامن القيام بهذه المهمة(3).
إرسال تعليق