التمام و النقصان في
باب كان وأخواتها:
# النقصان :
هو أن تحتاج كان إلى اسم وخبر فهي لا تستغني عن الخبر ولا يكفي
المرفوع عن المنصوب. بمعنى لو قلت كانَ اللهُ ، فإن كان لا تكتفي بالمرفوع وهو الله ، وإنما تحتاج إلى منصوب وهو الخبر
كان الله غفورا ، وستلاحظ أنك لا تستفيد إذا جعلت كان ناقصة إلا إذا جاء الخبر كان
الله غفوراً .
- كان زيدٌ مجتهداً ، لو قلت كان زيد فأنت تنتظر تبقى منتظراً تريد
الفائدة لم يحصل إلى الآن ما يشفي غليلك
ولذلك نقول عنها أنها ناقصة هذا معنى قولنا فعل ماض ناقص ناسخ مبني
على الفتح ، ناقص يحتاج إلى خبر
لا يستغني عن الخبر ولا يكتفي بالمرفوع هذا معنى كونها ناقصة
# التمام :
هي التي تكتفي بالمرفوع (خرجَ زيدُ ) استفدت نعم واكتفيت بالمرفوع
ويكفيني لقد استفدت من قولك خرج زيد ولو قلت (كتب زيد) كلام مفيد استفدت ولذلك
اكتفي بالمرفوع ولا حاجة للمنصوب .
لكن لو قلت (صار زيد) ، (كان زيد) ، (ليس زيد) ، ليس فيه فائدة لا
يغني المرفوع بل أنت بحاجة إلى المنصوب ،
إذن التمام في باب كان هو أنها لا تكتفي بالمرفوع ولا تستغني عن المنصوب فهي بحاجة
إلى منصوبها .
أما التمام فهو أن يستغنى بالمرفوع عن المنصوب ، وكل أفعال هذا
الباب الثلاثة عشر تأتي تامة ما عدا
(فَتِئَ _ وزَالَ _ وليس) فهذه الأفعال الثلاثة لا تأتي إلا ناقصة
، ولا يجوز أن تأتي تامة (فَتِئ و زال و ليس)
أما بقية هذه الأفعال فيجوز أن تأتي تامة بحسب التقدير والاعتبار
إن اعتبرتها تامة فإنها تكتفي بالمرفوع وأنت أيضاً تشعر بأنك استفدت إذا قلت مثلاً
(كان زيد) إن جعلت كان ناقصة فأنت بحاجة إلى الخبر فتقول (كانَ زيد’ عابداً /
مجتهداً ) ، و إن جعلتها تامة فالمعنى مختلف ، لأنك تجعلها بمعنى خُلِقَ كان زيد
يعني خُلِقَ زيد ووجِدَ زيدُ ، كان زيدُ فتصير كان هنا فعلاً تاماً يكفي المرفوع
ويختلف المعنى بين كان التامة وكان الناقصة .
إذن هذه الأفعال
الثلاثة عشر يأتي منها عشرة أفعال يجوز أن تأتي تامة ويجوز أن تأتي ناقصة وثلاثة
لا تكون إلا ناقصة والشواهد على ذلك قوله عز وجل : ] وإن كان ذو عسرة [،
يعني وجد ذو عسرة وحصل ذو عسرة ، فأكمل سبحانه :]
فنظرة إلى ميسرة[ ، الشاهد
أن (كان) هنا ليست هي (كان) الناقصة التي تحتاج إلى خبر . (كان) هنا فعل تام مبني
على الفتح و (ذو) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف ، و (عسرة) مضاف إليه ،
وانتهى الأمر هذا الإعراب فقط وإن حصل ذو عسره تكون (كان) بمعنى حصل وليست بمعنى
(كان) الناقصة .
ومثل ذلك : ]فسبحان الله حين تمسون [ ،
تمسون هنا لا تحتاج إلى خبر فتمسون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون ،
انتبه للإعراب والواو في تمسون فاعل في محل رفع ولا يحتاج إلى خبر ، لأن تمسون هنا
مضارع أمسى تامة لا تحتاج إلى خبر يعني حين تدخلون في المساء هذا معنى الكلام ،
وليست أمسى التي تحتاج إلى اسم و خبر فتقول (أمسى زيد غنياً) و (أصبح زيد فقيراً)
لا ليست هذه إنما هي حين تدخلون في المساء فتكون أمسى هنا تامة ،
و مثل ذلك : ]و حين تصبحون [فسبحان الله في سورة الروم :]فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض
وعشياً وحين تظهرون[ ،
هذه الآية تصبحون وتمسون تصبحون مثلها أصبح هنا استعملت تامة فتصبحون فعل مضارع
مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل في محل رفع ولسنا بحاجة إلى خبر ،
ومثال ذلك أيضا استعمال (دامَ) تامة قوله عز وجل
: ]خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض[،(فدَامَ)
هنا فعل ماض تام مبني على الفتح ، و (التاء) تاء التأنيث و (السماوات) فاعل مرفوع
وعلامة رفعة الضمة و(الواو) عاطفة و (الأرض) معطوفة على السماوات مرفوعة بمثلها .
و مثال استعمال بات
تامة : (و بات و باتت لهُ ليلةٌ كليلةِ ذي العائرِ الأرمدِ) ، يعني أنه لم يأته
النوم ، (و بات و باتت لهُ ليلةُ كليلةِ ذي العائرِ الأرمدِ) ، و العائر هو الذي يقطع القذى في عينه والأرمد
هو المصاب في عينه بمرض الرمد ، يصف أنه بات ليلةً طويلة لا يرقد له جفن ولا يطمئن
له جنب بسبب ما وصل إليه من أخبار لا تسره ، ( و بات و باتت له ليلة كليلة ذي
العائر الأرمد) ، جرب أنت لو أن عينيك بهما رمد وألم شديد هل يسري النوم إليها ؟
وهل يصل النوم إليها ؟ ، يقول أنا مثل ذلك العائر الأرمدِ فـ (بات) هنا فعل ماض
وفاعله ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، و (باتت) بات فعل ماض و(التاء) علامة التأنيث
وفاعله كلمة (ليلة) والشاهد (وبات وباتت له ليلة) ، حيث استعمل بات فعلاً تاماً
مكتفياً بالفاعل غير محتاج إلى المنصوب .
·
عليك أن تعلم أن المعنى يختلف إذا استعملت (كان) تامة أو إحدى
أخواتها عن معناها إذا استعملتها ناقصة . وهذا من سعة اللغة العربية وتنوع استعمالاتها
وأساليبها ، وكيف لا يكون ذلك وهي اللغة التي اصطفاها الله عز وجل لتكون لغة كتابة
ولغة نبيه صلى الله عليه وسلم و أن تكون وعاء لهذا الدين الخاتم الذي ختم الله به
الأديان و لغة لهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي ختم الله به الأنبياء
فلا نبي بعده وختم هذا الدين بهذا الدين العظيم الدين الإسلامي الذي لا دين بعده :
] إن
الدين عند الله الإسلام[، ] ومن
يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه[
فتعلمك لهذه شرف لك وقربة إلى الله عز وجل لأن تعلمك هذه الأساليب وهذه القوانين
وهذه القواعد تقربك إلى الله عز وجل ، لا لأنك عربي كلا وحاشى فالعربية لا تدخل
الجنة ولا تنجي من النار ولكنها وسيلة إلى فهم كتاب الله عز وجل وفهم سنة نبيه صلى
الله عليه وسلم ، و بفهمهما يكون فهم هذا الدين وإذا فهمت هذا الدين وقمت بأحكامه
وأديت ما أوجب الله عز وجل عليك دخلت الجنة بإذنه ونجوت من النار بفضله ومنٌه
وكرمه . فتعلم هذه اللغة ولا تستصعبن أن تأتي الجملة على وجه وتأتي مرة أخرى على
وجه آخر ، فإن هذا من تنوع الأساليب واعلم أن الموهوبين يلذ لهم استعمال هذه
الأساليب وتنوع هذه العبارات فإنهم يجدون فيها متعة ويجدون فيها أسراراً لا يجدونها
في لغات أخرى ، وكفى بك أن تتدبر هذا الكتاب فتنظر إلى استعمال (كان) تامة وناقصة
فيه ، واستعمال (أمسى) و (أصبح) في هذه الآية واستعمال (دام) في قوله عز وجل ]مادامت السماوات والأرض[ تامة
في حين استعملت ناقصة في قوله عز وجل : ] و
أوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا [،
فهنا ناقصة وهنا تامة والله عز وجل يخلق ما يشاء و يختار و قد اختار هذه اللغة
لتكون لغة هذا الدين ولغة هذا النبي ولغة أهل الجنة وإن رغمت أنوف والله عز وجل
يصطفي ما يشاء و يصطفي من يشاء .
مسألة جواز حذف نون كان تختص كان بخصائص ولذلك سميت (أم الباب) ،
وسمي الباب بها فقيل كان وأخواتها و ذلك لما تختص به و تتميز الأفعال الثلاثة عشر
فمن خصائصها ولها خصائص كثيرة ولكن من هذه الخصائص نختار خاصية واحدة وميزة تميزها
عن بقية أخواتها وهي جواز حذف آخرها هذا الحذف وهو جواز حذف نونها يشترط فيه خمسة
شروط لا يجوز هذا الحذف إلا بخمسة شروط .
إرسال تعليق