الشورى فى الإسلام :
بحث عن الشورى في الاسلام
بحث كامل عن الشورى
تعريف الشورى
اهمية الشورى في حياتنا
اهميه الشورى
اهمية الشورى في حياة الفرد والمجتمع
الشورى في عهد الرسول
الشورى في الاسلام
الشورى في الإسلام.. مفهومها وأهميتها

حق الشورى فى الإسلام :
- مفهـوم الشــورى :
ويمكن أن نُعرف الشورى بأنها : النظر في الأمور من أرباب الاختصاص والتخصص ؛ لاستجلاء المصلحة المفقودة شرعًا وإقرارها . وهذا التعريف يعمُّ وينسحب على كل أمر تجري بشأنه مشاورة سواء  على مستوى الأسرة , أو الدولة , أو المنظمات الداخلية , أو المنظمات الدولية التي يُعَدُّ النظام العام الإسلامي نبراسًا لها مثل " المؤتمر الإسلامي " و "جامعة الدول العربية" , و"جامعة الشعوب الإسلامية" إلى غير ذلك ، وينسحب من باب أولى على سلطة التشريع والرقابة (1).
والشريعة الإسلامية تقرر مثل هذا التنظيم من خلال الشورى ؛ بحيث تكون إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة , مع التأكيد على أن مصدر السلطة المُشرِّعَةِ هو الله - عز وجل - , فالشورى نظام اجتماعي قبل أن يكون نظامًا للحكم , والشورى سنة من سنن الله في أرضه ارتضاه الخالق لخلقه , وهي صفةٌ فطريةُ يميلُ لها الأخيار من بنى البشر , ويرفضها المستبدون والدكتاتوريون من الحكام ، وذوي السلطة والنفوذ الذين يريدون التسلط على رقاب الشعوب ومصادرة حقوقهم .
والشورى التي أراد الله من عباده أن يمارسونها ويتحلَّوا بها , وأن تكون الأساس بين الحاكم والمحكوم في كل ما يمس دينهم ودنياهم , هي مبدأ جوهري وقاعدة أساسية في الحكم الإسلامي , يكون للأمة حق من خلالها في اختيار حاكمها , ومن ثم مراقبته ومحاسبته ، وإذا لزم الأمر "عزله" .
وهي فوق ذلك كله أصل عَقًَدي قرنها المولى - عز وجل - بالعبادات, وقد تجلَّت بشكل مباشر وغير مباشر من خلال العديد من الآيات القرآنية التي دعت بشكل صريح ؛ لممارسة الشورى .
وفي هذا الخصوص يقول الله تعالى عن المؤمنين من عباده
(
 وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) [الشـــــورى:38] .
نجد في هذه السورة دليلًا ثانيًّا على حجية الشورى , فالسورة نفسها حملت اسم " سورة الشورى " حيث ورد ذكر الشورى في هذه الآية منها وهي  قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) وفي هذه الآية ؛ يبين الله تعالى أن الشورى هي إحدى الدعائم الهامة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي ، وما حملت السورة هذا الأسم إلا لبيان العناية بالشورى ، والتنبيه إلى عظيم أهميتها .
وكذلك نجدُ من يقول إن سورة الشورى ؛ إنما سميت بهذا الأسم لأنها السورة الوحيدة في القرآن الكريم ، التي قررت الشورى عنصرًا من عناصر الشخصية الإيمانية الحقة .
وإذا كان النصُّ على الشورى قد جاء بصيغة الأمر في سورة
"آل عمران" في قوله تعالى :
( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) , وقد جاء النصُّ على الشورى في هذه الآية كإحدى الصفات المميزة للمؤمنين , ومذكورة بين صفات أخرى يمتازون بها وواجبة فيهم , ثم إن ذكر الشورى جاء تاليًا مباشرةً لذكر الصلاة , فإن المؤمنين من صفاتهم أنهم ذووا شورى لا ينفردون برأي ؛ حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه , وقد كانوا قبل الهجرة وبعدها إذا حزبهم أمرٌ اجتمعوا وتشاوروا .
وأما قوله تعالى ( وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) فالمقصود به : الإنفاق في سبيل الخير, ولعل فصل الإنفاق عن قرينه ( الصلاة ) بذكر المشاورة بينهما ؛ إنما كان لوقوعها عند اجتماع المؤمنين للصلوات ؛ فكان المؤمنون الأولون لا ينفردون برأي حتى يتشاوروا عليه ، وذلك من فرط تدبرهم وتيقظهم , وصدق تآخيهم في إيمانهم , وتحابهم في الله تعالى .
ويُذَكِّرُ في ذلك الصدد أيضًا ، أنَّ المؤمنين كانوا في انقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون ولا يختلفون ؛ فمدحوا باتفاق كلمتهم ، "وأنه ما تشاور قوم قط إلا هَدوا لأرشد أمورهم" فإن الشورى كما قال - ابن العربي - " ألفة للجماعة ومسبار للعقول ، وسبب إلى الصواب ".
 فمدح الله المشاورة في الأمور بمدح القوم الذين يتمثلون ذلك ويطبقون الشورى في سلوكهم .
ويقول الله مخاطبًا رسوله محمدًا $ الذي لا ينطق عن الهوى , والذي لا يمكن مقارنته من حيث منزلته عند الخلق بحاكم أو عالم أو   بشر : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) [آل عمران:159] , ويقول تعالى : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [آل عمران:104] , ويقول : ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ) [آل عمران:110] , ويقول سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) [النساء:59].
نجد إشارةً إلى الشورى في سورة " طه " في قوله تعالى عما يذكره موسى - عليه السلام - : ( وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي «29» هَارُونَ أَخِي «30» اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي «31» وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي «32» ) [طــــه].
وقد اسْتَشْهَدَ بهذا النص القرآني كدليلٍ على أهمية المشاورة - أقضى القضاة - أبو الحسن البغدادى , ذكر: "أن الله تعالى إذ حكى عن نبيه موسى a هذا القول بهذه الآيات , فإننا نفهم منه أنه إذا جاز ذلك في النبوة كان في الإمامة أجوز".
عن القاسم بن محمد d: قال رسول الله $: ”من وُلِّيَ منكم , فأراد الله به خيرًا ؛ جعل له وزيرًا صالحًا ؛ إن نَسِيَ ذكره , وإن ذكر أعانه “(1) ومن هذا المعنى قوله $ أيضًا : ” ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه , وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه “(2) وقد سأل موسى ربه - عز وجل - أن يجعل له وزيرًا يشاركه في الأمر وفي النبوة أيضًا .
وحديث القرآن عن مملكةِ سبأ , ونظام الحكم فيها , الذي على الرغم من كونه مَلَكيًّا , متوجًا عليه امرأة , إلا أنه كان قائمًا على الشورى ؛ لذا جاء الحديث القرآن عن هذه المرأة مصحوبًا بشيء من الإكبار ؛ لأنها أسست مُلْكِها على الشورى , حتى إنها كانت لا تقطع أمرًا دون مشورة أولي الرأي من  قومها , كانوا هم بدورهم يقدرون رأيها , وينزلون طائعين عن رأيهم إليه , ثقةً في أنها لن تقودهم إلا إلى ما فيه خيرهم .
فهذا الاحترام المتبادل , والتقدير لقيمة الرأي والرأي الآخر , كان محل عنايةٍ من القرآن , وهو ما نلمحه في هذه الآيات : ( قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ «29» إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «30» أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ «31» قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ «32» قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ «33» قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ «34» وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ «35») [النمــــل].
- الشورى نظامٌ سياسيٌّ إسلامي :
لقد قررَ الإسلام "الحرية السياسية" في جميع مبادئه وكل نظمه , وإذا كان معنى الحرية بلغة العصر الذي نحيا فيه : أن يعطي كل فرد عاقل رشيد الحق في أن يشترك في إدارة الدولة , وشئون الأمة , ويلاحظ أعمال السلطة التنفيذية عن طريق الاستفتاء العام , إذا كان هذا هو مفهوم "الحرية السياسية" في العصر الحديث , فإن الإسلام قد عرف هذا المفهوم تطبيقـًا وعملًا منذ وجد .
وتأكيدًا لهذا المبدأ , أمر المولى - تبارك وتعالى - رسوله $ وهو الذي لا ينطق عن الهوى , بأن يشاور المسلمين في أمورهم , وألا يبرم أمورًًا دونهم , يقول - عز وجل - : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) [آل عمران:159] , و: ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) [الشورى:38].
كما أن الأحاديث المرويَّة عن رسول الله محمد $ حول مسألة الشورى : هي كثيرة , ونحن هنا سنورد بعضًا منها - على سبيل المثال- لا سبيل الحصر .
كما في قوله $: الدين النصيحة قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال :
لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (1) , والرسول $  قدوة الخلق طَبَّق الشورى رغم أن الوحيَ ينزل عليه من عند الله .
وقد روى الترمذي عن أبي هريرة d أنه قال : ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله $  (2) .
كما استشار الرسول $  كذلك عامة المسلمين أفرادًا ، وجماعات نساء ورجالًا في مناسبات كثيرة , ولم يعترض على ما قدموه من مشورة إلا ما نزل فيه وحي من عند الله , وكما ذكرنا فيما سبق فقد استشار أصحابه في أمور كثيرة، نذكر منها - على سبيل المثال لا الحصر - الخطط الحربية , ومحاربة العدو .
وتنتقل الشورى إلى الخلافة ؛ والخلافة بيَّعة حرة , وهي أمانة   ثقيلة , يطلب لها أعظم الناس ثقـة ًوعلمًا ، وغيرها من المناصب يحمل هذا الطابع نفسه , ولا يجوز أن تتدخل في ملئه أسباب الطمع والتطلع والسيطرة .
فمن معاني الأمانة ؛ وضع كل شيء في المكان الجدير به , واللائق له , فلا يُسْنَدُ منصبٌ إلا لصاحبه الحقيق به , ولا تشغل وظيفة بالرجل الذي ترفعه كفايتها إليها .
واعتبار الولايات والأعمال العامة أمانات ؛ مسئولية ثابتة من وجوه كثيرة , فعن أبي ذر قال : يارسول الله .. ألا تستعملني ؟ أي : توليني عملا , قال : فضرب بيده على منكبي , ثم قال : يا أبا ذر إنك ضعيف , وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة , إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها (3) إن الكفاية العلمية أو العملية ليست لازمة لصلاح النفس فقد يكون الرجل رَضِيَ السيرة , حسنَ الإيمان ولكنه لا يحمل المؤهلات المنشودة ما يجعله منتجًا في وظيفة معينة .
وقال رسول الله $ : ” من استعمل رجلاً على عصابة , وفيهم من هو أرضى لله منه , فقد خان الله ورسوله والمؤمنين “(1) .
وعن يزيد بن أبي سفيان قال : قال أبو بكر الصديق حين بعثني إلى  الشام: يا يزيد , إن لك قرابة ؛ عسيت أن تؤثرهم بالإمارة وذلك أكثر ما أخاف عليك بعد ما قال رسول الله $ : من ولي من أمر المسلمين شيئًا , فأمر عليهم أحدًا محاباة ؛ فعليه لعنة الله , لا يقبل الله منه صرفـًا ولا عدلا حتى يدخله جهنم (2) .
والأمة التي لا أمانة لها ؛ هي الأمة التي تعبث فيها الشفاعات بالمصالح المقررة ، وتطيش بأقدار الرجال الأكفاء ؛ لتهملهم وتقدم من دونهم .
1- روى الترمذي عن أبي هريرة : أن الرسول $ قال : إذا كان أمراؤكم خياركم ، وأغنياؤكم سمحاءكم ، وأموركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، وإذا كانت أمراؤكم شراركم ، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأموركم إلى نسائكم ؛ فبطن الأرض خير لكم من ظهرها(3).
2- وقال $ : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم (4) .
3- وقال $ : ما ندم من استشار ولا خاب من استخار(5).
ونقل ابن القيم الجوزية عن ابن عقيل مخاطبًا لمن قال : لا سياسة إلا ما وافق الشرع فرد عليه : إن أردت لا سياسة إلا ما نطق به الشرع (1) .
- نماذج تطبيق الشورى في عهد رسول الله $ والصحابة
يعتبر نظام الشورى ، أحد المحاور الرئيسية في العهد النبوي في  الإسلام ، وقام رسول الإسلام "محمد بن عبد الله" بتطبيق هذا المبدأ في :
1-         بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر تمت المشاورة في شأن أسرى العدو ؛ حيث أشار عليه أبو بكر "باستبقائهم واستتابتهم , أو فك أسرهم وافتدائهم بالمال " وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم ؛ فأخذ الرسول برأي أبي بكر .
2-         قرار الخروج للقتال في غزوة بدر لم يكن قرارًا فرديًّا , وإنما كان مستندًا على رأي الأغلبية وهو الخروج ؛ لملاقاة العدو بينما كان رأي الرسول الشخصي : هو البقاء في المدينة ؛ للدفاع عنها بدلًا من الخروج .
3-         صلـح الحديبيــة : كذلك شاور الرسول $ يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين ويقتلهم , فقال له أبو بكر الصديق : إننا لم نأتي لقتال أحد , وإنما جئنا معتمرين ؛ فوافقه الرسول $ على رأيه وهذا وعَدَلَ عما كان يراه .
حدث اختلاف في الرأي بين أبي بكر d خليفة رسول الله ، وبين عمر بن الخطاب بشأن قتال مانعي الزكاة ؛ فذهب عمر إلى القول بعدم قتلهم استنادًا إلى حديث رسول الله $ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا " لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله " فمن قالها فقد عصم مني ماله ودمه إلا بحقها (2).
كما استهدف من وراء رأيه هذا عقب وفاة الرسول $ الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية , وعدم انفراط عقدها باقتتالها بعضها مع البعض ؛ ألا أن أبا بكر الصديق أظهر رأيَه مُشدِّدًا حول قتلهم قائلًا : ” والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله $ لقاتلتهم عليه “ (1)
سار الخليفة الثاني - عمر بن الخطاب - على منهج سلفه في الأخذ بالشورى وحرية الرأي , وشمل ذلك المبدأ في عصره التطبيقات الدينية والدنيوية على السواء , وفي أمور المسلمين الحربية والسلمية على قدم المساواة (2).
ولقد طبق عمر منهجه الاستشاري هذا بشأن "موقعة نهاوند" لمقاتلة تجمعات الفرس عندما لجأ إلى أخذ رأي المسلمين عقب الصلاة الجامعة , والذي استقر على ما رآه علي بن أبى طالب - كرم الله وجهه - من تقسيم جيش المسلمين إلى ثلث يسير للقتال وثلثين يبقيان بكل مصر من الأمصار , واستقرار أمير المؤمنين في المدينة عاصمة الدولة ؛ لتولي أمور التنسيق والقيادة (3).


(1)  تعريفها اللغوى : "الشورى ؛ اسم من المشاورة , وتشاور : أي ؛ استخرج ما عنده من رأي" , ويقول أهل اللغة: "والاستشارة مأخوذة من قول العرب : شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها يجري أو غيرها .
تعريفها الاصطلاحي : تعريفات السلف للشورى ، تكاد تكون متوافقة وإن اختلفت تعبيراتهم فقد عرَّفها الأصفهاني بأنها : "استخراج الرأي لمراجعة البعض للبعض" وعرفها ابن العربي بأنها هي :الاجتماع على الرأي ؛ ليستشير كل واحد صاحبه ويستخرج ما عنده.
(1)  صحيح ابن حبان ( 2/17 ) .
(2)  البخاري (7198) .
(1)  أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان أن الدين النصيحة ( 55 ) .
(2)  الترمذي ( 1714 ) والبيهقي ( 18587 ) .
(3)  الترغيب والترهيب ( 3293 ) .
(1)  الترغيب والترهيب ( 3345 ) .
(2)  الترغيب والترهيب (3346) .
(3)  رواه الترمذي (2266)، وقال : حديث حسن غريب  .
(4)  الأدب المفرد (258) وصححه الألباني .
(5)  رواه الطبراني في المعجم الصغير ( 980 ) .
(1)  بدائع الفوائد ( 3/673).
(2)  رواه مسلم في الإيمان ، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ( 22 ).
(1)  البخاري ، كتاب الزكاة ، باب وجوب الزكاة ( 1335 ).
(2)  الأحكام السلطانية : للماوردى . مرجع سابق . ص 198 (( كان لعمر بن الخطاب فضل إنشاء الديوان وهو موضوع لحفظ ما يتعلق بحقوق السلطة من الأعمال والأموال ومن يقوم بها من الجيوش والعمال)).
(3)  فتوح البلدان . للعلامة أحمد بن يحيى بن جابر المعروف بالبلاذري , تحقيق الدكتور صلاح الدين . الجزء الثاني طبعة 1957 م . ص 373 وما بعدها.

Post a Comment

Previous Post Next Post