القضاء في الادارة
يمثل القضاء الإداري دوراً هاماً في إرساء قواعد القانون الإداري، ويبرز دوره  وأهميته في رقابته على أعمال وتصرفات الإدارة ضماناً واحتراماً لحقوق وحريات الأفراد وحمايتهم من التعسف في استعمال السلطة من قبل الإدارة.

فالقضاء الإداري يمثل أداة فعّالة في مواجهة الإدارة من خلال التحقق من مشروعية قراراتها، وما يملكه ذلك القضاء من سلطة إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون فضلاً عن الحكم بالتعويض المناسب للأشخاص الذين أصابهم الضرر من جراء تنفيذ تلك القرارات، فرقابة القضاء الإداري هي رقابة مشروعية لا رقابة ملاءمة.

كما أن القضاء الإداري ليس مجرد قضاء عادي يقضي بين آحاد الناس، ولكنه يقضي بين الجماعة والفرد. الذين تتطور علاقاتهم وتختلف باختلاف الظروف والفلسفات الاجتماعية التي تعتنقها الجماعة[1].

وتنقسم الدول المعاصرة في تنظيمها لهذه الرقابة إلى نظامين قانونيين رئيسيين، النظام الإنجلوسكسوني، والنظام اللاتيني. إذ يتميز الأول بوحدة القضاء ووحدة القانون المطبق بالنسبة للإدارة والأفراد، في حين يوجد ازدواج قضائي، وازدواج قانوني في النظام الثاني، أي أنه يوجد قضاء إداري وقانون إداري بجوار القضاء العادي والقانون الخاص، وهو الأمر المتبع في فرنسا وبعض دول العالم كبلجيكا ومصر ولبنان[2].

وبالنظر في النظام القانوني المتبع في دولة الإمارات العربية المتحدة، فيتضح أن دولة الإمارات تتبع النظام الإنجلوسكسوني، من ناحيتين الأولى فيما يتعلق بثنائية النظام القضائي، باعتبارها دولة فيدرالية حيث تمتلك الدولة محاكم اتحادية ومحاكم محلية، والثانية تتمثل في وحدة القضاء حيث لا يوجد قضاء إداري مستقل عن القضاء العادي، فالقضاء العادي هو المختص بنظر كافة الدعاوى والمنازعات بما فيها المنازعات الإدارية وتتبع الدعاوى الإدارية ذات الإجراءات التي تنظر بها سائر الدعاوى المدنية.

ويعدّ القضاء الإداري في دولة الإمارات العربية المتحدة حديث النشأة، حيث نصت المادة (102) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة على إسناد نظر المنازعات الإدارية بين الاتحاد والأفراد إلى القضاء الاتحادي الذي أنشئ عام 1973. أما بشأن المنازعات الإدارية داخل مدن الإمارات والتي لا تدخل ضمن نطاق القضاء الاتحادي، فتختص بها المحاكم المحلية لكل إمارة. وهذا الفصل في نظر النزاعات الإدارية على وجه الخصوص دون رقابة من القضاء الاتحادي، فضلاً عن عدم وجود قضاء إداري مستقل، أو مبادئ وأسس وقواعد إدارية مقننة هو سبب الإشكالية التي سيتم بحثها من خلال هذه الدراسة من خلال دراسة بعض الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الاتحادي وعن القضاء المحلي في ذات الموضوع لبيان أوجه الاختلاف في مناقشة الموضوع وفي النتائج.

صعوبات
1.      اختلاف الأحكام القضائية المتعلقة بالمنازعات الإدارية بين القضاء الاتحادي والقضاء المحلي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
2.      القضاء الموحد واشكالياته بالنسبة لنظر المنازعات الإدارية في دولة الإمارات العربية المتحدة نظراً لخصوصية تلك المنازعات.
3.      عدم تقنين المبادئ والأحكام والقواعد الإدارية.

تبحث الدراسة في أثر ثنائية النظام القضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها دولة فيدرالية ومدى رقابة وسيطرة القضاء الاتحادي على القضاء المحلي بشكل عام، وأثر ذلك بالنسبة للمنازعات الإدارية، مقارنة بالدول الفيدرالية الأخرى كالولايات المتحدة الأمريكية.

فضلاً عما تثيره الدراسة من ضرورة استقلال القضاء الإداري عن القضاء العادي لخصوصية تلك المنازعات، وأهمية تقنين المبادئ والقواعد الإدارية بعد دراستها وتوحيدها لتكون أساس ذلك القضاء الإداري وصولاً للهدف الرئيسي وهو وحدة الأحكام وعدم تعارضها بشأن تفسير النصوص وإعمالها، وذلك لما يمثله القضاء الإداري من ضمانة حقيقية لحقوق وحريات الأفراد في مواجهة تعسف الإدارة.

عناصر مشكلة الدراسة:
-          ثنائية النظام القضائي في دولة الإمارات، وبيان مدى سلطة القضاء الاتحادي على القضاء المحلي.
-          النظام القضائي الموحد في دولة الإمارات.
-          عدم تقنين مبادئ وأحكام القانون الإداري.

أهميـة الدراسـة:
تتمثل أهمية هذه الدراسة في بيان مزايا وعيوب ثنائية النظام القضائي، وكذلك مزايا وعيوب وحدة وازدواجية القضاء، وصولاً لنتيجة مهمة تتناسب مع وضع دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحدّ من الاشكاليات العملية، وهو إنشاء قضاء إداري اتحادي مستقل يمتنع معه نظر المنازعات الإدارية إلا من خلاله سواء كانت تلك المنازعات تتعلق بالحكومة الاتحادية أو المحلية وذلك لإرساء قواعد إدارية موحدة وثابتة في أنحاء الدولة يتم من خلالها تقنين القواعد والمبادئ العامة الإدارية نظراً لأهمية هذا النوع من النزاعات.
وتضيف هذه الدراسة معلومات مفيدة للعاملين في هذا المجال سعياً لتخطي الاختلاف في الأحكام وتفسير المبادئ بين المحاكم الاتحادية والمحلية


[1] سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري، الكتاب الأول (قضاء الإلغاء) ، دار الفكر العربي سنة 1967 ص11.
[2] عبدالغني بسيوني عبدالله، القضاء الإداري ومجلس شورى الدولة اللبناني، الدار الجامعية، سنة 1999، ص8.

Post a Comment

Previous Post Next Post