النظام القضائي الفيدرالي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
تعد دولة الإمارات ثنائية
النظام القضائي باعتبارها دولة اتحادية أو فيدرالية حيث ينقسم النظام القضائي في الدولة
بين جهتين هما: جهة القضاء الاتحادي، وجهة القضاء المحلي في إمارة دبي ورأس الخيمة،
ومؤخراً في إمارة أبوظبي، وذلك إلى جانب المحاكم واللجان القضائية الخاصة التي لها
ولاية القضاء في مسائل معينة ونوع مجد من المنازعات وكل جهة من الجهات الثلاث تعد جهة
قضاء مستقلة عن الأخرى[1].
وسنتعرض في هذا الفرع لتنظيم
المحاكم الاتحادية، والمحاكم المتخصصة، ثم المحاكم المحلية، وأخيراً سيتم بيان المحاكم
المناط بها الفصل في المنازعات الإدارية على النحو التالي:
أولاً: المحاكم الاتحادية:
نظم القانون الاتحادي رقم
(3) لسنة 1983 في شأن السلطة القضائية الاتحادية المحاكم الاتحادية من حيث أنواعها
وترتيبها وولايتها ونظامها حيث نصت المادة (9) منه على أن: " تتكون المحاكم الاتحادية
في دولة الإمارات العربية المتحدة من:
1. المحاكم الاتحادية الابتدائية.
2. المحاكم الاتحادية الاستئنافية.
3. المحكمة الاتحادية العليا على رأس الجهاز القضائي الاتحادي"[2].
ويعمل القضاء في دولة الإمارات
بمبدأ التقاضي على درجتين، حيث تنظر الدعوى لأول مرة أمام محكمة الدرجة الأولى، ويجوز
الطعن على هذا الحكم أمام محكمة الدرجة الثانية مرة أخرى[3].
1-المحاكم الاتحادية
الابتدائية:
أنشأت محاكم الدرجة الأولى بموجب الدستور الذي نص في المادتين
(95)، و(102) على أن يكون للاتحاد محاكم اتحادية ابتدائية، وأحال بموجب نص المادة
(103) منه إلى القانون لتنظيم كل ما يتعلق بتلك المحاكم من حيث ترتيبها وتشكيلها ودوائرها
واختصاصاتها وطرق الطعن على أحكامها[4].
حيث نصت المادة (102) على
أنه: " يكون للاتحاد محكمة اتحادية ابتدائية أو أكثر، تنعقد في عاصمة الاتحاد
الدائمة، أو بعض عواصم الإمارات لممارسة الولاية القضائية في دائرة اختصاصها..."
ويقع مقر المحكمة الاتحادية
الابتدائية في عاصمة الإمارات (أبوظبي) وقد يكون في عواصم الإمارات التي صدر أو يصدر
قانون اتحادي بشأن إنشاء محاكم اتحادية فيها طبقاً لنص المادة (11) من قانون السلطة
القضائية الاتحادي رقم (3) لسنة 1983، وهذه المحاكم موجودة الآن في أبوظبي والشارقة
وعجمان وأم القيوين والفجيرة، ويجوز لهذه المحاكم أن يكون لها دوائر في غير عواصم الإمارات
من مدن أو مناطق تابعة لتلك الإمارات كمدينة العين التابعة لمحكمة أبوظبي الابتدائية[5].
وقد قسّم القانون هذه المحاكم
إلى دوائر جزئية تشكل من قاضي فرد تختص بنظر الدعاوى التي ينص القانون على اختصاصها
بها، وهي غالباً الدعاوى قليلة القيمة أو الأهمية، ودوائر كلية تشكل من ثلاثة قضاة
ذات الاختصاص العام حيث تختص بكل ما لا تختص به الدوائر الجزئية[6].
2-المحاكم الاتحادية
الاستئنافية:
جاءت نصوص دستور دولة الإمارات
العربية المتحدة المتعلقة بالقضاء خالية من التطرق لمحاكم الاستئناف، إلاّ أنها تلك
النصوص أجازت استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الاتحادية الابتدائية أمام إحدى دوائر
المحكمة الاتحادية العليا في الحالات والاجراءات التي يحددها القانون، وذلك بموجب المادة
(10) من الدستور، فضلاً عما ورد بنص المادة (105) من الدستور والتي قضت بأنه:
" يصدر قانون اتحادي يحدد الحالات التي يجوز فيها استئناف أحكام الهيئات القضائية
المحلية في القضايا الجزائية والمدنية والتجارية وغيرها أمام المحاكم الاتحادية على
أن يكون قضاؤها عند الفصل في الاستئناف نهائياً"[7]، وعليه صدر القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1983 في شأن السلطة القضائية الاتحادية
لينظم عمل تلك المحاكم.
وتنتشر المحاكم الاتحادية
الاستئنافية بحيث تغطي دوائر المحاكم الاتحادية الابتدائية وتختص بنظر الطعون في الأحكام
الصادرة من المحاكم الابتدائية الجائز استئنافها قانوناً ومن الهيئات القضائية المحلية
بحسب الأحوال.
ويكون مقرها وفقاً لنص المادة
(12) من القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1983 عاصمة الاتحاد، وفي عواصم الامارات التي
صدر أو يصدر قانون اتحادي بإنشاء محاكم اتحادية استئنافية فيه[8]. وتعتبر محكمة استئناف أم القيوين الاتحادية آخر محكمة استئناف اتحادية تم
إنشاؤها بموجب القانون الاتحادي رقم (18) لسنة 2005[9].
3- المحكمة الاتحادية
العليا:
تأتي في قمة الجهاز القضائي
الاتحادي في الدولة، وقد أنشئت بموجب الدستور، وتمثّل الهيئة القضائية العليا في الاتحاد،
ومقرها عاصمة الاتحاد، ويجوز لها أن تعقد جلساتها عند الاقتضاء في أي عاصمة من عواصم
الإمارات الأعضاء في الاتحاد.
وللمحكمة دوائر للمواد الدستورية،
ودوائر لنظر المواد الأخرى، وتمارس ثلاث وظائف مختلفة تتمثل في الوظيفة القضائية باعتبارها
محكمة قانون (محكمة نقض) بهدف توحيد تفسير وتطبيق القانون أمام المحاكم لمراقبة التطبيق
الصحيح للقانون، ووظيفة افتائية تتمثل في تفسير نصوص الدستور، ووظيفة رقابية بالرقابة
على دستورية القوانين واللوائح[10].
وقد أناط الدستور
لها الاختصاصات التالية:
1. المنازعات المختلفة بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد، أو
بين أية إمارة أو أكثر وبين حكومة الاتحاد متى أحيلت المنازعات إلى المحكمة بناءً على
طلب أي طرف من الأطراف المعنية.
2. بحث دستورية القوانين الاتحادية، إذا ما طعن فيها من قبل
إمارة أو أكثر لمخالفتها لدستور الاتحاد، وبحث دستورية التشريعات الصادرة عن إحدى الإمارات
لمخالفتها للدستور أو للقوانين الاتحادية.
3. بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً إذا أحيل
لها الطب من أية محكمة من المحاكم أثناء دعوى منظورة أمامها.
4. تفسير أحكام الدستور إذا كما طلبت إليها ذلك إحدى سلطات الاتحاد،
أو حكومة إحدى الإمارات.
5. مسائلة الوزراء، وكبار موظفي الاتحاد المعينين بمرسوم عما
يقع منهم من أفعال في أداء وظائفهم السمية بناءً على طلب المحلس الأعلى .
6. الجرائم التي لها مساس مباشر بمصالح الاتحاد كالجرائم المتعلقة
بأمنه في الداخل أو الخارج أو جرائم تزوير المحررات أو الأختام الرسمية.
7. تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية المحلية
في الإمارات.
8. تنازع الاختصاص بين هيئة قضائية في إمارة وهيئة قضائية في
إمارة أخرى.
9. أية اختصاصات أخرى منصوص عليها في الدستور أو تحال إليها
بموجب قانون اتحادي[11].
[1]
عبدالتواب مبارك،
أصول التقاضي في دولة الإمارات العربية المتحدة،
الآفاق المشرقة ناشرون، الطبعة الأولى، 2011، ص119.
[2] أحمد علي الصغيري، القرار الإداري في كل من فرنسا
والإمارات ودور المحاكم في إلغائه، دار الفكر العربي، سنة ، 2008 ص78-79
[3] عبدالتواب مبارك، أصول التقاضي في دولة الإمارات
العربية المتحدة، الآفاق المشرقة ناشرون، الطبعة الأولى، 2011، ص127.
[4] عبدالتواب مبارك، أصول التقاضي في دولة الإمارات
العربية المتحدة، الآفاق المشرقة ناشرون، الطبعة الأولى، 2011، ص128، 129.
[5] عبدالحميد محمد الحوسني، إجراءات التقاضي في الدعوى الإدارية
بدولة الإمارات العربية المتحدة، منشأة المعارف، طبعة 2013 ، ص 41.
[6] عبدالتواب مبارك، أصول التقاضي في دولة الإمارات
العربية المتحدة، الآفاق المشرقة ناشرون، الطبعة الأولى، 2011، ص128، 129.
[7] عبدالحميد محمد الحوسني، إجراءات التقاضي في الدعوى الإدارية
بدولة الإمارات العربية المتحدة، منشأة المعارف، طبعة 2013 ، ص42.
[8] عبدالتواب مبارك، أصول التقاضي في دولة الإمارات
العربية المتحدة، الآفاق المشرقة ناشرون، الطبعة الأولى، 2011، ص130، 131.
[9] أحمد علي الصغيري، القرار الإداري في كل من فرنسا
والإمارات ودور المحاكم في إلغائه، دار الفكر العربي، سنة 2008، ص85
[10] عبدالتواب مبارك، أصول التقاضي في دولة الإمارات
العربية المتحدة، الآفاق المشرقة ناشرون، الطبعة الأولى، 2011، ص133-137.
[11]
أحمد علي الصغيري،
القرار الإداري في كل من فرنسا والإمارات ودور المحاكم في إلغائه، دار الفكر العربي،
سنة 2008، ص87-88.
إرسال تعليق