اختصاص القضاء الإداري في فرنسا:
تتبع فرنسا
نظام القضاء المزدوج أي يوجد لديهما قضاء إداري متخصص ومستقل بجانب القضاء العادي،
يتولى اختصاصات محددة على النحو التالي:
أولاً: اختصاصات
مجلس الدولة الفرنسي:
لمجلس الدولة
الفرنسي اختصاصان:
1-
اختصاصات استشارية أو إفتائية (إدارية) يتولاها قسم الفتوى والتشريع الذي يقوم بعمليتين الأولى تشريعية تتمثل في صياغة مشروعات
القوانين المقدمة من الحكومة إلى البرلمان، وكذلك مشروعات المراسيم الجمهورية التي
لها قوة القانون، بالإضافة إلى صياغة مشروعات اللوائح الإدارية الهامة، والثانية
تتمثل في الإفتـاء أي تقديم الرأي القانوني في المسائل التي تعرضها
الإدارة عليه ويمارسها في ثلاث حالات بصفة اجباريـة عن طريق إلزام
الحكومة باستشارته عند إصدارها للقرارات التنظيمية، والقرارات الإدارية المعروفة
باسم الأوامر، وبصفة اختياريـة في الحالات الأخرى بناءً على رغبة
الجهة طالبة المشورة، أو أن يتدخل بنفسه لإبداء رأيه لإثارة انتباه
السلطات العمومية إلى الإصلاحات الواجب مراعاتها في المجالات التشريعية والتنظيمية
والإدارية التي يراها ضرورية[1].
2- الاختصاص
القضائـي، على النحو التالي:
أ-
مجلس الدولة كمحكمة أول وآخر درجة:
قبل عام 1954 كان مجلس الدولة يتمتع بصلاحيات واختصاصات
واسعة بوصفه محكمة أول وآخر درجة، حيث يمثّل الولاية العامة في مجال القضاء
الإداري.
وبصدور مرسوم 1953 الذي أصبح نافذاً في 1954 أصبحت
المحاكم الإدارية صاحبة الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية بسبب تراكم
القضايا المعروضة أمام المجلس وبغية الإسراع في فض المنازعات، وعليه أصبح اختصاص
المجلس كأول وآخر درجة مقصوراً على الأمور التالية:
1. الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات التنظيمية والفردية
الصادرة بشكل مراسيم والغاء قرارات الوزراء بسبب تجاوز السلطة.
2. المنازعات المتعلقة بالموظفين المعينين بمراسيم فيما
يتعلق بوظائفهم.
3. الدعاوى المرفوعة ضد القرارات الإدارية التي يمتد نظام
تنفيذها إلى حدود أكثر من محكمة إدارية واحدة.
4. المنازعات الإدارية التي تقع في مناطق لا تدخل في اختصاص
محاكم إدارية.
5. القرارات الصادرة في مجال المنافسة والتركيز الاقتصادي.
6. المنازعات المتعلقة بتعيين أعضاء المجلس الاقتصادي
والاجتماعي وانتخابات الممثلين لفرنسا في الجمعية الأوروبية والمجلس العالي
للفرنسيين في الخارج.
ب-
مجلس الدولة كمحكمة استئناف، ومحكمة نقض:
يقوم مجلس
الدولة بصفته درجة ثانية في التقاضي في الأحكام الصادرة من المحاكم
الإدارية في المستعمرات ومجلس الغنائم البحرية، والهيئة الخاصة بالعقود المتصلة
بالمجهود الحربي، ومحكمة المحاسبات، كما يمارس اختصاصاته كمحكمة نقض
بالنسبة للأحكام النهائية الصادرة من هيئات قضائية متخصصة تفصل في منازعات إدارية
كمحكمة المحاسبات والمحكمة التأديبية العليا الخاصة بالميزانية والمالية، وأحكام
المجلس القومي للأطباء، وكذلك في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية الاستئنافية
التي أنشأت بمقتضى قانون 1987 إذ يجوز الطعن بالنقض في هذه الأحكام أمام مجلس
الدولة من أجل رقابة قانونيتها[3].
ج- مجلس
الدولة كمحكمة منظمة للاختصاص:
يقوم مجلس
الدولة بمهمة تحديد الاختصاص بين جهتي القضاء العادي، والقضاء الإداري، ولهذه
الوظيفة حالتان:
الأولى:
التوفيق بين الأحكام: فإذا وجدت
حالة تنازع سلبي للأحكام أو تضارب بين حكمين أو أكثر من شأنه أن يؤدي إلى خلق حالة
إنكار عدالة في نطاق القضاء الإداري فإنه يقوم بهذه المهمة باعتباره المحكمة
العليا في نطاق القضاء الإداري.
والثانية:
الاتصال بين المنازعات: بأن يكون حل
إحداهما يتوقف على الأخرى مباشرة، فإذا كان كل من المنازعتين يدخل في اختصاص محكمة
مستقلة فإن المصلحة والعدالة تقضي توحيد جهة الاختصاص بالنسبة إلى المنازعتين معاً[4].
ثانياً:
اختصاصات المحاكم الاستئنافية الإدارية:
رغم إنشاء
المحاكم الإدارية واختصاصها بالفصل في المنازعات الإدارية إلاّ أن العبء الواقع
على عاتق مجلس الدولة كان ثقيلاً فتكدست القضايا أمامه من جميع الأنواع سواء كان
مختصاً بها كمحكمة أول درجة أو باعتباره محكمة استئناف بالنسبة للطعون المقدمة ضد
أحكام المحاكم الإدارية، أو ما يختص به كمحكمة نقض، مما أدى لتأخير نظر القضايا
والبطء في إصدار الأحكام ولهذا جاء إنشاء المحاكم الاستئنافية الإدارية بموجب
القانون 1987 الذي أنشاء خمس محاكم موزعة في أنحاء البلاد للطعن في الأحكام
الصادرة من المحاكم الإدارية[5]،
وقد جاء اختصاص هذه المحاكم عاماً، فهي تختص بنظر الطعون التالية:
1- الطعون الموجهة ضد الأحكام الصادرة في دعاوى الإلغاء أو
تجاوز السلطة ضد القرارات الإدارية الفردية أي غير اللائحية.
2- أحكام دعوى القضاء الكامل وتشمل منازعات التسوية الخاصة
بالموظفين العموميين في مرتباتهم ومعاشاتهم، ومدد خدمتهم والمنازعات الخاصة
بالعقود الإدارية ودعاوى المسؤولية التقصيرية، ومنازعات الضرائب والرسوم.
وهذه الأحكام
الصادرة من المحاكم الاستئنافية في الطعون سالفة الذكر تقبل الطعن بالنقض أمام
مجلس الدولة بصفته محكمة نقض.
ورغم أن اختصاص
هذه المحاكم عاماً غير أن اختصاصها لا يستغرق كل أحكام المحاكم الإدارية، وإنما
يخرج عن اختصاصها مجموعة من الأحكام تشمل الأحكام المتعلقة بتقدير المشروعية
والانتخابات المحلية واللوائح الإدارية حيث يظل الطعن فيها من اختصاص مجلس الدولة
كقاضي استئناف[6].
ثالثاً:
اختصاصات المحاكم الإداريـة:
هي التي كان
يطلق عليها (مجالس الأقاليم) قبل صدور المرسوم في سبتمبر 1953 الذي أنشأ المحاكم
الإدارية التي تمتعت بالولاية العامة في المنازعات الإدارية ولا يخرج من اختصاصها
إلا الموضوعات التي حددها القانون، وأناطها إلى جهات قضائية أخرى، وتملك المحاكم
الإدارية إضافة لاختصاصها القضائي اختصاصاً استشارياً يتمثل في اصدار المشورة في
المسائل المعروضة عليها من الإدارة في نطاق الحدود الإقليمية للمحكمة وهو اختصاص
ثانوي، وتقبل الأحكام الصادرة عنها الطعن أمام المحاكم الاستئنافية أو أمام مجلس
الدولة وفقاً للقانون[7].
وهناك جانبان
لهذه المحاكم:
1- الاختصاص
النوعي للمحاكم الإدارية:
تعتبر
المحاكم الإدارية في فرنسا محاكم قانون عام، وقضاتها هم قضاة القانون العام
بالنسبة للمنازعة الإدارية، فالمحاكم الإدارية هي صاحبة الولاية العامة في نظر
المنازعات الإدارية، ومع ذلك إذا كانت المنازعة القضائية الإدارية يجب أن تبت فيه
المحاكم الإدارية بالدرجة الأولى فإن أحكامها قابلة للاستئناف أمام المحاكم
الإدارية الاستئنافية أو أمام مجلس الدولة، غير أن بعض أحكام المحاكم الإدارية
بصفة استثنائية وبموجب نصوص خاصة مثل القضايا الضريبية يمكن أن تصدر بالدرجة
الأخيرة ويمكن أن ترفع هذه الأحكام إلى مجلس الدولة عن طريق الطعن بالنقض.
2- الاختصاص
الإقليمي للمحاكم الإدارية:
يقوم
الاختصاص الاقليمي للمحاكم الإدارية على قاعدة عامة مفادها عندما لا يوجد نص مخالف
( المحكمة الإدارية صاحبة الصلاحية إقليمياً، هي المحكمة التي يكون مقرها قانوناً
مركز السلطة التي - إما بموجب سلطتها الخاصة، وإما عن طريق التفويض- اتخذت القرار
المطعون فيه أو وقعت العقد موضوع النزاع)[8].
[1] مازن ليلو راضي، الوجيز في القضاء الإداري، ص68-71، أحمد
علي الصغيري، القرار الإداري في كل من فرنسا والإمارات مرجع سابق ، ص 110-111 .
[2] مازن ليلو راضي، الوجيز في القضاء الإداري، ص68-71،
وأحمد الصغيري، القرار الإداري في كل من فرنسا والإمارات، مرجع سابق ص 112.
[3] مازن ليلو راضي، الوجيز في القضاء الإداري، ص68-71،
وأحمد الصغيري، القرار الإداري في كل من فرنسا والإمارات، مرجع سابق ص113.
[4] سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري، الكتاب الأول قضاء الإلغاء،
دار الفكر العربي، سنة 1967، ص104-106.
[5] عبدالغني بسيوني، القضاء الإداري، ومجلس شورى الدولة اللبناني،
الدار الجامعية – سنة 1999 ، ص 88-90 .
[8] أحمد الصغيري، مرجع سابق ، ص 114، 115.
Post a Comment