النظريات العقدية :
ومن رواد هذه النظرية كل من توماس هوبز وجان لوك وجان جاك روسو. فالفيلسوف الأنكليزي
توماس هوبز* يقول عن نشاة الدولة بأن (....الناس كانوا في صراع دائم قبل نشاة الدولة، وأن الإنسان ليس
اجتماعياً بطبعه فهو أناني ومحب لنفسه، ولايرعى إلا مصالحه الخاصة. وعلى هذا فأن الحق كان يتوافق مع مايمتلكه الفرد من قوة. تلك القوة كانت القاعدة الوحيدة التي فرضت نفسها على حياة الفطرة )([1]).
فهوبز يرى بان الإنسان كان يعيش حياة فوضى قائمة على الصراع من أجل البقاء، ومن
أجل العيش في الأمان والأستقرار كان على الناس أن يجدوا طريقة للعيش مع بعضهم البعض فاوجدوا ما يسمى بالعقد فيما بينهم وبموجبه تنازل الشعب عن
حقوقه لشخص أختاروه من أجل الدفاع عنهم وهذا باعتباره ليس طرف في هذا العقد فهو
ليس مسؤول أمامهم. أن هوبز يرى بأن الحياة التي كان يعيشها الفرد كانت حياة فوضى
وسيطرة القوي على الضعيف ولم
تكن هناك مساواة.
- أما جان لوك ( 1632-
1704) أنه عكس هوبز الذي قال بان حياة الفطرة كانت عبارة عن صراع وعدم المساواة
والحروب بين الناس وسيطرة القوي على الضعيف مما تطلب وجود عقد بينهم ومنح هيئة أو حاكم السلطات
للتحكم، بينما لوك يقول بان تلك الحياة كان يتوفر فيها المساواة والعدل والحرية
. ولأن الشعب كان يريد أن تكون هناك سلطة تحكمه تعاقد مع شخص لتلك
الغاية وتنازل له عن بعض حقوقه. - بينما
جان جاك روسو، الفيلسوف الفرنسي الذي ينطلق من الأسرة في قيام الدولة. فيقول أن طاعة الأبناء للأب تكون حسب الحاجة. وبسبب كثرة مصالح الناس وتعارض هذه المصالح مع بعضها. هذا ما دفع الإنسان إلى إيجاد سبل وطرق من أجل التخلص من الدوافع
الشريرة التي تدفعه إلى
مصالحه الشخصية، وعليه
قام الأفراد بالعقد فيما بينهم وتم من
خلال هذا العقد تنازل الأفراد عن حقوقهم ليس لصالح الحاكم وأنما لصالح الجماعة.
ثانياً
- النظريات غير عقدية :
هذه
النظريات تشمل كل من :
1- نظرية القوة : تقول هذه النظرية بقيام الدولة من خلال القوة وأستخدام العنف ( ومن
أنصار هذه النظرية الألماني أوبنهيمر Oppenheimer، والفرنسي شارل بودان Charl Boudant، أن الدولة كانت في مراحلها الأولى عبارة عن نظام اجتماعي معين فرضه شخص أو فريق على بقية
أفراد الجماعة مستخدمين القوة والإجراء للوصول إلى هذه الغاية )([2]).
بأفتراض
أن هناك صراع بين الأفراد يفرزمنتصراً ومهزوم فأنه ومن الطبيعي أن يقوم المنتصر في هذا الصراع بفرض سيطرته وسلطته
وشروطه على المهزوم. ونتيجة ذلك كان قيام الدول من خلال أستخدام هذه القوة.
2- نظرية تطور الأسرة : أن أصحاب هذه النظرية يشابهون بين الأسرة
وتطورها وبين نشأة الدولة، حيث تقول هذه النظرية بأن السلطة التي يتمتع بها الأب
في الأسرة تشبه السلطة التي يتمتع بها الحاكم على الشعب، حيث أن مجموعة الأسر تشكل
قبيلة ويكون على رأسها شخص يتميز بصفات وخصائص تميزه عن غيره لأستلام هذا المنصب،
فهذه القبيلة كبرت ونمت وبعد أن تم الأستقرار في مكان ما كان هناك أتفاق بين
أفرادها على إيجاد القواعد والنظم التي تحكمهم وبالتالي كانت الدولة نتيجة هذا
التطور والنمو.
3- نظرية التطور الاجتماعي : أن مايميز هذه النظرية بأنها لاتستند
مثل بقية النظريات التي قيلت عن نشاة الدولة على عامل واحد في قيام الدولة وأنما
تقول بعدة عوامل التي تكمن وراء إنشاء الدولة، وتقول بأن هذه العوامل لاتتشابه في
الدول بل يكون هناك أختلاف من دولة إلى أخرى وذلك حسب الظروف التي مرت بها.
ينظر الكثير من العلماء والفلاسفة إلى الدولة على أنها صاحبة السلطة
العليا والنهائية في أي أقليم أينما وجدت وتكون سلطاتها شاملة وعامة، وقد تطرق
الكثير من العلماء والفلاسفة إلى مفهوم الدولة وتم شرح كيفية تشكيلها وعناصرها من
قبلهم وأعطوها تعريفات جمة. وهنا نذكر بعض من هذه التعريفات : فهذا ديفو يعرفها بأنها مجموعة من
الأفراد مستقرة في أقليم محدد تخضع لسلطة صاحبة السيادة. ووظيفتها تحقيق مصالح الجماعة وملتزمة بمبادئ القانون. والفقيه
الفرنسي بارتلي يعرفها ويقول بأنها مؤسسة سياسية يرتبط بها الأفراد من خلال
تنظيمات متطورة.
وأبنها يمر يعّرفها قائلاً :( الدولة بناء طبقي، أو أجتماعي داخل
حدود جغرافية تملكه الطبقة القوية المسيطرة على الأفرد وذلك من أجل تنظيم السيطرة
وإستغلالها لتحقيق مصالحها وخاصة الاقتصادية على حساب الطبقات الأخرى)([3]). ويعرفها الدكتور بطرس غالي ( بأنها مجموعة من الإفراد يقيمون بصفة
دائمة في أقليم معين تسيطر عليهم هيئة معينة تنظم أستمرارهم داخل
حدودهم) ([4]).. كذلك يعرفها الفقيه الفرنسي كاريه دي ملبير ويعتبرها (مجموعة من
الأفراد مستقرة في أقليم معين ولها من
التنظيم مايجعل للجماعة في مواجهة الأفراد سلطة عليا آمرة وقاهرة )([5]).
فالدولة عبارة عن تنظيم يعبر عن السلطة السياسية، وتختلف أسمائها فيمكن أن تكون
هذه الدولة جمهورية وعلى رأسها رئيس الجمهورية، أو ملكية يتم توارث الحكم فيها
بالوراثة دون إجراء الإنتخابات، أو تقدمية تعتمد الأساليب الديمقراطية في تطبيق
القوانين والشرائع على أرض الدولة، أو محافظة تمجد الماضي وتبني الحاضر وتنظر إلى
المستقبل على تاريخ المجيد لهذه الدولة، ومهما كانت تسميتها فهي القوة التي تسيطر
على المجتمع وتفرض سلطانها على الأفراد ضمن حدودها، وتطبق القوانين والشرائع التي
تصدرها السلطات المختصة على الشعب في هذه البقعة من خلال الأجهزة والمؤسسات التي
تقام لذلك الغرض، حيث تقوم بتوزيع الأختصاصات والوظائف بين هذه المؤسسات، الكل حسب
وظيفته، ومن الذين أهتموا بالدولة وعرّفها أيضاً أوتو هينتز حيث يقول عن مفهوم
الدولة ( أن إنشاء الدولة يبدو معتمداً بصورة أصلية على الفئات الاجتماعية
المرتبطة بروابط الدم والمشتركة معاً في موطن معين)([6]).
ولهذه الدولة عناصر تتكون منها،
لقد أختلف العلماء حول عناصر الدولة وتعدادها كما أختلفوا في تحديد تعريف واحد لها
*- تعود فكرة نظرية العقد الاجتماعي إلى الفيلسوف الانكليزي توماس هوبز في
القرن السابع عشر والذي أراد التعرف على نشاة الدولة.
إرسال تعليق