التأمين التعاوني Operative Insurance-co)):
التعاون لغة: يقصد به المساعدة
المتبادلة (
[1]
)، ولأهمية ذلك جاءت النصوص القرآنية،
ونصوص السنة النبوية تحث عليه ومن ذلك قوله تعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ
وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }[المائدة: من
الآية 2]. وقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ
تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: من الآية 103].ومن السنة قوله صلّى الله عليه وسلّم:"المؤمن
للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً" ( [2]
)متفق عليه.
واصطلاحاً: هو الذي تقوم به الجمعيات
التعاونية لأعضائها ولغيرهم، وهو شبيه بالتبادلي، ويختلف عنه من وجوه.
وبعضهم عرف التأمين التعاوني بقوله:
"بأنه عمل مجموعات من الناس على تخفيف ما يقع على بعضهم من أضرار وكوارث من
خلال تعاون منظم، يضم كل مجموعة يجمعها جامع معين، وبحيث يكون المقصود من هذا
التعاون المؤازرة، ورأب الصدع الذي ينزل ببعض الأفراد من خلال تكاتف مجموعهم على
ذلك، فقصد التجارة والكسب والربح الذاتي معدوم عند كل منهم في هذا التجمع" ( [3]
).
وقيل هو: "اشتراك مجموعة من الناس في إنشاء
صندوق لهم يمولونه بقسط محدد يدفعه كل واحد منهم، ويأخذ كل منهم من هذا الصندوق
نصيباً معيناً إذ أصابه حادث معين " ( [4]
).
ومما قيل في تعريفه: "عقد تأمين
جماعي يلتزم بموجبه كل مشترك فيه بدفع مبلغ معين من المال على سبيل التبرع، لتعويض
المتضررين منهم على أساس التكافل والتضامن عند تحقق الخطر المؤمن منه، تدار فيه
العمليات التأمينية من قبل شركة متخصصة على أساس الوكالة أو بأجر " ( [5]
).
وقيل: "نظام يقوم على التعاون بين
مجموعات أو أفراد يتعهدون على وجه التقابل بتعويض الأضرار التي تلحق بأي منهم عند
تحقق المخاطر المتشابهة، وهؤلاء المساهمون في تحمل المخاطر لهم من المصالح ما
للمؤمن له الذي أصابه الضرر" ( [6]
).
وقد عرف مشروع تقنين أحكام الشريعة في
المعاملات المدنية في مصر مادة (747) عام 1982م التأمين التعاوني بأنه: "عقد
تعاون يقدم المؤمن له بمقتضاه أقساطاً أو أي دفعة مالية أخرى لمواجهة حادث أو خطر
معين ينزل بأي من المؤمن لهم، فيكون على المؤمن أن يؤدي إلى المؤمن له، أو إلى
المستفيد مبلغاً من المال، أو إيراداً مرتباً، أو أي أداء مالي آخر في حالة وقوع
الحادث، أو تحقق الخطر المبين في العقد " ( [7]
).وبنحوه القانون المدني السوري (713)،
والليـبي (747)، واللبناني (950)( [8]
).
وعرفه القانون الإماراتي -والذي يتبنى
التأمين التعاوني فقط -فقال: "التأمين عقد يتعاون فيه المؤمن لهم والمؤمن على
مواجهة الأخطار أو الحوادث المؤمن منها، وبمقتضاه يدفع المؤمن له إلى المؤمن
مبلغاً محدداً أو أقساطاً دورية.وفي حالة تحقق الخطر أو وقوع الحدث المبين في
العقد يدفع المؤمن إلى المؤمن له أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من
المال أو إيراداً أو مرتباً أو أي حق مالي آخر"، وجاء في المذكرة الإيضاحية
للقانون ما نصه " إن التأمين التعاوني يترتب عليه أن عقد التأمين يكون في صورة
عقد تبرع وليس معاوضة، وبذلك نتفادى ما وجه لعقد التأمين التجاري من شبهة أنه عقد
معاوضة ينطوي على غرر كبير مما يفسد العقد، أما عقد التأمين التعاوني فإن الغرر لا
يفسده مهما كان كبيراً".وبمثله أخذ القانون اليمني المدني حيث اعتمد التأمين
التعاوني في نظامه دون التجاري مادة (1065) ونصها: "كما يجب أن تنص عقود
التأمين على أن كل مؤمن متبرع بما تدفعه الشركة من ماله الخاص تعويضاً وهو من
ضمنهم إن حصل عليه خطر". ( [9]
)
وعرفه الدكتور هيثم المصاروة بأنه
" عقد بين مجموعة من الأشخاص يتعاونون فيه على مواجهة حادث أو خطر معين ينزل
بأي منهم يقدم بمقتضاه كل منهم اشتراكاً في مقابل أن يؤدي له أو إلى المستفيد الذي
يحدده مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أي أداء مالي آخر في حالة وقوع الحادث
أو تحقق الخطر المؤمن منه في جانبه". ( [10]
)
وعرفه بعضهم من منظور فقهي بأنه "
هو الذي تتفق فيه مجموعة من الأشخاص على تعويض الأضرار التي قد تصيب أحدهم من
مجموع الأقساط التي يقومون بتسديدها عند وقوع كارثة معينة" ( [11]
).
وبعضهم يسميه
التأمين التبادلي ( [12]
)، أو التأمين
بالاكتتاب (
[13]
)، ولا يرى فرقاً بين
النوعين ويصور أصحاب هذا القول التأمين التعاوني على أنه نظام تعاوني قائم على
فكرة التعاون بين مجموعة من الأفراد الذين يكونون جمعية (مؤسسة-هيئة) عن طريق
اكتتابهم بمبالغ نقدية ويتحملون جميعاً مخاطر الكوارث، والتعويض عنها عن طريق
توزيع ذلك التعويض بينهم بما يخفف من آثاره وعبئه على الفرد، فإن لم تف الأقساط
المجبية زيدت الأقساط حسب الحاجة، وإن بقي شيء أعيد للمكتتبين أو جعل رصيداً
احتياطياً للمستقبل، ولا تهدف هذه الجمعية للربح المباشر( [14]
).
وممن نحا به للتبادلي ما ورد في أحد
التعاريف: " العقود التي تبرمها مجموعة من الأشخاص يتخذون شكل جمعية تعاونية
معرضون لخطر واحد معين بغرض تعويض الأضرار التي قد تلحق بأحدهم إذا نزل به الخطر
المؤمن منه، ويتم تمويل مبلغ التعويض من مجموعة الاشتراكات التي يلتزم بها كل عضو
بالجمعية بدفعها " ( [15]
).
وعرفه الدكتور حسين حامد حسان باعتباره
نظاماً بأنه: تعاون بين مجموعة من الأشخاص يسمون هيئة المشتركين يتعرضون لخطر أو
أخطار معينة على سبيل التبرع على تلافي آثار الإخطار التي قد يتعرض لها أحدهم أو
بعضهم بتعويضه عن الضرر الناتج من وقوع هذه الأخطار، وذلك بالتزام كل منهم بدفع
مبلغ معين يسمى القسط أو الاشتراك، تحدده وثيقة التأمين أو عقد الاشتراك وتتولى
شركة التأمين الإسلامية إدارة عمليات التأمين واستثمار أمواله نيابة عن هيئة
المشتركين في مقابل حصة معلومة من عائد استثمار هذه الأموال باعتبارها مضارباً أو
مبلغاً معلوماً باعتبارها وكيلاً أو هماً معاً ".
وعرفه باعتباره عقداً بقوله: اتفاق بين
شركة التأمين الإسلامي باعتبارها ممثلة لهيئة المشتركين وشخص طبيعي أو اعتباري على
قبوله عضواً في هيئة المشتركين والتزامه بدفع مبلغ معلوم يسمى القسط على سبيل
التبرع منه ومن عوائد استثماره لأعضاء هذه
الهيئة على أن تدفع له الشركة نيابة عن هذه الهيئة من أموال التأمين التي تجمع منه
ومن غيره من المشتركين التعويض عن الضرر الفعلي الذي أصابه من وقوع خطر معين وذلك
في التأمين على الأشياء والتأمين من المسؤولية المدنية أو مبلغ التأمين، وذلك في
التأمين على الأشخاص على النحو الذي تحدده وثيقة التأمين، ويبين أسـس النظام
الأساسي للشركة ( [16]
).
وفكرته يمكن أن تكون بيت مال مصغر
لمجموعة من المسلمين ترعى بعض جوانب التكافل الاجتماعي الأكثر ضرورة عندهم ( [18]
).
وعلى كلٍ فعقد التأمين التعاوني عقد ( [19]
) تبرع يدفعه الفرد لمعاونة أخيه عند
حاجته له، ويدير شؤون التأمين التعاوني من اشتراكات وتعويضات وغيرها مجلس إدارة
يعتبر بمثابة الوسيط بين أعضاء الجمعية التأمينية ونائباً عنها، ويحصل على أجر أو
مكافأة نظير قيامه بهذا العمل، وقد يقوم به مجاناً. ( [20]
)
ومن رأى التفريق رأى أنه يختلف عن
التأمين التبادلي من وجوه:
1.
يكون
للهيئات التعاونية رأس مال، بخلاف الهيئات التبادلية فليس لها رأس مال.
2.
مسؤولية
العضو في الهيئات التعاونية محدودة بقيمة القسط المدفوع، بخلاف الهيئات التبادلية
فليست محدودة.
3. مسؤولية الهيئات التعاونية كمؤمن محدودة
بقيمة رأس مالها –غير المحدود- بخلاف الهيئات التبادلية فمسؤوليتها غير محدودة ( [21]
).
ويلاحظ على التعاريف
السابقة:
1.
خلو
بعضها من الإشارة إلى الاستفادة من قوانين الإحصاء.
2.
الخلط
بين التبادلي والتعاوني في بعض التعاريف.
3.
عدم
الإشارة للتبرع في بعض التعاريف وهو لب التأمين التعاوني.
4.
التعبير
بالقسط بدل الاشتراك مع أن الأخير أولى.
5.
حصر
تنفيذه في جمعية تعاونية، مع أنه قد تقوم به شركة تجارية لإدارته
التبادلي:
وقيل هو:
"اتحاد غير مقيد يقوم به المؤمن لهم أنفسهم، فيتعهدون بدفع اشتراكات دورية
وفق جدول متفق عليه، لتغطية الخسائر التي يتعرض لها بعضهم في الحالات المعينة
المحتمل حدوثها في المستقبل وتوزع هذه الخسائر على جميع الأعضاء دورياً " ( [23] )
وقد اختاره الدكتور سليمان الثنيان ( [24] ).
إرسال تعليق