معنى الثقافة في المجتمعات الغربية:
وردت عدة تعريفات للثقافة في الفكر الغربي، ومن أشهرها أن الثقافة هي: «ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعادات، وكل المقومات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو.
وإذا تأملنا مقتضيات التعريف الغربي للثقافة نجده لا ينطلق من منطلقات شرعية، ولا يهتم بذكر مميزات تلك الثقافة بينما التعريف الخاص بالثقافة الإسلامية يحدد مميزاتها ومنطلقاتها ومصادرها، باعتبارها الوجهة النظرية السلوكية والمعرفية والتصورات الكلية عن الإسلام المستقاة من مصادر التشريع الإسلامي، ومن أبرز تلك التعريفات ما يلي:
المعنى الاصطلاحي للثقافة في الفكر الإسلامي:
وثمة تعريفات عديدة للثقافة بمفهومها الإسلامي ومن ذلك تعريف بعض الدارسين بأنها: «طريقة الحياة التي يعيشها المسلمون في جميع مجالات الحياة وفقاً لوجهة نظر الإسلام وتصوراته، سواء في المجال المادي الذي يسمى بالمدنية، أو في المجال الروحي والفكري الذي يعرف بالحضارة»([2]).
وعرفها آخرون بأنها: «علم دراسة التصورات الكلية والمستجدات والتحديات المتعلقة بالإسلام والمسلمين بمنهجية شمولية مترابطة»([3])وقريباً من هذا التعريف عرفها الدكتور عبد الرحمن الزنيدي بأنها: «علم كليات الإسلام في نظم الحياة كلها بترابطها»([4]).
فمعنى الثقافة هي: ما يكتسبه الإنسان من ضروب المعرفة النظرية والخبرة العملية التي تحدد طريقته في التفكير ومواقفه في مختلف طرائق الحياة،والثقافة الإسلامية هي: مجموعة من العلوم والأحكام والقيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية يتلقاها الفرد والمجتمع من مصادرها الأصيلة ليعمل بها فتكون سبباً في رقيه وتقدمه في أي زمان ومكان.
ونخلص من هذه التعريفات المتعددة بأن مادة الثقافة الإسلامية تحرص على إعطاء الطالب صورة شاملة عن الإسلام، مع معرفة التحديات المعاصرة ومواجهتها معرفة كلية شمولية.
وأما ما تـختلف فيه الثقافة الإسلامية عن غيرها من الثقافات الأخرى فهناك تباينات كبيرة في المصادر والمقومات والأهداف، فالثقافة الإسلامية تستمد كيانها من مصادر التشريع الإسلامي بينما تقوم الثقافة الغربية على استمداد مصادرها من الأفكار الوثنية والمادية والثقافات اليونانية والرومانية، والثقافة الإسلامية مقاصدها شرعية تدور على تحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، ودرء المفاسد، فتهدف إلى نشر العدل وإحقاق الحق، بينما الثقافة الغربية تهدف إلى استغلال الغني للفقير واستعباد الناس بعضهم بعضاً، واستعمار القوي للضعيف، وتغليب المصالح المادية على إحقاق العدل بين الناس([5]).
وإذا كانت الثقافة الإسلامية تستقي مصادرها من مصادر التشريع الإسلامي وتهدف إلى ما يهدف إليه التشريع الإسلامي من تحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، ودرء المفاسد عنهم وإقامة العدل في المجتمع، فلا شك أنها تتميز بخصائص التشريع الإسلامي بصفة عامة، ومن ذلك: ربانية المصدر، وموافقة الفطرة، والشمولية، والوسطية، والتوازن، والتكامل، والواقعية وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وهذه الخصائص التي تتميز بها عن سائر الثقافات الأخرى.

Post a Comment

أحدث أقدم