البيع مع الترخيص للبائع في استرداد المبيع، أو بيع الثـُّـنْـيَـا،
هو الذي يلتزم المشتري بمقتضاه، بعد تمام انعقاده، بأن يرجع المبيع للبائع في
مقابل رد الثمن. ويسوغ أن يرد بيع الثـُّـنْـيَـا على الأشياء المنقولة أو العقارية[1].
لا يسوغ أن تشترط رخصة الاسترداد لمدة تتجاوز ثلاث سنوات.
فإن اشترطت لمدة أطول من هذا القدر، ردت إليه.
الأجل المحدد للاسترداد قاطع، فلا يجوز للقاضي تمديده
ولو كان عدم تمكن البائع من مباشرة رخصة الاسترداد راجعا إلى سبب خارج عن إرادته.
إلا أنه إذا كان عدم تمكن البائع من مباشرة رخصة الاسترداد راجعا إلى خطأ المشتري،
فإن فوات الأجل المحدد لا يمنع البائع من مباشرة حقه.
للمشتري بشرط الاسترداد، خلال الأجل المحدد له، أن ينتفع
بالشيء المبيع باعتباره مالكا له، مع عدم الإخلال بما هو مقرر في الفصل 595 وله أن يقبض ثماره، وأن
يباشر كل الدعاوى المتعلقة به، بشرط أن يحصل ذلك منه بغير غش.
وللمشتري أن يتخذ الإجراءات المقررة لتطهير العقار من
الرهون الرسمية التي تثقله.
إذا لم يباشر البائع
حقه في الاسترداد في الأجل الذي حدده العاقدان، فقد حقه
في استرجاع المبيع.
أما إذا باشر البائع حقه في الاسترداد، فإن الشيء المبيع
يعتبر كأنه لم يخرج عن ملكه أصلا.
يحصل طلب الاسترداد بإخطار البائع للمشتري برغبته في أن يرد له المبيع، ومن الضروري أن يقوم البائع في نفس الوقت بعرض
الثمن.
إذا مات البائع، قبل أن يباشر حقه في الاسترداد، انتقل
هذا الحق إلى ورثته لما بقي من المدة التي كانت له.
لا يسوغ لورثة البائع أن يباشروا حق الاسترداد إلا
مجتمعين، وبالنسبة إلى المبيع كله.
وإذا لم يتفقوا فيما بينهم، ساغ لمن يرغب منهم في
الاسترداد أن يباشره على المبيع كله لحساب نفسه.
ويسري نفس الحكم إذا باع عدة أشخاص، بالاشتراك فيما بينهم،
وبعقد واحد شيئا يملكونه على الشياع، من غير أن يحتفظوا لأنفسهم بحق مباشرة استرداد كل واحد حصته.
يسوغ مباشرة دعوى
الاسترداد ضد ورثة المشتري مجتمعين.
ولكن إذا قسمت التركة، ووقع الشيء المبيع في نصيب أحد
الورثة، أمكن مباشرة دعوى الاسترداد ضده من أجل المبيع كله.
إذا أشهر عُسر البائع،
جاز لكتلة دائنيه أن تباشر حق الاسترداد.
يسوغ للبائع بالثـُّـنْـيَـا مباشرة دعواه ضد المشتري
الثاني، ولو لم يقع التصريح برخصة الاسترداد في البيع الحاصل لهذا الأخير.
البائع الذي يستعمل حق الاسترداد لا يمكنه أن يحوز الشيء المبيع إلا بعد دفع:
أولا - الثمن الذي قبضه؛
ثانيا - المصروفات النافعة التي ترتبت عليها زيادة في قيمة الشيء
وفي حدود تلك الزيادة. أما مصروفات الترف فلا يكون للمشتري إلا حق إزالة التحسينات
التي أحدثها إذا أمكن ذلك بغير ضرر، وليس له أن يسترد لا المصروفات الضرورية ولا
مصروفات الصيانة، ولا مصروفات جني الثمار.
ويلتزم المشتري، من ناحية أخرى برد:
أولا - الشيء وكل الزيادات الطارئة عليه بعد البيع؛
ثانيا - الثمار التي قبضها من تاريخ دفع الثمن أو إيداعه.
وللمشتري استعمال حق الحبس ضمانا للمدفوعات المستحقة له.
ويطبق كل ما سبق ما لم يتفق المتعاقدان على خلافه.
يسأل المشتري عن تعيب الشيء أو هلاكه الحاصلين بفعله أو بخطإه
أو بخطأ الأشخاص الذين تلزمه المسؤولية عنهم، كما أنه يسأل عن التغييرات التي ترتب عنها تحول الشيء تحولا أساسيا إضرارا
بالبائع.
ولا يسأل المشتري عن الحادث الفجائي أو القوة القاهرة،
ولا عن التغييرات اليسيرة التي لحقت الشيء، وليس للبائع في هذه الحالة طلب إنقاص الثمن.
إذا استرد البائع العين تنفيذا لشرط الاسترداد ترتب على
ذلك رجوعها إليه خالية من كل ما عسى أن يكون المشتري قد حملها من تكاليف ورهون
رسمية، ولكن البائع يلتزم بتنفيذ عقود الأكرية التي أبرمها المشتري بدون غش، إذا كانت مدتها لا تتجاوز الأجل المشترط
للاسترداد وكان تاريخها ثابتا.
إذا ورد بيع الثـُّـنْـيَـا على أرض زراعية[2]، وزرعها المشتري بنفسه أو أكراها
لأحد من الغير قام بزراعتها، ثم حصل الاسترداد من البائع خلال السنة الزراعية[3]، كان للمشتري الحق في
الاستمرار في وضع يده على الأجزاء المزروعة حتى نهاية السنة الزراعية، في مقابل
دفع كرائها، حسبما يقدره أهل الخبرة، عن المدة ما بين حصول الفسخ ونهاية تلك السنة.
إذا سمي الاتفاق
(ببيع الثـُّـنْـيَـا) مع كونه يتضمن في الحقيقة رهنا، فإن آثار هذا الاتفاق تخضع في العلاقة
بين المتعاقدين لأحكام
الرهن الحيازي للمنقول أو الرهن الرسمي، وفقا لظروف الحال، لكن هذا العقد لا يمكن أن
يحتج به على الغير، إلا إذا كان قد أبرم على الشكل الذي يتطلبه القانون لقيام الرهن الحيازي على
منقول أو الرهن الرسمي.
[1] - تنص المادة 5 من بمدونة
الحقوق العينية على أن : " الأشياء العقارية إما عقارات بطبيعتها أو عقارات بالتخصيص".
القانون رقم 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم
1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نونبر 2011)؛ الجريدة الرسمية عدد 5995
الصادر بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5587.
[2] - ورد في النص الفرنسي مصطلح "propriété
rurale" "ملكية
فلاحية" بدل "أراضي
زراعية" كما جاء في الترجمة العربية.
[3] - يبدأ كراء الأراضي الفلاحية في 13 من سبتمبر من
التقويم الميلادي، ما لم يحدد المتعاقدان تاريخا آخر. انظر الفصل 701 من هذا
القانون.
إرسال تعليق