مراحل تطور الجغرافيا

وقد مرت الجغرافية خلال تطورها بعدة مراحل أساسية، وتعرضت لتغيرات كثيرة في هذه المراحل:
- مراحل تطور الجغرافية:
-  المرحلة الأولى أو مرحلة العصور القديمة: وهذه المرحلة استمرت فترة طويلة من الزمن وفيها فإن البابليين والأشوريين والفينيقيين أظهروا اهتماما كبيرا بالعلوم الجغرافية بما في ذلك علم الفلك، حيث تطورت الجغرافية في بلاد ما بين النهرين من قبل علماء بابل الذين جمعوا معلومات كثيرة عن حركة النجوم والكواكب وأثبتوا وجود تأثير كبير للأجرام السماوية ومواضعها على أفعال الناس.
 وتطورت الجغرافية في وادي النيل، ثم لدى العلماء الإغريق الموسوعيين الذين وضعوا ما يشبه المنهج العلمي في البحث كما هو الحال في مؤلفات كل من أرسطو وأفلاطون وهيرودوت وبطليموس وغيرهم، ولم تفقد هذه المناهج أهميتها العلمية بعد مضي آلاف السنين، وقد أكد أرسطو مثلاً على ضرورة الملاحظة المباشرة، ونصح تلامذته ومنهم الاسكندر المكدوني بعبارة أو مبدأ سر وانظر.
الجغرافية والبيئة– م7
 
- المرحلة الثانية من مراحل تطور علم الجغرافية تشمل العصور الوسطى أو ما يسمى بعصور الانحطاط: وتمتد هذه الفترة بين عامي 476 إلى 1453م، وقد تعرضت الجغرافية كغيرها من العلوم إلى تراجع كبير في أوروبة، ولكن لحسن الحظ فقد حافظ العلماء العرب في هذه الفترة على المعرفة الجغرافية، وقاموا بترجمة هذه المعارف وتطويرها، وخاصة تطوير علم الفلك، وقد ساعدت عوامل كثيرة على تطور الجغرافية لدى العرب مع أنهم لم يستخدموا تعبير أو كلمة جغرافيا، وإنما استخدموا مفاهيم أخرى مثل، المسالك والممالك، وعلم الأطوال والعروض، وتقويم البلدان الخ، وقد صنف كراتشوفسكي الجغرافيين العرب وأحصى منهم 141 من الجغرافيين الذين عثر على مصنفات و كتب لهم، ناهيك عمن ضاعت كتاباتهم ومؤلفاتهم أو من هم في عداد الرحالة([1]).
- المرحلة الثالثة، مرحلة  العصور الحديثة: الممتدة من سنة 1453 م وحتى الوقت الحاضر، فقد انكفأت الجغرافية وتراجعت كغيرها من العلوم عند العرب ولا تزال كذلك، لأسباب مختلفة ذاتية وموضوعية، وللأسف لم يتم تجاوزها حتى الآن، بينما تقدمت مختلف العلوم في الغرب بما فيها الجغرافية، وبرز أعلام كثر من الجغرافيين والموسوعيين منهم كوبرنيكوس، وغاليلو، ونيوتن، ثم لاحقاً هتنر وراتزل ولابلاش وغيرهم، وفي هذه المرحلة ظهرت المدارس الجغرافية الحتمية والإمكانية، وأصبحت الجغرافية علما له أصوله وقواعده، وأسهم البحث الأكاديمي الجغرافي في التوصل إلى نظريات وقوانين جديدة وإلى الابتعاد عن المنهج الوصفي، وكذلك ظهرت وتطورت الجغرافية السببية التي تبحث في أسباب الظاهرات وتأثيرها على العلاقات المتبادلة بين الظاهرات الطبيعية المختلفة والظاهرات البشرية أيضاً([2]).
علم الجغرافية باعتبارها وصفاً للأرض ومظاهرها، أو للكون وظواهره على أساس الملاحظة يعد من أقدم العلوم جميعاً، والجغرافية قديمة قدم الإنسان، وما يهم هنا التركيز على التعريفات والأفكار والملاحظات التي تظهر حقيقة الجغرافية وجوهرها بوصفها علماً له مكانته بين العلوم، وإظهار قدرة هذا العلم على المشاركة إلى جانب العلوم الأخرى، في حل المشكلات العالمية بما في ذلك المشكلات البيئية، وبناء لبنة متينة في تقدم العلوم وتطور البشرية.
فهذا كارل ريتر في القرن التاسع عشر يصف الجغرافية بقوله: إن كلمة جغرافية بمعنى وصف الأرض إنما هي خاطئة ومضللة، وعندي أن كلمة الجغرافيا تعني كثيراً من العوامل والعناصر التي تؤلف علم الجغرافية حقيقة بحيث لا أقل من أن يعنى هذا العلم بتوجيه نظرة كونية شاملة للأرض، كما يقوم أيضاً بتنظيم كافة معلوماتنا عن الكرة الأرضية بحيث يجعل من ذلك كله صورة رائعة، وعلى هذا الأساس فإن الجغرافيا تعد فرعاً من العلوم مختصاً بدراسة الكرة الأرضية كلاً موحداً من حيث كافة مظاهرها وظواهرها مع بيان العلاقة بين هذا الكل الموحد والإنسان. وبناءً على ذلك تكون القاعدة الأساسية للجغرافية هي دراسة العلاقة بين كافة المظاهر الطبيعية والجنس البشري([3]).
والفكرة الرئيسية في الجغرافية أنها علم شمولي تركيبي تحليلي، تمزج بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية وتهتم بالإنسان في المقام الأول. ويرى البعض أن الجغرافيا تشكل صلة الوصل بين الظاهرات الطبيعية والظاهرات البشرية.


(1) زهير حبش، مرجع سابق ص 28 .
(1) يسرى الجوهري : فلسفة الجغرافيا، الناشر مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 2001 م، ص 78 .
(1) شريف محمد شريف، مرجع سابق، ص 10 .

Post a Comment

Previous Post Next Post