المناطق الصناعية
فى أوربا
رغم تقدم الصناعة فى الولايات
المتحدة و اليابان و الاتحاد السوفيتى فما زالت
أوربا تحتل مكاناً هاماً فى ميدان الصناعة . ففى غرب أوربا قامت الثورة
الصناعية ، وفيها عرفت الصناعة الميكانيكية التى تعتمد على الفحم المتوفر فى أوربا
إلى جانب القوى المائية و كثير من الخامات المعدنية الهامة كالحديد والبوكسيت
والرصاص و المنجنيز .
وقد لعبت الحرب
العالمية الثانية دوراً كبيراً فى الصناعة فى أوربا ، فقد دمرت بعض مصانعها ومواردها الخام كما فى حوض الرور بألمانيا
الغربية و فى حوض باريس و إقليم اللورين بفرنسا و برمنجهام فى إنجلترا و ميلانو و
تورين فى إيطاليا . كما نقلت المصانع الألمانية إلى الخارج حتى لاتعطى لألمانيا
الفرصة لتسليح نفسها . و فى نفس الوقت ترتب على الحرب إغلاق بعض الأسواق المستهلكة
لهذه الصناعات فى الخارج ، و قامت الدول النامية بالحماية الجمركية لصناعتها
الناشئة .
و بصفة عامة فإنه
يوجد فى أوربا مناطق صناعية ترتبط بالفحم و هى أهم المناطق الصناعية عموما وهى الممتدة كما ذكرناه مع حقول الفحم ، و هى
المناطق الواسعة الإنتشار من الجزر البريطانية شرقاً على طول الحواف الشمالية
لجبال الألب فى وسط أوربا حتى جنوب غرب الاتحاد السوفيتى و منطقة أورال . وتضم هذه
المناطق الجزر البريطانية و جنوب بلجيكا و شمال فرنسا والرور فى ألمانيا و
اقليم السار ولكسمبرج وسكسونيا و سيليزيا
و تولا و أوكرانيا و أورال .
و هناك مناطق
صناعية فى الأجزاء الشمالية والجنوبية من أوربا و هى التى تعتمد على القوى المائية
، و من أهم هذه المناطق جنوب السويد و النرويج و النسما وشمال شرق أسبانيا ومنطقة الألب الفرنسية والبرانس و لمباردى و شمال إيطاليا و فى سويسرا
. و تتميز هذه المناطق الصناعية بعدم الضخامة و بأنها مبعثرة وصغيرة .
و هناك مناطق
صناعية ترتبط بالمدن الهامة مثل لندن و باريس ، و هذه المناطق تعتمد على القوى
المحلية المتمثلة فى السوق المستهلك أو العمالة و الخبرة المتوفرة و سهولة النقل ،
و معظم الصناعات فى هذه المناطق فى الصناعات الإستهلاكية . و كذلك توجد الصناعات
فى بعض الموانئ الهامة و معظمها يعتمد على البترول و الخامات المستوردة متعمدة على
قربها من السوق الخارجى و المحلى و على سهولة إتصالها بمصادر الخامات فى الخارج .
و المناطق الصناعية
المرتبطة بالفحم تعد أهمها جميعا و هى الأكثر ضخامة و إنتاجاً و استيعاباً للعمالة ، و هى التى جذبت الكثير من الصناعات
المحلية الصغيرة إليها . و قد ظهرت فى مناطق الفحم مراكز صناعية هامة توجد فى كثير
من أجزاء بريطان و قرب مدينة ليل Lille
بفرنسا و فى منطقة المميز ببلجيكا Meuse
، كما توجد فى منطقة الرور Ruhr و
وستفالياWestphalia فى شمال غرب ألمانيا ، ثم تمتد شرقاً إلى جنوب
شرق جبال الهارتز Hartz و حوض ثورنجيا Thuringia ثم إقليم سكسونى Saxony . وفى إقليم بوهيميا الصناعى و سليزيا التى ضمت
إلى بولندا عام1945 بعد أن كانت مقسمة بين
بولندا و ألمانيا فيما بين عامى 1921، 1939. و إلى الشرق توجد فى الإتحاد السوفيتى
المناطق الصناعية الهامة فى أوكرانيا و الأورال .
وإلى الجنوب من
المراكز الصناعية المعتمدة على الفحم توجد
مراكز صناعية نمت حديثاً إعتماداً على توفر الخامات المعدنية كما فى أسبانيا ، أو
على الخامات الزراعية كما فى إيطاليا وفرنسا ، وهذه المناطق تعتمد على القوى
المائية بالدرجة الأولى ثم على المهارات الفنية لعمالها ، أو أرخص أجور العمال كما فى إيطاليا .
والمناطق الصناعية
فى جبال الألب ترتبط بإستغلال القوى المائية فى كل من سويسرا و النمسا و جنوب فرنسا و شمال إيطاليا . فقد ساعدت القوى
المائية على تطور الصناعات القديمة كما ساعدت على قيام صناعات جديدة لم تكن موجودة
. ففى فرنسا استغلت فى مدينة جزينويل و حول مدينة ليون . وفى سويسرا تمتد المنطقة
الصناعية من جنيف إلى بحيرة كونستانس وخاصة حول زيوريخ . وفى إيطاليا كانت
الصناعات التحويلية تتركز حول فينيسيا ثم اتجهت نحو حوض نهر البو و حول ميلان و
تورين .
وإلى الشمال من
حقول الفحم يوجد عدد من المراكز الصناعية فى ميناء أنفرس البلجيكى و فى هولندا و
تمتد إلى هانوفرو حول برلين ، كما تتركز بعص الصناعات حول وارسو و فى لودز ببولندا
. و شمالاً من هذا النطاق توجد مراكز صناعية حول كوبنهاجن فى الدنمارك وحول استكهولم فى السويد و أوسلو فى النرويج .
كما توجد إلى الشرق من هذه المراكز الصناعية صناعات تتركز حول بحر البلطيق مثل
ريجا ولننجراد و حول موسكو وتولا ثم شرقاً
فى منطقة الأورال .
و الصناعات
الأساسية فى هذه المناطق الشمالية خاصة فى فنلندا و المنطقة الاسكندنافية تتمثل فى
الصناعات الكيميائية والمعدنية و الورق و الصناعات المرتبطة بلب الخشب .
و قد ساعد على نجاح
النصاعة فى أوربا إلى جانب توفر الفحم وبعض المعادن الهامة وفرة الخبرة وإرتفاع
مستوى المعيشة و السيطرة على مصادر كثير من المواد الخام المعدنية فى أفريقيا أو أمريكا الشمالية و آسيا و إستثمار رءوس الأموال حيث توجد هذه
الموارد سواء كانت معدنية أو زراعية كالمطاط والكاكاو و نخيل الزيت مما ساعد على قيام كثير من الصناعات فى أوربا اعتماداً على هذه الموارد .
وتعد صناعة الحديد
والصلب من أهم الصناعات فى أوربا و بصفة خاصة فى غرب أوربا و ترتبط هذه الصناعة
بمناطق إنتاج الفحم . و قد بدأت هذه الصناعة فى بريطانيا و منها امتدت إلى مناطق
أخرى كما فى منطقة الرور بألمانيا وفى
بلجيكا و شمال فرنسا اعتماداً على الفحم الجيد ، كما قامت صناعة الحديد والصلب فى
بعض المناطق اعتماداً على توفر خام الحديد كما فى اللورين بفرنسا والسويد و
أسبانيا ، و فى مناطق أخرى قامت هذه الصناعة اعتماداً على استيراد الحديد والفحم
كما فى بعض موانئ أوربا الهامة مثل دنكرك فى فرنسا . و بعض موانئ بحر الشمال و بعض
المراكز الصناعية الإيطالية . و فى بعض المناطق كان اعتماد صناعة الحديد و الصلب
على الخردة عندما يتوفر الفحم كما فى أخن بألمانيا و سويسرا و وسط السويد وشمال
إيطاليا .
و الملاحظ أن خامات الحديد لا ترتبط بوجود الفحم فى كثير
من مناطق الصناعى فى أوربا مما أدى إلى قيام الدول بإستيرادها فيما بينها أو من
خارجها . ففى فرنسا رغم غناها بالحديد فى منطقة اللورين لكن المناطق الساحلية تعد
فقيرة فى الحديد ، و لذلك تلجأ للإستيراد تفادياً لتكاليف النقل المرتفعة لحديد
اللورين .
واستيراد الخامات
أعطى للمنطقة الساحلية أهمية كبيرة و زاد من أهميتها و ساعد على ربط مراكز الصناعة
بشبكة من الطرق والقنوات .
وترتبط بصناعة
الحديد والصلب صناعة الآلات الهندسية ، و صناعة السفن التى قامت فى نيوكاسل و وسط
اسكتلند و الصناعات الهندسية و صناعة الآلات القاطعة فى برمنجهام و شيفلد و فى
شمال فرنسا ، كما تتركز صناعة الآلات و القاطرات و الصناعات الثقيلة فى منطقة
الرور و منطقة سيليزيا و فى أوكرانيا فى الإتحاد السوفيتى .
و فى أوربا تنتشر صناعة صهر و تكرير و تشكيل المعادن
غير الحديدية كالرصاص و الزنك و القصدير كما فى بلجيكا حيث يصهر و يكرر الزنك و فى
ويلز حيث صناعة القصدير و صناعة الزنك و الرصاص فى سيليزيا.
و صناعة الالومنيوم
توجد حيث يتوفر الوقود الرخيص كما فى جنوب النرويج و سويسرا و فى وادى الرون
الأعلى . وبالإضافة إلى موارد أوربا
المحلية من البوكسيت فإنها تسترد كميات كبيرة من جيانا البريطانية و سورينام لهذه
الصناعة.
أما الصناعات
الكيميائية فإنها توجد عادة عند حقول الفحم نظراً لإعتمادها على مشتقات الفحم عند
تصنيع الكوك كما فى الصناعات الكيميائية فى منطقة الرور بألمانيا وفى بريطانيا ،
كما تقوم هذه الصناعة فى مناطق الرواسب الملحية كما فى شتاسفورت Stassfort فى
ألمانيا الغربية .
و تنتشر صناعة
الغزل والنسيج انتشاراً كبيراً فى أوربا نظراً لبساطتها و توفر أسواقها خاصة صناعة
الصوف . و قد بدأت هذه الصناعة قبل الثورة الصناعية فى أوربا ، لكنها ازدهرت
كثيراً خاصة قرب مناطق الفحم كما هو الحال فى يوركشير ببريطانيا وحيث يتوفر الصوف المحلى و تقل الرطوبة الجوية ، كما ازدهرت كثيراً فى
المناطق شديدة البرودة كما فى الاتحاد السوفيتى وشمال ألمانيا و اسكندنافيا . أما
صناعة غزل و نسج القطن فتعتمد على استيراد القطن من الخارج ، و صناعة الكتان توجد
حيث يزرع الكتان فى كثيرمن الدول الأوربية . أما صناعة الحرير الطبيعى فتعد أقل
صناعات النسيج انتشاراً نظراً لاعتمادها على دودة القز التى تربى حيث تنمو أشجار
التوت فى المناطق المعتدلة كما فى أسبانيا و ايطاليا و فرنسا.
Post a Comment