التوطن الصناعات industrial loclisation
تختلف درجة التوطن من مكان لآخر حسب توفر العوامل اللازمة لقيامها وحسب طبيعة الصناعة نفسها ,فهناك صناعات لاتتركز في مناطق محددة بل تنتشر على نطاق واسع في جميع المدن أو معظمها وفي كل أحياء المدينة .ويطلق على مثل هذا التوزيع الواسع اسم التوزيع الشبكي
  
True Network ومعظم الصناعات ذلت التوزيع الشبكي (1) ترتبط ارتباطا وثيقا بمناطق الاستهلاك مثل الصناعة الخبز وورش الإصلاح الخفية وتوزيع الغاز والكهرباء وجميع الخدمات بصورها المختلفة .
وقد تشغل المناطق الصناعية مساحات واسعة ولكنها لا تتوزع في جميع الأماكن كما هو الحال في التوزيع الشبكي ولكنه تتركز في أماكن متقاربة دون أن يتصل بعضها ببعض ,ويطلق عل هذا النوع اسم Restricted Network التوزيع الشبكي المحدد.أما النطاق الصناعي Industrial Belt مثل محالج القطن في الولايات المتحدة الأمريكية ونطاق الصناعة في أوكرانيا بالاتحاد السوفيتي ونطاق صناعة القطن في الإسكندرية وكفر الدوار والمحلة الكبرى في مصر .      
وعندما تتركز الصناعة في منطقة معينة مثل منطقة حلوان في مصر أو منطقة الرور الصناعية بألمانيا الغربية فيطلق على هذا النوع اسم الإقليم  الصناعي Industrial District  أو اسم التركز العنقودي Cluster . وهو تركز لا يوجد في مكان واحد بل يوجد في منطقة أو إقليم صغير نسبياً ، و لذلك يمكن أن يطلق عليه إقليم صناعي.
و قد يكون التركيز شديداً في مكان محدد أو منطقة محددة كالمدن الصناعية التي تقام في بعض الدول مثل مدينة الجبيل في المملكة العربية السعودية و المحلة الكبرى و مدينة الالومنيوم بنجع مساوي في مصر و المدن القامة على نطاق الأورال بالاتحاد السوفيتي.
ولكي تقوم الصناعة في إقليم معين و تزدهر لابد من توفر عدد من مقومات الصناعة ، و تتباين أهمية هذه المقومات من ناحية جذبها للصناعة من إقليم لآخر و من دولة لأخرى ، وقد لا تتوزع بشكل متعادل حتى داخل الدولة الواحدة . فلكل إقليم أو مدينة عوامل جذب خاصة تحدد نوع و حجم الصناعة التي يمكن أن تنشأ بها ، فليس التركيز الصناعي وليد الصدفة بل نتيجة لعوامل شديدة التعقيد أعطت لكل إقليم أو دولة أو مدينة عوامل جذب قوية ساعدت على جذب الصناعة و تركزها فيها.
و ظاهرة التركز الصناعي الشديد من السمات الرئيسية للصناعات الحديثة من حيث التركيب والحجم  و التوزيع ، و هي بذلك تختلف عن أقاليم الصناعات البسيطة أو البدائية القديمة ، إذ يسود في الأقاليم الصناعية الحديثة ظاهرة التخصص في الإنتاج الصناعي ، مما أدى إلى ظهور مجتمعات صناعية يتألف كل منها من عدة مصانع يتخصص كل منها في إنتاج سلعة معينة ، و قد يتخصص بعضها في إنتاج جزء من السلعة. 
وعندما يتطور الإقليم الصناعي يصبح سوقاً لتصريف السلع الاستهلاكية مما يساعد على جذب مصانع إنتاج السلع الاستهلاكية و المنتجات الخفيفة نتيجة توافر الأموال  وازدياد القوة الشرائية . ومما يساعد على ذلك توفر طرق النقل والمواصلات و الخدمات التي تحتاج إليها العمليات الصناعية في الإقليم.
وتوطن الصناعة في مكان ما يرجع لعوامل متعددة و هذه العوامل تختلف أهميتها من صناعة لأخرى ، و على سبيل المثال، فان من المعروف أنه كلما كان الفاقد كبيراً أثناء عملية الصناعة كلما توطنت الصناعة في منطقة المادة الخام ، مثل صناعة السكر و الاسمنت و  الأخشاب . ولكن ذلك لا ينطبق على صناعة تكرير النحاس لأن الفاقد من عناصر الذهب والفضة و الزنك لا يمكن الاستفادة بها ، و لذلك لا يكون في نقلها أية خسارة ، و لذلك لا ترتبط هذه الصناعة بمنطقة الرخام ، و كذلك بالنسبة لصناعة الحديد الزهر التي يستفاد من الخبث الناتج عنها في صناعة الاسمنت أو مواد رصف الطرق أو غير ذلك من  الاستخدامات التي تجعل نقله لا يحقق خسارة كبيرة . و قد يكون توطن الصناعة راجعاً لأكثر من عامل في وقت واحد و على مستوى واحد من أهميته. 

Post a Comment

Previous Post Next Post