العوامل الفيزيائية والكيميائية :
1-الحرارة :
إن درجة الحرارة تعتبر عاملا مهما للتحكم في توزيع المجموعات الحيوانية وعادة تأثيرها يكون مقرونا بتأثير الرطوبة .
هناك اختلافات كثيرة في توزيع درجة الحرارة في الكرة الأرضية وذلك بسبب عاملان مهمان هما :
1. الموقع بالنسبة لخطوط العرض : فالأشعة الشمسية القادمة إلى الأرض تسقط بشكل مائل عند القطبين وعموديا على مناطق خط الاستواء . فكمية الأشعة الشمسية الساقطة على منطقة ما في القطب تعادل تقريبا 40% مما يسقط على مساحة مشابهة في منطقة ما في خط الاستواء .
2. توزيع اليابسة والماء : فاليابسة والماء تمتص الحرارة بطرق مختلفة فلذلك ينتج اختلافات واضحة في درجة الحرارة حتى في خط عرض واحد .
 فاليابسة تمتص الحرارة بسرعة وتفقده بسرعة بخلاف الماء الذي يسخن ببطء ويبرد كذلك ببطء بسبب الخلط العمودي . فهناك اختلافات واضحة يومية وموسمية في درجة الحرارة في المناخ القاري .
تغير الحرارة يعتبر عاملا مهما يتحكم في معدلات درجة الحرارة داخل جسم الكائن الحي لذلك هو بطبيعة الحال يتحكم في معدل نشاطه .
إن ارتفاع درجة حرارة الجسم يزيد من التفاعلات المهمة للعمليات الحيوية داخل جسم الكائن الحي وانخفاضها يبطئ من سرعة تلك التفاعلات . إن الحيوان في نطاق المدى الحراري الأمثل والذي يمكن تعريفه بأنه : ( أنسب مدى حراري للعمليات الحيوية والذي إذا ارتفعت أو انخفضت درجة الحرارة في نطاقه لا يتأثر الحيوان بهذا الارتفاع أو الانخفاض ) .
كل حيوان له درجة حرارة مثلى والتي يمكن تعريفها بأنها : ( أنسب درجات الحرارة والتي عندها يصل نشاط البروتوبلازم إلى درجة ذروته وهي تختلف من نوع لآخر تبعا للبيئة الأصلية التي يعيش فيها ) .
كما أن لكل نوع من الحيوانات درجة حرارة عليا مميتة وكذلك درجة حرارة سفلى مميتة وهي كذلك تختلف من نوع لآخر تبعا للبيئة الأصلية التي يعيش فيها وتلك الدرجات المميتة من الممكن أن تتغير موسميا فمثلا وجد أن درجة الحرارة العليا المميتة لبعض الأسماك 36م صيفا ولكنها انخفضت إلى 28م شتاءا .
توجد اختلافات بين الكائنات الحية وذلك فيما يخص العلاقات الكائنة بين درجة حرارة أجسامها ودرجة حرارة الوسط المحيط . ويمكن تقسيم الكائنات الحية عموما على هذا الأساس إلى الأقسام الآتية :
1- حيوانات متغيرة الحرارة piokilotherms
وهي حيوانات تتغير درجة حرارة أجسامها تبعا لتغير درجة حرارة الوسط المحيط بها وتعتبر جميع الحيوانات ماعدا الثدييات والطيور حيوانات متغيرة الحرارة .
2- حيوانات ثابتة الحرارة homeotherms
وهي حيوانات درجة حرارة أجسامها تبقى ثابتة حتى لو تغيرت درجة حرارة الوسط المحيط بها وتعتبر الحيوانات الثديية والطيور حيوانات ثابتة الحرارة وتلك الحيوانات لها أنظمة فسيولوجية أوتوماتيكية للاحتفاظ بدرجة حرارة الجسم ثابتة بالرغم من وجود درجة حرارة متغيرة في الوسط المحيط .
هذه الأنظمة الفسيولوجية تختلف من حيوان لآخر ولكن النظام الأساسي متشابها .
فالاحتفاظ بدرجة حرارة الجسم عالية عند وجود درجة حرارة منخفضة في الوسط المحيط يتطلب زيادة في معدل الأيض ( الذي يعني زيادة في إنتاج الحرارة ) وكذلك ربما يتطلب وجود عازل حراري وتلك الحيوانات ثابتة الحرارة لها عادة جلد مغطى بالفراء أو الريش يعمل كعازل هوائي بين الحيوان والوسط المحيط .
أما الاحتفاظ بدرجة حرارة الجسم منخفضة عند وجود درجة حرارة عالية فيتطلب تخفيض إنتاج الحرارة داخل الجسم وزيادة فقدان الحرارة من الجسم إلى الوسط المحيط بواسطة طرق مختلفة كتبخير الماء من الغدد العرقية أو اللهث .
إن النباتات والحيوانات متغيرة الحرارة ليس لها طرق فسيولوجية داخلية للاحتفاظ بدرجة حرارة ثابتة ولكن بعض الحيوانات متغيرة الحرارة تلجأ إلى الطرق السلوكية للتحكم في درجة حرارة أجسامها فمثلا إذا كانت درجة الحرارة منخفضة فإنها تلجأ إلى القفز بكثرة لتوليد الحرارة أو تبقى في الشمس مدة طويلة وإذا كانت درجة الحرارة مرتفعة فإنها تبقى هادئة أو تذهب إلى الظل .
وعندما تنخفض درجة الحرارة بشكل كبير فإن الحيوانات متغيرة الحرارة تصبح غير نشطة وتلجأ إلى البيات الشتوي ( أما تحت الأرض أو تحت الثلج ) تفاديا للظروف القاسية . غالبا هذه الحيوانات تقوم ببناء مواد كيميائية في سوائل أجسامها تعمل على تخفيض درجة تجمد سائل الجسم .
    هناك مجموعة أخرى من الحيوانات وأغلبها حيوانات ثديية صغيرة الحجم استطاعت أن تجمع بين صفات الحيوانات ثابتة الحرارة ومتغيرة الحرارة فبذلك يطلق عليها الحيوانات متباينة الحرارة Heterotherms .
هذه الحيوانات هي أساسا ثابتة الحرارة ولكنها تبيت بياتا شتويا فعندما يقترب الشتاء ويقل الغذاء تبحث عن ملجأ وتصبح متغيرة الحرارة فتنخفض درجة حرارة أجسامها . إن عملية البيات الشتوي في هذه الحالة تعتبر أكثر تنظيما من تلك الحيوانات متغيرة الحرارة أساسا فلو انخفضت درجة حرارة الوسط قرب التجمد فإن تلك الحيوانات متباينة الحرارة تعمل على إنتاج الحرارة وإذا استمرت في الانخفاض فإن تلك الحيوانات تستيقظ من سباتها وتصبح بالتمام ثابتة الحرارة .
لقد كان الاعتقاد سابقا أن الطيور تبيت بياتا شتويا ولكن هذا الاعتقاد تلاشى حيث اتضح أن الطيور تميل للهجرة وليس للبيات الشتوي وفي حالات نادرة وجد أن بعض الطيور تبيت بياتا شتويا .
إن درجة الحرارة يمكن أن تؤثر على أي طور من دورة حياة الكائن الحي وبذلك تؤثر على توزيع وانتشار الكائنات الحية من خلال تأثيرها على الأشياء الآتية :
1. البقاء Survival
2. التكاثر Reproduction
3. نمو الحيوانات Development
4. قدرة تلك الحيوانات على التنافس ومقاومتها للأمراض 00 الخ .
إن الكائنات الحية لها خياران للتعامل مع درجة حرارة الوسط إما :
1. قبول درجة الحرارة كما هي .
2. الهروب منها بواسطة تكيفات تطورية .
ولقد استطاعت الكائنات الحية بقدرة الله تعالى التعامل مع درجة الحرارة العالية في الصحراء ( والتي تشكل ثلث اليابسة ) أو درجة الحرارة المنخفضة في القطب وذلك بتكيفات تطورية وسلوكية مكنها من التغلب على تلك الظروف القاسية . وبعض تلك التكيفات مكنتها من زيادة مجالها الجغرافي .
وهناك دراسات عديدة لا مجال لذكرها تبين تأثير درجة الحرارة على توزيع بعض الأنواع من الكائنات الحية وبالأخص الأسماك فأصبح من الممكن تقسيمها إلى أسماك مياه باردة وأسماك مياه دافئة . كذلك توزيع النباتات لها صلة بالحرارة فالغابات الاستوائية ومنطقة التندرا لهما درجات حرارة متباينة جدا .

2- الرطوبة
تعتبر الرطوبة كذلك عاملا مهما في توزيع المجموعات الحيوانية وهناك تلازما بين درجات الحرارة والرطوبة النسبية في تأثيرها على الكائنات الحية فكما هو الحال في درجة الحرارة فإن معدل هطول الأمطار يتأثر بعاملين وهما الموقع بالنسبة لخطوط العرض وكذلك توزيع اليابسة والماء . فالأمطار تتساقط بكثرة في منطقتين أو حزامين :
1. حول خط الاستواء .
2.  بين خطي عرض 45-55
كما أن معدل هبوط الأمطار المتساقطة في الصحاري تعادل حوالي 26 بوصة في السنة بينما تصل معدل الأمطار المتساقطة في المحيطات بحوالي 44 بوصة في السنة .
كما هو معروف فإنه يتوجب على الكائنات الحية أن تحتفظ بنسبة معينة من الماء في أجسامها فلهذا لا بد من توازن بين أخذ الماء وفقده وبالتالي فإن عامل الرطوبة يعتبر مهما في توزيع الكائنات الحية فالرطوبة العالية تحد من انتشار كثير من الحيوانات . كما أن الرطوبة المنخفضة تحد من انتشار البعض الآخر وكما هو الحال في درجة الحرارة يتم ذلك من خلال تأثيرها على أي طور من أدوار الحياة وقد يشمل التأثير كلا مما يأتي :
البقاء - التكاثر - سرعة نمو الحيوانات وكذلك على مقدرتها على التنافس ومقاومة الأمراض 000الخ .
إن الماء مهم للحياة فبدونه لا يمكن وجود حياة وتتلخص أهمية الماء للحيوانات فيما يلي :
1.  يدخل في تركيب جسم الحيوان وهو يمثل أكثر من 65% من وزن الجسم كما أن الماء يكون حوالي 85 - 90% من البروتوبلازم .
2. ضروري للقيام بالعمليات الحيوية كالتمثيل الغذائي والتنفس والدوران .
3.  ضروري لإتمام عمليات الهضم والامتصاص والإخراج حيث لا يمكن حدوثها إلا في وسط مائي .
4.  يعمل على تنظيم وتثبيت درجة حرارة الجسم .
            تحصل الحيوانات على الماء إما بطريقة مباشرة من خلال شربها من المياه أو بطريقة غير مباشرة ويقصد به الماء الموجود في الغذاء كالأعشاب واللحوم وكذلك الماء المتولد في الجسم نتيجة لعمليات التمثيل الغذائي . فاحتراق الغذاء في الجسم للحصول على الطاقة تنتج كميات متباينة من الماء تختلف باختلاف نوع الغذاء . فاحتراق الدهون ينتج كمية من الماء أكبر منها عند احتراق المواد الكربوهيدراتية وهذه تنتج عنها كمية من الماء أكبر مما تنتجه البروتينات .
           إن درجة الرطوبة للوسط المحيط تتحكم في معدل فقدان الجسم للماء من خلال الجلد أو الرئة فقد دلت التجارب على أن سرعة تبخير الماء من الجسم وكذلك الفتحات التنفسية تزداد بانخفاض الرطوبة النسبية وتقل سرعة التبخير بازدياد الرطوبة فالحيوانات التي تعيش في المناطق الجافة تفقد الماء من جسمها بشكل بطيء بالمقارنة مع الحيوانات التي تعيش في المناطق الرطبة .
كما دلت بعض الأبحاث بأن هناك صلة بين المحتوى المائي للكائن الحي والمحتوى المائي للوسط الذي يعيش فيه الحيوان .
إن التكيفات لمقاومة الجفاف موجودة بشكل جيد في الحيوانات والنباتات الأرضية وخاصة تلك التي تعيش في الصحاري وتلك التكيفات تمكنها من التعامل مع نظامين مهمين :
1. الاحتفاظ بالماء .
2. تفادي التعرض للجفاف .
لقد استطاعت الحشرات بالذات ( والتي تشكل حوالي 75 % من الكائنات الحية الأرضية ) من التغلب على تأثير عامل الرطوبة واستطاعت العيش في بيئات مختلفة لأن الأطوار المختلفة من حياتها تتطلب مستويات مختلفة من درجة الرطوبة النسبية وكذلك لامتلاك الحشرات جليد غير نفاذ للماء مما يقلل من تبخر الماء من أجسامها .

3 -   عوامل أخرى :
بالإضافة لتأثيرات درجة الحرارة والرطوبة هناك عوامل أخرى تتحكم في توزيع المجموعات الحيوانية ولكن تأثيرها عاده يكون محليا مقارنة بتأثير العاملين السابقين ( الحرارة والرطوبة ) اللذان يؤثران عادة على نطاق واسع .
وسوف نذكر بعض تلك العوامل :
أ - الضوء
من المعروف أن الضوء ضروري للحياة فهو مهم لعملية التمثيل الضوئي والتي يعتمد عليها النبات في صنع غذائه .
كما أن الضوء يؤثر على نشاط الحيوان فبعض الحيوانات موجبة الاستجابة وبعضها سالبة الاستجابة للضوء . فتنشط بشكل عام في الوقت الملائم لها ولو أن بعض العوامل الأخرى يمكن أن تؤثر على ذلك النشاط . فمثلا بعض الحشرات موجبة الاستجابة للضوء ولكنها تنشط ليلا وذلك ربما نتيجة لتأثير أحد العوامل الأخرى مثل درجة الحرارة خلال النهار .
كذلك يؤثر الضوء في نمو الحيوان وتكاثره وعادة يكون مقرونا بتأثير درجة الحرارة .
يستعمل الضوء كإشارة سلوكية لتوقيت بعض النشاطات الهامة كالتزاوج والهجرة .
ب - تركيب التربة :
إن الصفات الكيميائية والفيزيائية للتربة تعتبر عاملا مهما في توزيع الكائنات الحية . ولذلك نلاحظ في كثير من الأحيان وجود مجموعات مختلفة من النباتات والحيوانات ضمن مناطق متجاورة تبعد بعضها عن البعض مسافات قصيرة .
إن توفر العناصر الغذائية في التربة يؤثر على نمو وتركيب النباتات التي تنمو فيها كما يؤثر بطريقة غير مباشرة على حياة وتكاثر الحيوانات التي تعيش على النباتات .
كما أن التركيب الفيزيائي للتربة يؤثر على تواجد الكائنات الحية فمثلا حيوان المرجان يتطلب وجود صخور صلبة بينما الديدان الحفارة تكثر في السواحل الرملية أو الطينية .
وقد تلاءمت بعض الحيوانات بطرق مختلفة مع طبيعة التربة التي تعيش فيها .

ج - التركيب الكيميائي للماء ( درجة الحموضة - الملوحة - الأكسجين )
إن التركيب الكيميائي للماء عادة يكون متجانسا في البحار والمحيطات ولكن مختلف جدا في المياه العذبة خاصة في البحيرات الصغيرة .
وتلك الصفات العديدة للماء لها تأثير على وجود الحيوانات فمثلا يستحيل وجود بعض أنواع القواقع المائية في وسط مائي فقير بكربونات الكالسيوم .

د - سرعة الرياح :
هناك تأثير مباشر للرياح على انتشار الحيوانات وبالأخص الحشرات كما أن الرياح تؤثر بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال تأثيرها على درجة الحرارة والرطوبة النسبية وسرعة تبخر الماء .
المستويات الإغتذائية والسلسة والشبكة الغذائية
          يضم كل نظام بيئي عدداً من المكونات . وهذه المكونات يمكن تتبعها من خلال تتبع انتقال الطاقة من مستوى إلى مستوى آخر . حيث إن الطاقة الضوئية المتأتية من أشعة الشمس تستقبل من قبل الصبغات الخضراء الموجودة في البلاستيدات الخضراء للنباتات المائية يضمنها الطحالب والهائمات النباتية التي بدورها تتحول إلى طاقة كيمياوية ومن خلال تثبيت غاز ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية التركيب الضوئي وتكون المواد السكرية التي بدورها تتحول إلى مركبات عضوية أخرى وتستعمل بعدئذٍ من قبل النباتات نفسها أو الكائنات الحية الأخرى التي تتغذى عليها . وبذلك تسمى النباتات بالمنتجات Producers ويطلق عليها كذلك كائنات ذاتية التغذية Autotrophs (Self - Feeding) أي يمكن أن تجهز الغذاء ( المواد العضوية ) بنفسها من خلال قيامها بعملية التركيب أو البناء الضوئي Photosynthesis التي تشمل تحويل الماء والكربون غير العضوي ( غاز ثاني أكسيد الكربون ) باستعمال الطاقة الضوئية ووجود الصبغة الخضراء ( الكلوروفيل Chlorophyll ) . في حين تدعى الكائنات الحية الأخرى التي تتغذى على هذه النباتات أو على بعضها البعض بالمستهلكات Consumers أو كائنات غير ذاتية التغذية Heterotrophs ( Other -Feeding ) وأمثلها عديدة وتضم الهائمات الحيوانية واللافقريات والفقاريات كالأسماك وصولاً إلى الإنسان . وبذلك يمكن أن نقسم المستهلكات إلى أكثر من مستوى كما في المثال التالي حيث يمثل السهم اتجاه انتقال الطاقة .
وهذا المثال أعلاه يمثل العلاقة الغذائية للنظام البيئي والتي تدعى بسلسلة الغذاء Food chain . بينما يسمى كل مستوى بالمستوى الاغتذائي Level trophic .
كما يحتوي النظام البيئي بالإضافة إلى الكائنات المنتجة والمستهلكة . كائنات محللة Decomposers والتي تضم بصورة رئيسية البكتريا والفطريات التي تتغذى على الفضلات والكائنات الميتة حيث تقوم بتحويل هذه المواد العضوية إلى مواد عضوية بسيطة وبالشكل التي يعاد استعمالها من قبل الكائنات المنتجة كالهائمات النباتية وهكذا يتم انتقال الطاقة عبر الكائنات الحية في سلسلة الغذاء الواحدة كما في الشكل رقم ( 1-2 ) .
فالنظام البيئي إذن هو كيان أو وحدة دايناميكية مستقلة ومتزنة وذات قابلية ذاتية لإدامة الحياة واستمراريتها . تتفاعل فيها عناصرها الحية مع بعضها وكذلك مع العناصر غير الحية ( الفيزياوية والكيمياوية ) حيث ينشأ نوع من التوازن بين هذه العناصر المختلفة مما يعطي للنظام حالة الاكتفاء الذاتي عن طريق سلسلة من العلاقات الغذائية وفي مستويات مختلفة يتم من خلالها انتقال وتوزيع الطاقة وتحول المواد في شبكات من الحلقات الطبيعية .
تعبر الشبكة الغذائية Food web عن الروابط الغذائية بين الكائنات الحية المختلفة الموجودة داخل السلسلة الغذائية أو مع سلسلة غذائية أخرى . كما أن شبكة الغذاء تكون أكثر استقراراً عندما تكون أكثر تعقيداً . حيث أن الشبكات المعقدة تكون مستقرة الجماعات (Population stability  ) أي أن عدد الأفراد في كل جماعة يميل إلى أن يبقى ثابتاً تقريباً ( هناك بعض الإستثناءات ) وعلى العكس في حالة وجود الاضطرابات الطفيفة في الشبكة الغذائية البسيطة قد تؤدي إلى تذبذبات كثيرة في أحجام الجماعات مما يؤدي ببعض الأنواع species إلى الفناء .
إن تجهيز الكائن الحي بالضرورات اللازمة لإكمال دورة حياته واستمراريته في عمل النشاطات الحيوية كافة هو لا شك من أهم الوظائف الرئيسة لاستقرار هذا الكائن ونموه في بيئته . حيث إن الكائنات الحية تعمل جهدها للمحافظة على نوعها فهي أحياناً تفرز عدداً من المواد التي قد تضر الكائنات الحية الأخرى فمثلاً تسعى الطحالب في النهر أن تكون نفاذيتها للماء بشكل يجعلها تستفيد منه أكبر استفادة ممكنة لإكمال العمليات الايضية ولكن عند انتقالها إلى البحر مثلاً ذو الملوحة العالية فسوف تفقد خلاياه المحتوى المائي مما يعرقل العمليات الايضية وبالتالي يحدد وجودها في ذلك المحيط وقد تكون بعض الافرازات في الكائنات الحيوانية في المحيط المائي مفيدة للطحالب حيث تدخل في تغذيتها وفي نفس الوقت تتغذى هذه الحيوانات على الطحالب وتقلل عددها .
انسياب الطاقة خلال المحيط الحيوي
Energy Flow through the Blospher
تعتمد كمية الطاقة الجاهزة بصورة مباشرة على المستوى الاغتذائي الذي يستمد منه غذاءه حيث ان الكائنات المنتجة تقوم ببناء كمية معينة من المادة العضوية لكل وحدة زمن وذلك اعتماداً على الطاقة الضوئية وامتصاصها من قبل الصبغات الخضراء في خلاياها وخلال عملية التركيب الضوئي حيث ان المادة العضوية تكون على هيئة مادة كربوهيدراتية مثل سكر الكلوكوز . وتتلخص هذه العملية بالمعادلة العامة التالية :
                                          الطاقة الضوئية
6CO +H O --------------- C H O + 6O                  
                    صبغة الكلوروفيل
وتقوم النباتات المائية ( بضمنها الطحالب والهائمات النباتية ) في النظام البيئي المائي بتثبيت غاز ثاني أكسيد الكربون على شكل مادة عضوية ( الكاربوهيدرات ) خلال العملية أعلاه حيث أنها توفر للنظام البيئي المصدر الأساسي من الطاقة نفسها وكذلك سوف توفر الطاقة للكائنات المستهلكة بالإضافة إلى توفير بعض الأوكسجين اللازم للتنفس . ومن ثم تكون عملية التنفس عملية عكسية إذا ما قورنت بعملية التركيب الضوئي من ناحية حالة الطاقة وانسيابها حيث يستمد الكائن الحي طاقته عن طريق أكسدة المادة العضوية واحتراقها . وكما هو معروف فإن التنفس عملية مستمرة لا علاقة لها بوجود الضوء أو انعدامه . ويلاحظ من المعادلة التالية بأن الأوكسجين يستهلك في حالة التنفس بينما يتحرر في حالة التركيب الضوئي :
                  طاقة (Energy  ) + 6H O + CO -------- 6O + C H O
وتقوم الكائنات المنتجة بتكوين كمية معينة من المادة العضوية في وحدة زمنية ويطلق عليها بالانتاج الكلي أو الإجمالي gross prodution  ويعبر عنها بالطاقة بدلاً من الكتلة الحية Blomass  ويقدر الإنتاج الكلي للمحيط الحيوي حوالي 43.6 10 كيلو كالوري ( سعر كبير ) لكل سنة في الكائنات الحية البحرية وحوالي 57.4  10 كيلو كالوري ( سعر كبير ) في كل سنة من المصادر البرية وللكل حوالي 10 كيلو كالوري لكل سنة ( محمد صالح وجماعته 1980 ) .
وتقوم الكائنات الحية البحرية باستهلاك جزء من إنتاجها الكلي لغرض إكمال عملية تنفسها وما يتبقى بعد ذلك هو الإنتاج الصافي net prodution الذي يعتبر كمية الطاقة المتوفرة بصورة كامنة للكائنات آكلات الأعشاب herbivores والكائنات المحللة decomposers .
ويمكن تلخيص ما ذكر أعلاه بالمعادلتين التاليتين :
الإنتاج الكلي = الإنتاج الصافي + التنفس
الإنتاج الصافي = الطاقة المستهلكة من قبل آكلات الأعشاب والكائنات المحللة + المحصول المتبقي Standing crop 

وعلى سبيل المثال في إنتاجية ينابيع سلفر في فلوريدا كأحد الأنظمة البيئية المائية كان إنتاجها الكلي يعادل تقريباً 1.2 % تقريباً من مجموع الإشعاع الشمسي الساقط . وبما أن التنفس يشكل حوالي 58 % من الإنتاج الكلي فبالإمكان استخراج الإنتاج الصافي باستخدام المعادلة أعلاه والذي سوف يعادل 42 % من الإنتاج الكلي ( الشكل رقم 1-3 ) . ومن هذا الشكل نرى انسياب الطاقة في هذا النظام البيئي المائي خلال جميع المستويات الاغتذائية .
حيث أن 3368 كيلو سعرة لكل متر مربع في السنة تستهلك من قبل آكلات الأعشاب التي تشكل فقط 16 % تقريباً من الإنتاج الكلي للكائنات المنتجة . ويلاحظ في الجدول رقم ( 1-2 ) الأرقام الخاصة لمستويات الاغتذاء الأربعة ، ويمثل الشكل رقم ( 1-4 ) مخططاً لهذه المعلومات يبين انسياب الطاقة خلال المستويات الاغتذائية المختلفة . ويلاحظ الانخفاض الشديد في الإنتاج الصافي من مستوى معين إلى المستوى الذي يليه .
وباستخدام هرم الطاقة energy pyramid يمكن توضيح انسياب الطاقة المتوفرة ونقصها عند كل مستوى اغتذائي عن المستوى الذي يليه ويمثل كل مستطيل من الهرم الطاقة المستحصلة في الإنتاج الكلي بواسطة جميع الكائنات الحية في ذلك المستوى الاغتذائي المعين . ويبين الإنتاج الكلي مقسماً إلى جزئيه التنفس والإنتاج الصافي ( الشكل رقم 1-5 ) .
ويلاحظ مما تقدم من توضيحات بأن الطاقة المتوفرة لآكلات اللحوم أقل من تلك المتوفرة لآكلات الأعشاب ومن خلال السلسلة الغذائية يلاحظ نقصٌ كبيرٌ في الطاقة المتوفرة للكائنات المستهلكة التي تتغذى على ذلك المستوى . ويلاحظ في مثال ينابيع سلفر بأن نسبة الإنتاج الصافي لآكلات الأعشاب إلى الإنتاج الصافي للكائنات ذاتية التغذية هو حوالي 17% وهذه النسبة تكون 4.5 % تقريباً من آكلات اللحوم الأولية إلى آكلات الأعشاب . ومن آكلات اللحوم العليا إلى آكلات اللحوم الأولية تكون حوالي 9% وبصورة تقريبية تكون كفاءة الإنتاج الصافي حوالي 10% فقط . ومعناه إذا كان هناك 100 سعرة من إنتاج نباتي صافي فيتوقع حوالي 10 سعرات فقط من إنتاج صافي لآكلات الأعشاب وحوالي سعرة واحدة فقط من إنتاج صافي لآكلات اللحوم . أي أن حوالي 90% من الطاقة من أي مستوى اغتذائي يفقد إلى المستوى الذي يليه .

Post a Comment

Previous Post Next Post