ابن الرومي في مدن الصفيح البعد الاجتماعي القضايا الاجتماعية والسياسية
القيم الحرية الإنسانية الحب
ابن الرومي
في مدن الصفيح" مفارقة رمزية ودلالية بين شاعر عربي عاش في العصر العباسي حياة
شعبية قوامها الفقر والانكماش والخوف والتكسب، ومكان معاصر هو المدينة بأحيائها القصديرية
الصفيحية التي تشخص التفاوت الطبقي والصراع الاجتماعي وافتقار الناس البسطاء إلى أبسط
حقوق الإنسان. أي أن العنوان يحيل على جدلية الأزمنة: الماضي والحاضر وتداخلهما. ومن
خلاله، يتبين لنا أن الكاتب يعصرن التراث ويحاول خلقه من جديد عن طريق محاورته ونقده
والتفاعل معه تناصا ومتناصا. ويعني هذا، أن عبد الكريم برشيد يشتغل كثيرا على التراث
حتى أصبح نموذجا يقتدى من قبل المسرحيين الهواة وحتى من قبل رواد المسرح الاحتفالي
مثل: الطيب الصديقي، وإبراهيم العلج وعبد الله شقرون. وهذه العناوين المدهشة الغريبة
التي يتداخل فيها الماضي والحاضر أو التراث وحضور المكان (المدينة المعاصرة) موجودة
عند برشيد بكثرة مثل: امرؤ القيس في باريس، عنترة في المرايا المكسرة، النمرود في هوليود.
بن الرومي في مدن
الصفيح" مفارقة رمزية ودلالية بين شاعر عربي عاش في العصر العباسي حياة شعبية
قوامها الفقر والانكماش والخوف والتكسب، ومكان معاصر هو المدينة بأحيائها القصديرية
الصفيحية التي تشخص التفاوت الطبقي والصراع الاجتماعي وافتقار الناس البسطاء إلى أبسط
حقوق الإنسان. أي أن العنوان يحيل على جدلية الأزمنة: الماضي والحاضر وتداخلهما. ومن
خلاله، يتبين لنا أن الكاتب يعصرن التراث ويحاول خلقه من جديد عن طريق محاورته ونقده
والتفاعل معه تناصا ومتناصا. ويعني هذا، أن عبد الكريم برشيد يشتغل كثيرا على التراث
حتى أصبح نموذجا يقتدى من قبل المسرحيين الهواة وحتى من قبل رواد المسرح الاحتفالي
مثل: الطيب الصديقي، وإبراهيم العلج وعبد الله شقرون. وهذه العناوين المدهشة الغريبة
التي يتداخل فيها الماضي والحاضر أو التراث وحضور المكان (المدينة المعاصرة) موجودة
عند برشيد بكثرة مثل: امرؤ القيس في باريس، عنترة في المرايا المكسرة، النمرود في هوليود.
تدور أحداث المسرحية
ذات الطابع الاجتماعي التاريخي حول عالم تداخلت فيه الأزمنة بشكل غريب، ويعيش في الماضي
بالحاضر ليصبح هذا الحاضر متضامنا مع كل الأزمنة المختلفة، وخلالها تتعدد العوالم في
هذا العالم، ما يتشكل عن ذلك اصطدام وتقاطع كبيرين يؤديان إلى تولد صراعات خفية بين
عالم الشرق والغرب، وكذا حدوث صراعات أيضا بين عالم الأغنياء والفقراء، وبين عالم المرأة
والرجل، وعليه أصبح هذا العالم يعرف بالمتناقضات ويجسد بدوره كل مظاهر الصراع، وتتجسد
تلك الصراعات بين عالم الأضواء وعالم الظلال وبين عالم الأشباح وعالم الأجساد وبين
عالم الأحلام وعالم الأقنعة، لكن في حقيقة الأمر لا وجود سوى لعالم واحد هو عالم الإنسان،
هذا ما جسدته ركحيا تعاونية ''الملقى'' لتندوف حين أحدثوا بعض الإسقاطات على الواقع
الاجتماعي المرّ الذي تتخبط فيه الطبقة الفقيرة من المجتمع، حيث قام الممثلون وهم يتجوّلون
على الركح، بتعرية بعض المظاهر الاجتماعية التي لا تليق بالحياة الإنسانية الكريمة،
فمشاهد العرض قادتنا إلى عالم مليء بالمتاهات، وذلك من خلال تغلغل الممثلين في الدهاليز
العميقة حيث الفقر متربع عن العرش.
إن حكاية الشاعر
الفقير هاهنا هي حكاية ابن الرومي الذي أقفل الباب خلفه وابتعد عن الناس وانتكاسات
الحياة وإحباطاتها ليوصف بالخوف والتشاؤم والقلق والانغلاق الذي سيتحول إلى انفتاح
تام وتواصل كامل مع الناس عندما وعي بأن شقاءه يرتبط بوضعه الاجتماعي المزري في حي
فقير حيث سيادة الغبن والظلم والاستغلال والتفاوت الاجتماعي ليقرر الاختلاط والنضال
ممثلا بذلك نموذج الإنسان الاحتفالي العاشق للحياة والرغبة في النضال.
ولم يكن فضاء الحي
القصديري قاتما تماما وسلبيا كليا، بل تضمن دلالات أخرى تجعل الحياة فيه أمرا ممكنا
والاستمرار في العيش فيه متاحا، من قبيل العلاقات الاجتماعية الوطيدة بين ساكنيه مما
يؤشر على التضامن والتعاون والتآزر وهو ما يجسد حوار ابن الرومي وأشعب المغفل.
مسرحية ابن الرومي
في مدن الصفيح مسرحية متركبة من لوحتين منفصلتين: لوحة واقع المدينة بأحيائها القصديرية
وبؤسها المأساوي وانتشار الفكر الاستغلالي والتفاوت الاجتماعي والطبقي(لوحة الواقع
الاجتماعي)، ولوحة ابن الرومي التي يعكسها التخييل الدرامي عن طريق خيال الظل( التخييل
التاريخي والتراثي). وداخل هذا السرد التخييلي نجد صراعا بين راو يعيش على أنقاض الماضي
والبطولة الضائعة وراو يعيش عصره ويعانق همومه مثل المثقف العضوي الذي تحدث عنه أنطونيو
غرامشي.كما أن المسرحية تزاوج بين الأصالة " ابن الرومي- ابن دانيال" والمعاصرة
" واقع المدينة".وتبقى المدينة فضاء دراميا وسينوغرافيا لكثير من الكتابات
المسرحية لما لهذا الفضاء المعاصر من آثار سلبية على الإنسان المعاصر بسبب الطابع التشييئي
للعلاقات الإنسانية الناتجة عن الرأسمالية الجشعة والليبرالية الاقتصادية الفردية والعولمة
التي صارت تغولا من شدة الاحتكار والتغريب وتحييد الأصالة وكل الخصوصيات الحضارية والفكرية
للشعوب الضعيفة أو النامية، وهو ما نجده في مسرحيات برشيد الأخرى مثل: إمرؤ القيس في
باريس، والنمرود في هوليود أو عند المسكيني الصغير في: عودة عمر الخيام إلى المدينة
المنسية، والخروج من معرة النعمان، و في أهل المدينة الفاضلة لرضوان أحدادو، ومرتجلة
فاس لمحمد الكغاط، ومدينة العميان لمحمد الوادي، والهجرة من المدينة لعبد الكريم الطبال.
ويتبين لنا مما سلف،
أن مسرحية ابن الرومي هي مسرحية احتفالية اجتماعية واقعية جدلية تستحضر التراث لغربلته
وتعريته وتشخيص عيوبه قصد إضاءته من جديد وإعادة بنائه أو ترمييمه عبر النقد الذاتي
والتغيير الداخلي. وفي هذا الصدد يقول الدكتور مصطفى رمضاني: " برشيد قد وظف شخصية
ابن الرومي كرمز للمثقف العربي غير المتموضع طبقيا، لأنه يعيش أزمة التأرجح بين طموحاته
الطبقية والإحباطات المتتالية التي يعيشها في المجتمع. لهذا وجدناه يصور ابن الرومي
كشخصية مركبة: ابن الرومي الوصولي، ابن الرومي العالم، ابن الرومي الثائر. فابن الرومي
شخصية قد خلقها برشيد من خياله حقا."
Post a Comment