تلعب الأعياد الاسلامية
دوراً هاماً في حياة المسلمين الملتزمين. يتضمن
التقويم الإسلامي اثني عشر شهراً، ولكن التقويم الإسلامي قمري بدلاً من التقويم الشمسي،
وهو أقصر من التقويم الشمسي بأحد عشر يوماً وبضع ساعات. وبالتالي، كل عام تقع الأعياد
قبل أحد عشر يوماً من العام الذي سبقه؛ ويحقق التقويم الإسلامي دورة أعياد كاملة كل
ثلاثين عاماً تقريباً.
أهم الأعياد الإسلامية
هو عيد الكبير، كما يُعرف بعيد الأضحى. يقع هذا العيد في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة
- وهو الشهر الذي يتم فيه الحج إلى مكة المكرمة. في ذلك اليوم، يحيي المسلمون ذكرى
سماح الله لإبراهيم بتقديم خروف كضحية بدلاً من ابنه إسماعيل. وفي هذا اليوم، يضحي
المسلمون في العالم بخروف أو عدة خراف. ويتم توزيع بعض اللحوم على الفقراء.
خلال شهر رمضان،
لا يجوز للمسلم أن يأكل أو يشرب بين شروق الشمس وغروبها (يعفى المرضى والحوامل وجنود
الجبهة من الصيام). في بعض الأحيان، يأتي شهر رمضان في الصيف، عندها يكون الامتثال
لهذه القواعد أصعب بكثير. وبعد غروب الشمس، توضع المأكولات والمشروبات بوفرة حتى وقت
متأخر من المساء والأجواء منعشة (الإفطار). يبدأ الإفطار بتناول بعض التمرات وشرب الحليب.
وينتهي شهر رمضان بعيد الفطر، ويحصل الأطفال خلاله على الهدايا.
قيم التضامن والتعاون
بين المسلمين في الاعياد
يوم العيد هو يوم
التضامن مع الفقراء والمساكين والمحتاجين، فقد فرض الله تعالى في عيد الفطر زكاة الفطرة،
وهي واجبة إجماعاً بين المسلمين، وإعطاء الزكاة من تمام الصوم، فعن زرارة، عن أبي عبدالله
(عليه السلام) أنه قال: (( من تمام الصلاة إعطاء الزكاة، كالصلاة على النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم) من تمام الصلاة، ومن صام ولم يؤدها فلا صوم له إذا تركها متعمداً،
ومن صلى ولم يصل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وترك ذلك متعمداً فلا صلاة له،
إن الله تعالى بدأ بها قبل الصلاة (10) فقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ
اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ (11) .
وزكاة الفطرة فيها
تضامن ومواساة وتراحم مع الفقراء والمساكين الذين قد اضطرتهم الظروف الحياتية كي يعيشوا
في حالة ضعف ومسكنة، وهم بأمس الحاجة لمد يد المساعدة والمعاونة لهم، وخصوصاً في أيام
العيد.
ومن أهم فوائد دفع
زكاة الفطرة هو مساعدة الفقراء والمحتاجين كي يتمكنوا من تلبية متطلبات يوم العيد لأطفالهم
ومن يعولون من أفراد أسرتهم.
وتشكل زكاة الفطرة
واجباً مالياً مهماً وكبيراً، إذ يلتزم كل المسلمين ـ تقريباً ـ بدفع ما عليه من زكاة
الفطرة، وفي ذلك عائد مالي كبير ومهم، لكن يجب تحسين الأداء في توزيع تلك الأموال على
المحتاجين والفقراء والمساكين بما يغطي حاجاتهم في يوم العيد وما بعده.
لقد عني الإسلام
بالتكافل الاجتماعي أن يكون نظاماً لتربية روح الفرد وضميره وشخصيته وسلوكه الاجتماعي
وأن يكون نظاماً لتكوين الأسرة وتنظيمها وتكافلها وأن يكون نظاماً للعلاقات الاجتماعية
بما في ذلك العلاقات التي تربط الفرد بالدولة وأن يكون في النهاية نظاماً للمعاملات
المالية والعلاقات الاقتصادية التي تسود المجتمع الإسلامي.
وهكذا نرى أن مدلولات
البر والإحسان والصدقة ـ وحتى الزكاة ـ تتضاءل أمام هذا المدلول الشامل للتكافل الاجتماعي
كما عناه الإسلام وكما طبقه في واقع الحياة في يوم من الأيام([1]).
يمكن التمييز بين نوعين من قيم التضامن
بمناسبة عيد الأضحى؛ القيم المعنوية والقيم المادية. أما القيم المعنوية فتتجلى في
الخطاب الذي ساد في المساجد طيلة عشرين يوما قبل عيد الأضحى وكان تحت إشراف المجالس
العلمية المحلية والمندوبيات الجهوية لوزارة الأوقاف، وهو الخطاب الذي استحث فيه الخطباءُ
والوعاظُ الناسَ على قيم التواد والتراحم والتعاون والتآزر وغيرها من صور التواصل الاجتماعي
المفضية إلى بناء مجتمع متماسك يشعر فيه الموسر بآلام وأحزان المعسرين.
وأما القيم المادية
فتجلت في أعمال صالحة أسهمت في التخفيف من آلام المحتاجين وقد تولى أمرها جمعيات المجتمع
المدني التي تلعب دور الوسيط بين الموسرين والمعسرين، وذلك بجمع المال وتوزيعه بأمانة
وإنصاف على المحتاجين، ويكون هذا التوزيع إما نقدا أو باقتناء أضاحي وتوزيعها على الفقراء
واليتامى والمساكين وغيرهم.
وينضاف إلى هذه الجهود
الطيبة مبادرات فردية يتفضل فيها بعض الناس بالبحث عن محتاجين أقعدهم الفقر عن اقتناء
أضاحيهم. ونوع آخر من التضحية والتراحم الالتفات إلى الطلبة الأجانب ممن قصدوا بلدنا
لاستكمال دراستهم فهؤلاء غالبا لا يفكرون في أضحية العيد مع ما نرى عندهم من اهتمام
بشعائر العيد الأخرى فتتحرك الهمم لاستكمال فرحتهم بالعمل على اقتناء أضحيتهم.
إرسال تعليق