منهجية تكسير البنية
في بداية القرن العشرين ظهر الاتجاه الذاتي الذي حاول التجديد في القصيدة العربية، غير أنه فشل في ذلك على مستوى الشكل والمضمون بسبب النقد المحافظ. وهذا ما فسح المجال أمام اتجاه شعري ثار على مقومات القصيدة التقليدية شكلا ومضمونا. وأسس تيارا شعريا جديدا يستجيب للتحولات السياسية والاجتماعية التي عرفها العالم العربي بعد النكبة. حيث انفتح الشعراء على مفاهيم شعرية غربية، فتحرروا من طرق التعبير التقليدية التي عجزن عن استيعاب التفاعل بين الذات والواقع. وقد أرسى دعائم هذا التيار الشعري مجموعة من الشعراء مثل نازك الملائكة، السياب، البياتي...، من بينهم (اذكر الشاعر). فإلى أي حد مثلت قصيدته نموذج تكسير البنية؟
استهل الشاعر قصيدته بالحديث (تلخيص القصيدة........).
معجميا وظف الشاعر ألفاظا سهلة قريبة من المتداول اليومي، غير أنها تحمل دلالات مغايرة للمألوف. ويمكن توزيع ألفاظ النص وعبارته إلى (اذكر عدد الحقول) حقل X  وتدل عليه الألفاظ والعبارات الآتية: (........)، وحقل y وتحيل عليه الألفاظ والعبارات الآتية: (......). والعلاقة التي تجمع بين الحقول هي علاقة (.....).
على المستوى التصويري اعتمد الشاعر على مجموعة من الصور لرسم (الفكرة العامة)، واستعمل في ذلك أسلوب التشبيه (مثال محلل)، وأستعمل أيضا أسلوب الاستعارة (مثال محلل)، كما استعان الشاعر بالرمز (استخرجها من النص). وهذه الصور في مجملها صور كبرى تفاعلت فيما بينها لتؤدي وظيفة ايحائية تأثيرية تعبيرية.
وإذا تأملنا المستوى الإيقاعي للقصيدة، فإننا سنجده يمثل مظهرا آخر من مظاهر تكسير بنية القصيدة العربية، حيث استغنى الشاعر عن البحر الشعري وعوضه بنظام الأسطر الشعرية، حيث اعتمد في إيقاعه الخارجي على نظام التفعيلة كوحدة وزنية في القصيدة ، توزعت على الأسطر الشعرية طولا وقصرا بشكل راعى الدفقة الشعورية والفكرية من حيث الوقفة الدلالية والعروضية، مع التنويع في القافية والروي فالقافية تارة مقيدة (أمثلة)،  وتارة أخرى وتارة غير مقيدة (أمثلة) أما الروي فمتغير لكن هناك أروية متميزة (أمثلة..). هذا على مستوى الإيقاع الخارجي، أما الإيقاع الداخلي فقد زاوج فيه الشاعر بين التوازي والتكرار، فالتوازي تجلى في التوازي الدلالي (ترادف أو تضاد)، والتوازي التركيبي (مثال). أما التكرار فقد تجسد في التكرار بعض الأصوات (اذكر أصوات تكررت في القصيدة أو في بيت معين)، وتكرار بعض الكلمة (أمثلة) وتكرار بعض العبارة (أمثلة). وقد تضافر عناصر التكرار والتوازي جميعها لخدمة الغرض الأساس وخلق مسحة تزيينية وجرس موسيقي،كما ساهمت في وضع المتلقي أمام معاناة الشاعر وتجربته.
أما بخصوص الأساليب فقد مزج الشاعر بين أسلوب الخبر والإنشاء، مع هيمنة واضحة للأسلوب الخبري للإخبار عن (تلخيص مضمون النص)،ووظف الإنشاء خاصة ( تمني استفهام أمر نهي نداء تعجب قسم  " للتعبير عن انفعالاته النفسية، هذا وقد هيمن ضمير (المتكلم المخاطب الغائب ....) الذي انسجم مع موضوع القصيدة, أما الأفعال فقد هيمن على النص الفعل (المضارع الماضي الأمر مع إبراز دلالته).
بناء على ما سبق نستنتج أن قصيدة (اذكرها) تمثل نموذج تكسير البنية شكلا ومضمونا، فالمضمون يعالج قضية ذات بعد إنساني، مرتبطة بالواقع المعاش. أما من حيث الشكل فقد خرق نظام الشطرين المتناظرين؛ بتوظيف بنية إيقاعية متنوعة قائمة على نظام الأسطر والمقاطع ووحدة التفعيلة، مع هيمنة صور شعرية كبرى..، الانفتاح على عوالم تنصهر فيها التجربة الذاتية بالتجارب الإنسانية.


Post a Comment

Previous Post Next Post