خصائص القيم الاسلامية  
   القيم الإسلامية تتميز بخصائص تميزها عن القيم في المجتمعات غير الإسلامية ، وهذه الخصائص مستمدة من خصائص هذا الدين العظيم ، ومن هذه الخصائص :
1- الربانية : فالقيم الإسلامية ربانية المصدر ، بمعنى أنها مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله أساساً ، وكتاب الله هو من لدن حكيم خبير ، وأما السنة النبوية فهي أيضاً مستمدة من عند الله على لسانه رسوله " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيُ يوحى " أما المصادر الأخرى كالإجماع والاجتهاد والعرف فيجب أن تكون محكومة بالمصدرين الأساسيين ولا تناقضهما ، وبالتالي فهي أيضاً يمكن اعتبارها قيماً ربانية ، بمعنى أنها مستمدة من شريعة الله ولا تناقضها .
   ويتضح مما سبق أن كون القيم الإسلامية ربانية المصدر لا ينفي دور العقل في الاجتهاد ضمن حدود شرعة الله ، وبحيث يكون عمل الفكر البشري أساساً التلقي والإدراك والتكيف والتطبيق في واقع الحياة .    ( قطب ، 1978 ، 51-54)
2- الثبات : والثبات هنا لا يعني الجمود ، بل هو كما يقول سيد قطب " خاصية الحركة داخل إطار ثابت حول محور ثابت " . ويقول:" هناك ثبات في مقومات التصور الإسلامي وقيمه الذاتية ، فهي لا تتغير ولا تتطور حينما تتغير ظواهر الحياة الواقعية وأشكال الأوضاع العملية ، فهذا التغير يظل محكوماً بالمقومات والقيم الثابتة لهذا التصور .. ولا يقتضي هذا " تجميد " حركة الفكر والحياة ، ولكنه يقتضي السماح لها بالحركة – بل دفعها دفعاً – ولكن داخل هذا الإطار الثابت وحول هذا المحور الثابت . (قطب،1978،85)
3-   الشمول : فالقيم الإسلامية تتمثل فيها صفة الشمول من نواح عدة :
    فهي شاملة لكل ما يصلح الفرد والمجتمع ، وهي شاملة لجميع مناشط الحياة الإنسانية ،   وهي شاملة لكل العلاقات التي تربط المسلم بغيره سواءً علاقته بربه أو بالمسلمين أو غير المسلمين أو علاقته بالحيوان والجماد وجميع مخلوقات الله كما أنها شاملة في تلبيتها لحاجات النفس والعقل والوجدان والجسد " ما فرطنا في الكتاب من شيء " .
4- التوازن : فهناك التوازن والوسطية وعدم الإفراط أو التفريط ، وهذا التوازن يظهر بمظاهر شتى : فهناك توازن بين الجانب الذي تتلقاه الكينونة الإنسانية لتدركة وتسلَّم به وبين الجانب الذي تتلقاه لتدركه وتبحث حججه وبراهينه وتحاول معرفة علله وغاياته وتفكر في مقتضياته العملية وتطبقها في حياتها الواقعية ، وهناك توازن بين متطلبات الفرد ومتطلبات الجماعة فلا يطغى جانب على آخر ، وهناك توازن بين متطلبات الدنيا ومتطلبات الآخرة " وكذلك جعلناكم أمة وسطاً " .
5- الإيجابية : فالقيم الإسلامية قيم إيجابية بكل ما تعني هذه الكلمة ، فهي إيجابية خيرة تؤدي بمن يعتنقها إلى سعادة الدنيا والآخرة ، وهي إيجابية فاعلة في علاقة الله سبحانه بالكون والحياة والإنسان ، وهي إيجابية فاعلة في دور الإنسان ووظيفته في هذا الكون .
6- الواقعية : فالقيم الإسلامية قيم واقعية تتعامل مع الحقائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي المستيقن والأثر الواقعي الإيجابي ، لا مع تصورات عقلية مجردة ، ولا مع مثاليات لا مقابل لها في عالم الواقع ، ولكن هذه الواقعية واقعية مثالية ، أو مثالية واقعية ، لأنها تهدف إلى أرفع مستوى وأكمل نموذج تملك البشرية أن تصعد إليه .
7- قيامها على مبدأ التوحيد : فقيمة التوحيد هي أساس القيم كلها ، وكل قيمة تتعارض مع هذه القيمة هي قيمة مرفوضة إسلامياً ، ومن هذا المنطق لا يجوز لفرد أو جماعة أن يتعارفوا على قيم تتعارض وتوحيد الله ، ومن هنا أيضاً كان لابد للإجماع في الشريعة من ألا يناقض أي مبدأ من مبادئ الإسلام ، ويجب أن يكون الإجماع محكوماً بكتاب الله وسنة رسوله ولا يناقضهما .
8-  الاستمرارية : فالقيم الإسلامية قابلة للتطبيق في كل زمان ومكان لأنها أولاً مستمدة من شريعة الله الصالحة لكل زمان ومكان ، كما أنها جاءت منسجمة مع الفطرة الإنسانية السليمة التي لا تتبدل بتبدل الأحوال والظروف .
9- المرونة : فهي قيم ليست جامدة – كما سبق أن تحدثنا في البند الثاني – ولكنها مرنة – دون أن تبتعد عن شريعة أو تشت عنها – والمرونة هي التي تجعلها صالحة لكل زمان ومكان وفيها نوع من الاجتهاد وتجمع بين الإطلاق والنسبية ولبيان كيفية المرونة
نضرب مثالاً بقيمة الإنفاق في سبيل الله ، فهذه قيمة ثابتة ومستمرة لا تتغير ولا تتبدل ، ولكن تطبيقها فيه مرونة بحسب الظروف ، فقد يكون الإنفاق بالنقود أو الملابس أو الحيوانات أو بناء مؤسسات خيرية .. الخ .
10-   عدم تعارضها مع العلم : فهي قيم صائبة وصحيحة لأنها من لدن عليم خبير ، ولا يمكن أن تصطدم بقاعدة علمية صحيحة .
11-         التسامح والحرية : فهي قيم قائمة على التسامح وحرية الاختيار والاقتناع " لا إكراه في الدين " .

Post a Comment

Previous Post Next Post